هل كان الهواري بومدين "عميلا" للجنيرال ديغول؟

هل كان الهواري بومدين "عميلا" للجنيرال ديغول؟ الجنيرال دوغول وهواري بومدين
يجزم‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬بلة،‭ ‬أول‭ ‬رؤساء‭ ‬الجزائر‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال،‭ ‬أن‭ ‬"الهواري‭ ‬بومدين‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬رصيد‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية،‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مناضلا‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الشعبي‭ ‬الجزائري"‭. ‬فما‭ ‬هو‭ ‬السر‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬بومدين،‭ ‬واسمه‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬"محمد‭ ‬بن‭ ‬إبراهيم‭ ‬بوخروبة" [ولد‭ ‬بقرية‭  ‬هيليوبوليس‭ ‬بولاية‭ ‬قسطنطينة]،‭ ‬إلى‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬قادة‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية؟‭ ‬
الحكاية‭ ‬بدأت،‭ ‬كما‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬مؤرخون‭ ‬بمنطقة‭ ‬«غارديماو»،‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية-الجزائرية،‭ ‬حيث‭ ‬اتصل‭ ‬به‭ ‬الفرنسيون‭ ‬للعمل‭ ‬ضمن‭ ‬مخطط‭ ‬الجنرال‭ ‬ديغول‭ ‬بعد‭ ‬خروج‭ ‬فرنسا،‭ ‬وهو‭ ‬المخطط‭ ‬القاضي‭ ‬بتصفية‭ ‬رجال‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية‭ ‬الحقيقيين‭ ‬«أمثال‭ ‬عبان‭ ‬رمضان،‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬خدة،‭ ‬مصطفى‭ ‬بن‭ ‬بولعيد،‭ ‬عميرة‭ ‬علاوة‭...‬»،‭ ‬وإحلال‭ ‬الضباط‭ ‬الجزائريين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬الفرنسية‭ ‬محلهم‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬«يبقى‭ ‬الجزائر‭ ‬فرنسية‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬أوجه»،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تعهد‭ ‬به‭ ‬الجنرال‭ ‬ديغول‭ ‬في‭ ‬مذكراته‭.‬
وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬التدابير‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬الجنرال،‭ ‬قبل‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المستعمرة،‭ ‬دعمُ‭ ‬مجموعة‭ ‬«ضباط‭ ‬فرنسا»‭ ‬التي‭ ‬شكلها‭ ‬هواري‭ ‬بومدين‭ ‬بإيعاز‭ ‬من‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬لاستلام‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬والتي‭ ‬يعرف‭ ‬أعضاؤها‭ ‬باسم‭ ‬«ليداف» les dafs))،‭ ‬وهم‭ ‬العسكريون‭ ‬الجزائريون‭ ‬الفارون‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الفرنسي‭ ‬والملتحقون‭ ‬بالثورة‭ ‬عام‭ ‬1959،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬سُمّي‭ ‬«فوج‭ ‬لاكوست»،‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬روبير‭ ‬لاكوست،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬حاكماً‭ ‬عاماً‭ ‬مقيماً‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1956‭ ‬و1958‭. ‬وهؤلاء‭ ‬هم‭ ‬احتلوا‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬(1962)،‭ ‬مقدمة‭ ‬المسرح‭ ‬السياسي‭ ‬الجزائري،‭ ‬فهم‭ ‬الذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬يقودون‭ ‬الجيش،‭ ‬ويسيطرون‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬المخابرات‭ ‬والأمن،‭ ‬ويمسكون‭ ‬بزمام‭ ‬الحكومة،‭ ‬ويتمتعون‭ ‬بنفوذ‭ ‬مخيف‭ ‬أجبر‭ ‬قادة‭ ‬الثورة‭ ‬الحقيقيين‭ ‬على‭ ‬التراجع‭ ‬إلى‭ ‬الخلف،‭ ‬أو‭ ‬أدى‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬التصفية‭ ‬أو‭ ‬الاعتقال‭ ‬أو‭ ‬التحييد،‭ ‬وفي‭ ‬أحسن‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬«الإلحاق»،‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬هؤلاء‭ ‬الوافدين‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الفرنسي،‭ ‬الجنرال‭ ‬خالد‭ ‬نزار،‭ ‬والجنرال‭ ‬محمد‭ ‬مدين‭ ‬المشهور‭ ‬بـ‭ ‬«توفيق»،‭ ‬مدير‭ ‬الاستخبارات‭ ‬العسكرية‭ ‬السابق،‭ ‬والجنرال‭ ‬محمد‭ ‬العماري‭ ‬القائد‭ ‬السابق‭ ‬لأركان‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الجنرال‭ ‬العربي‭ ‬بلخير،‭ ‬والجنرال‭ ‬محمد‭ ‬التواتي،‭ ‬وغيرهم‭ ..‬
ومما‭ ‬يؤكد‭ ‬عمالة‭ ‬الهواري‭ ‬بومدين‭ ‬لفرنسا‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الجزائرية‭  ‬المؤقتة،‭ ‬بلعيد‭ ‬عبد‭ ‬السلام،‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬«التحاق‭ ‬ضباط‭ ‬فرنسا‭ ‬كان‭ ‬مبرمجا»،‭ ‬بينما‭ ‬صرح‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الضباط‭ ‬قنبلة‭ ‬أرسلها‭ ‬ديغول‭ ‬للجزائر‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بومدين،‭ ‬لما‭ ‬حوصر‭ ‬بقوة‭ ‬الأدلة‭ ‬التي‭ ‬تدينه‭ ‬وتكشف‭ ‬عمالته‭ ‬لفرنسا،‭ ‬قام‭ ‬باعتقال‭ ‬بعض‭ ‬قادة‭ ‬الثورة‭ ‬المشهود‭ ‬لهم‭ ‬بالالتزام‭ ‬الوطني،‭ ‬وأعرب‭ ‬عن‭ ‬نيتته‭ ‬في‭ ‬تصفيتهم‭ ‬أو‭ ‬تهميشهم،‭ ‬أمثال‭ ‬الباءات‭ ‬الثلاثة:‭ ‬«عبد‭ ‬الحفيظ‭ ‬بوصوف،‭ ‬الذي‭ ‬اعتزل‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬غداة‭ ‬الاستقلال‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توفيَّ‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬سنة‭ ‬1980،‭ ‬والذي‭ ‬يُروى‭ ‬عنه‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬سُئل‭ ‬عن‭ ‬وصيته‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬الوفاة،‭ ‬قال:‭ ‬«أرجوكم‭ ‬لا‭ ‬تثقوا‭ ‬في‭ ‬فرنسا»)؛‭ ‬(كريم‭ ‬بلقاسم‭ ‬الذي‭ ‬فرَّ‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬وأصبح‭ ‬معارضا‭ ‬من‭ ‬المنفى،‭ ‬لكنه‭ ‬وُجد‭ ‬مقتولا‭ ‬في‭ ‬غرفته‭ ‬بأحد‭ ‬فنادق‭ ‬فرانكفورت‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬خريف‭ ‬1970)؛‭ ‬(الأخضر‭ ‬بن‭ ‬طوبال‭ ‬الذي‭  ‬اعتزل‭ ‬السياسة‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬ليتقلد‭ ‬وظائف‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬مقامه‭ ‬منها‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬شركة‭ ‬الحديد‭ ‬والصلب،‭ ‬ثم‭ ‬توارى‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭ ‬في‭ ‬فيلا‭ ‬ساحرة‭ ‬بحي‭ ‬حيدرة‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬العاصمة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توفي‭ ‬سنة‭ ‬2010)‭. ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬وقوف‭ ‬بومدين‭ ‬وراء‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاغتيالات‭ ‬بعد‭ ‬إنشائه‭ ‬لفرق‭ ‬اغتيالات‭ ‬خاصة‭ ‬تتبع‭ ‬وتصفي‭ ‬العاصين‭ ‬والمتمردين‭ ‬الجزائريين،‭ ‬مثلما‭ ‬وقع‭ ‬للقيادي‭ ‬محمد‭ ‬خيضر‭ ‬في‭ ‬مدريد‭ ‬يوم‭ ‬4‭ ‬يناير‭ ‬1967،‭ ‬وأيضا‭ ‬أحمد‭ ‬المدغري‭ ‬ولعروسي‭ ‬خليفة‭ ‬اللذين‭ ‬كانا‭ ‬ينتميان‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬وجدة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬محمد‭ ‬خيضر،‭ ‬رابح‭ ‬بوخالف‭.. ‬وآخرين‭. ‬ولم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬بطش‭ ‬الخائن‭ ‬سوى‭ ‬الذين‭ ‬هربوا‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬مثل‭ ‬محمد‭ ‬بوضياف‭ ‬ومفدي‭ ‬زكريا‭ ‬وأيت‭ ‬أحمد‭..‬
ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬حكاية‭ ‬إعدام‭ ‬العقيد‭ ‬محمد‭ ‬شعباني‭ ‬بسبب‭ ‬تجرؤه‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬لجبهة‭ ‬التحرير‭ ‬الجزائري،‭ ‬سنة‭ ‬1964،‭ ‬على‭ ‬المطالبة‭ ‬بـ‭ ‬«تطهير‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الفرنسية»،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حز‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬بوخروبة،‭ ‬فدبر‭ ‬له‭ ‬تهمة‭ ‬الخيانة‭ ‬للدولة‭ ‬الجزائرية،‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭  ‬اعتقاله‭. ‬وقد‭ ‬ذكر‭ ‬الشاذلي‭ ‬بن‭ ‬جديد،‭ ‬في‭ ‬مذكراته،‭ ‬أن‭ ‬بومدين‭ ‬اتصل‭ ‬به،‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬إعدام‭ ‬قاسم‭ ‬شعباني‭. ‬قال‭ ‬الشاذلي:‭ ‬«فأخذناه‭ ‬من‭ ‬السجن‭ ‬إلى‭ ‬الغابة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬فرنسا‭ ‬تعدم‭ ‬فيها‭ ‬الجزائريين‭ ‬بوهران‭ ‬وأطلقنا‭ ‬عليه‭ ‬الرصاص‭ ‬وأعدمناه،‭  ‬في‭ ‬(3‭ ‬نونبر‭ ‬1964)،‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬بومدين»‭.‬
لقد‭ ‬ظل‭ ‬العميل‭ ‬بومدين‭ ‬بعد‭ ‬انقلابه‭ ‬على‭ ‬صديقه‭ ‬الرئيس‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬بلة‭ ‬في‭ ‬(19 يونيه‭ ‬1963)‭ ‬وفيا‭ ‬لعمالته‭ ‬لفرنسا،‭ ‬وخادما‭ ‬مطيعا‭ ‬لقصر‭ ‬الإليزيه،‭ ‬وتلميذا‭ ‬نجيبا‭ ‬كرس‭ ‬كل‭ ‬وقته‭ ‬لتنزيل‭ ‬خطط‭ ‬باريس‭ ‬القاضية‭ ‬بتحويل‭ ‬الجوار‭ ‬الإقليمي‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬تابعة‭ ‬لـ‭ ‬«الجزائر‭ ‬الفرنسية»،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الحل‭ ‬إلا‭ ‬«تشغيل»‭ ‬«الثروة‭ ‬الغازية»،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويق‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬المغرب،‭ ‬وشن‭ ‬حرب‭ ‬استنزاف‭ ‬ضدها،‭ ‬وذلك‭ ‬باصطناع‭ ‬القلاقل‭ ‬وزرع‭ ‬الكيانات‭ ‬الوهمية‭ ‬والإنفاق‭ ‬عليها‭ ‬بسخاء‭. ‬
