كان أمل أطفال وشباب وشيوخ دار الضمانة معلقا على مختلف الفاعلين المدنيين والمؤسساتيين لضمان استمرار قنديل الحركية الفنية والثقافية التي عاشتها المدينة بشكل استثنائي خلال شهر رمضان، منيرا خلال فصل الصيف، لأن أضواء الفن والابداع والترفيه كفيلة بهزم صيف ساخن بمدينة حولها تعطيل تفعيل مبادئ الحكامة الرشيدة إلى جثة تنتظر الاتفاق على مراسيم دفنها.
الأمل تحول إلى ألم ... لكن من حسن دار الضمانة أن بها من يجمع الحجارة التي في الطريق ويجعل منها سلما للارتقاء نحو سماء النجاح وتحقيق الأهداف.... الحسن الذي نتحدث عنه يتجسد في أم منظمات المجتمع المدني بوزان ... ومن يكن هذا الإطار المدني غير حركة الطفولة الشعبية التي يجر فرعها بوزان ستة عقود أحسن روادها السياقة في منعرجات التضاريس السياسة للبلاد ...
فجأة تتناقل شبكات التواصل الاجتماعي اعلانا يخبر بتكسير أم الجمعيات الرتابة التي تعيشها المدينة في عز صيف ساخن بحرارة تحرق الجيوب، وصهد غير عادي جاء نتيجة التغيرات المناخية التي تضرب الكرة الأرضية .... حركة الطفولة الشعبية وشركاؤها التقليديون والجدد ينظمون النسخة السادسة لمهرجان الطفولة أيام 9/8/7 يوليوز 2023.
ولأن العالم أضحى قرية صغيرة ،تحطمت فيه الحدود بين البشرية بسبب الثورة الرقمية، ولأن مجتمع الإعلام لحقه ما لحقه بفعل الاستخدام "المخدوم" في الكثير من الأحيان للمعلومات المتدفقة، ولأن الأطفال هم/ن الفئة الأكثر عرضة للاستغلال من فوق منصات شبكات التواصل الاجتماعي، لأنهم/ن الفئة الأكثر هشاشة بالمجتمع، فقد استقر رأي الشركاء على تأطير المهرجان تحت شعار " وزان فضاء للتربية الإعلامية من أجل طفولة آمنة ".
نخبة من أبناء وزان، الدكتور عبد اللطيف بنصفية، والدكتور رشيد البقالي، والدكتور مصطفى استيتو، كل واحد منهم فكك شعار المهرجان من زاوية اهتماماته وانشغالاته، لكنهم أجمعوا وعزز اجماعهم الجمهور الحاضر بتفاعلاته، على أن مجتمع الطفلات والأطفال عرضة لكل أشكال التهديدات والعنف الرقمي على رأسها. ولتحقيق هدف طفولة آمنة في واقع له من التعقيدات ما لا يدركه العقل بسهولة، أمام التراجع السجل في منسوب حضور مؤسسات التنشئة الاجتماعية التقليدية، فإن تحصين وتمنيع أطفالنا هو خيار الخيارات المطروحة. وهنا يمكن للإعلام المهني والمواطن وصناع المحتوى، وقس على ذلك من التسميات، الارتقاء بأدائهم/ن، واحترام القانون المنظم للإعلام، وميثاق أخلاقياته .... الأمر ليس بالهين للنجاح في غرس شتائل التربية الاعلامية، ولكن بانفتاح المؤسسات التعليمية، ومؤسسات دور الشباب، ومراكز مؤسسة الرعاية الاجتماعية على مؤسسات الاعلام، ومنظمات المجتمع المدني ذات البصمة في المجال، والفعاليات المدنية المستقلة ذات الاهتمام بعالم الاعلام والاتصال، وبتمتيع الطفلات والأطفال من حزمة الحقوق الأخرى التي يضمنها لهم/ن دستور المملكة، فإن النقمة التي تسللت بفعل بشري بين ثنايا نعمة الثورة الرقمية، ستتكسر لا محالة على صخرة التحصين والتمنيع التي توفرها قيم مجتمعنا التي تتقاطع مع القيم الكونية.
بعد جلسة الكبار التي أسدل عليها الستار بتكريم ثلة من الفعاليات، وبعد ليلة أندلسية احتضنت فقراتها دار الأطفال بحي العدير، سيستقبل نفس الفضاء صباح اليوم الثاني أزيد من 100 طفلة وطفل ينشطون في صفوف حركة الطفولة الشعبية، وأحضان لحماية الأطفال في وضعية صعبة .... حيث سيتوزعون بعد اقتطاع مساحات زمنية تم تخصيصها لشغبهم/ن الجميل المؤطر بالتربية على قيم المواطنة، (سيتوزعون) على مجموعة من الورشات أطرها نخبة من أطر المعهد العالي للإعلام والاتصال، قربوا فيها الفئة المستهدفة من عالم الاعلام بتقنياته، وأجناسه، وعناصر ميثاقه الأخلاقي..... وبالموازاة مع هذا النشاط كان قاعة بجماعة وزان على موعد مع مائدة مستديرة تحدث فيها المندوب الإقليمي للتعاون الوطني، وضابط يمثل المنطقة الإقليمية للأمن الوطني عن المخاطر والتهديدات التي يتعرض لها أطفال وطفلات وزان عند استعمالهم/ن العشوائي للهواتف الذكية ، وسبل الوقاية منها.
ولأن الطفولة الوزانية في حاجة ماسة لتفجير بركان فرحها بالمشاركة في الأنشطة الترفيهية الهادفة، فقد توافد على ساحة الاستقلال التي أعدمت المقاربة الإسمنتية وظيفتها التي اشتهرت بها، أزيد من 200 طفلة وطفل وأمهاتهم/ن ، حيث حضرت لأزيد من ساعتين كل أشكال التعبير الفني من رقص وغناء .... كشف عنها وحفز عليها بهلوانات فرقة "شركة سكومة للحفلات".
النسخة السادسة لمهرجان الطفولة تميز كذلك بتخصيص فقرة لتكريم لأصغر كاتبة في العالم العربي، وهي الروائية الصاعدة عبير عزيم، وتوقيع روايتها " شمس بحجم الكف" . كما وقع بجانبها على نفس المنصة الأستاذ عبد اللطيف بنصفية مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال كتابه الأخير " التربية الإعلامية ...سياقات ورهانات ...".
يذكر بأن الجلسة الافتتاحية للنسخة السادسة لمهرجان الطفولة احتضن فقراتها فضاء مقر جماعة وزان، وتناول فيها الكلمة كل من، مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال، والمديرة الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي، والمدير الإقليمي للشباب والثقافة والاتصال - قطاع الشباب - والنائب الأول لرئيس مجلس جماعة وزان، حيث أجمعوا على تفرد شريكهم المدني أم جمعيات وزان ( حركة الطفولة الشعبية) بتنظيم هذه الفعالية التي يشكل محورها شأنا مجتمعيا يسائل مختلف المتدخلين ويدعوهم للانخراط الواعي من أجل تسميد تربة مغرب الغد، الذي يشكل أكفال وطفلات اليوم خميرته. وتابع أشغال هذه الجلسة منتخبات ومنتخبون، وفعاليات مدنية وحقوقية، وجمهور غفير مهتم بقضايا الطفولة.