لقد‭ ‬خان‭ ‬بومدين‭ ‬وضباطه‭ ‬الفرنسيون‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية‭ ‬ورجالها،‭ ‬بل‭ ‬خانوا‭ ‬المغرب،‭ ‬وشنوا‭ ‬عليه‭ ‬أول‭ ‬حرب‭ ‬غادرة‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬حين‭ ‬هاجموا‭ ‬«حاسي‭ ‬بيضا»‭ ‬وفكيك‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬1963‭.. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بومدين‭ ‬الذي‭ ‬بحث‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتي‭ ‬من‭ ‬«سند‭ ‬فرنسي»‭ ‬لخلق‭ ‬بؤرة‭ ‬توتر‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لن‭ ‬يستفيد‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬حيث‭ ‬أرسل‭ ‬جنوده‭ ‬الذين‭ ‬خرجوا‭ ‬للتو‭ ‬من‭ ‬اقتتالهم‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬المناطق‭ ‬العسكرية‭ ‬المتمردة‭ ‬على‭ ‬«ضباط‭ ‬فرنسا»،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مرتزقة‭ ‬كان‭ ‬يمولهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الليبي‭ ‬معمر‭ ‬القدافي‭ ‬للهجوم‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬المغربية،‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الزاك‭ ‬وفي‭ ‬المحبس‭ ‬وفي‭ ‬امغالة‭ ‬وفي‭ ‬أم‭ ‬ذريكة‭ ‬وفي‭ ‬الفرسية‭ ‬وفي‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭.. ‬ورغم‭ ‬التفوق‭ ‬العسكري‭ ‬المغربي‭ ‬الواضح،‭ ‬فإن‭ ‬بومدين‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬جحوده،‭ ‬وسخر‭ ‬كل‭ ‬الإمكانات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬زعامة‭ ‬إقليمية‭ ‬فرنسية‭ ‬بغطاء‭ ‬جزائري‭. ‬
لقد‭ ‬كان‭ ‬مخطط‭ ‬الجنرال‭ ‬ديغول‭ ‬هو‭ ‬إحداث‭ ‬فوضى‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتسميم‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬المغاربية،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تنعم‭ ‬المستعمرات‭ ‬القديمة‭ ‬بالراحة‭ .‬ولقد‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬الهواري‭ ‬بومدين‭ ‬خير‭ ‬سند‭ ‬للانقضاض‭ ‬على‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية‭ ‬وتحييد‭ ‬صناعها‭ ‬وتصفية‭ ‬قادتها،‭ ‬فاستحق‭ ‬بذلك‭ ‬لقب‭ ‬«المجاهد‭ ‬بلا‭ ‬ثورة»‭ ‬و«خائن‭ ‬رجال‭ ‬الثورة»‭ ‬و«عميل‭ ‬فرنسا»‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬بلعيد‭ ‬عبد‭ ‬السلام،‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬أجرته‭ ‬معه‭ ‬الشروق‭ ‬أونلاين‭ ‬«نُشر‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬أكتوبر‭ ‬2018)،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬المخطط‭ ‬الذي‭ ‬أعدّه‭ ‬ديغول‭ ‬مع‭ ‬زعيم‭ ‬«جماعة‭ ‬وجدة»،‭ ‬هواري‭ ‬بومدين‭ ‬قائد‭ ‬جيش‭ ‬الحدود،‭ ‬لتسريب‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬«لا‭ ‬كوست»‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬جيش‭ ‬التحرير،‭ ‬كان‭ ‬خياراً‭ ‬«مبرمجاً‭ ‬وممنهجاً»‭ ‬لتطبيق‭ ‬مخططات‭ ‬فرنسا‭ ‬بعد‭ ‬رحيلها‭ ‬عن‭ ‬الجزائر،‭ ‬وقد‭ ‬قدّمهم‭ ‬بومدين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬ضباط‭ ‬فارون‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الفرنسي‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬البلاد،‭ ‬وأن‭ ‬الثورة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬خبرتهم‭ ‬وتجربتهم‭ ‬العسكرية!