ضمن برنامج " ديكريبتاج" استضافت إذاعة MFM، المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء عبد الرحيم الحافظي، للحديث عن الإجهاد المائي في المغرب وإنتاج الطاقة في المغرب ودور المكتب الوطني للكهرباء في الرفع من القدرة الإنتاجية للماء الصالح للشرب، الى جانب أهمية ترشيد استعمال الماء من طرف جميع المتدخلين تماشيا مع التوجيهات الملكية الواردة في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان في أكتوبر 2022، " أنفاس بريس" تنقل أبرز مضامين حوار " ديكريبتاج ".
لماذا لا يتم إعداد مشروع قانون يلزم الشركات بإنتاج صنابير ذكية؟
هذا ورش كبير نشتغل في إطاره مع الحكومة، الحكومة واعية كل الوعي بإشكالية الترشيد، وقد سبق لي أن أشرت أن ثلاث نقاط ضمن النقاط الأربع التي تطرق لها الخطاب الملكي في أكتوبر عند افتتاح البرلمان تتطرق كلها لترشيد استهلاك الماء، ولما نتحدث عن الترشيد فإننا نتطرق للموارد المائية التي نتوفر عليها علما أنه لا يمكن التحكم في التغيرات المناخية التي أصبحت حقيقة وأصبحت واقعا وينبغي أخذها بعين الاعتبار في جميع البرامج التنموية في بلادنا.
لا يمكن اليوم وضع سياسة تصب في اتجاه تطوير صناعة السيارات أو برنامج فلاحي أو برنامج للبناء أو الطرق بدون أن نأخذ بعين الاعتبار أن هناك إشكال كبير يحجب علينا الرؤية فيما يتعلق ببرمجة الموارد المائية لأن ما يقع اليوم من تغيرات مناخية يجعل من المستحيل برمجة ما سيدخل من موارد مائية ضمن حقينة السدود السنة المقبلة، غير ممكن أبدا. إذا كان المغرب من بين الدول التي انتبهت الى إشكالية الموارد المائية، ولابد من العودة قليلا للوراء لمعرفة ما يجري، فالمرحوم الملك الحسن الثاني الذي أبدع في سياسة السدود بشكل جعل المغرب يتوفر على 152 سد، وهو ما يعني قدرة لتخزين الماء وصلت الى 20 مليار متر مكعب . النصيب المتوفر للفرد في السنة من الماء حسب تسمية الأمم المتحدة 1960، وهذا مؤشر مهم جدا كان عام 1960 يصل الى 2560 متر مكعب في السنة للفرد الواحد، واليوم نزل الى 600، وهو ما يعني انتقالنا من تصنيف للأمم المتحدة كنا فيه في أريحية فيما يتعلق بتوفير الماء الى بلد في حالة ندرة المياه ولما أتحدث عن مشكل ندرة المياه. فأنا لا أقصد المياه الصالحة للشرب بل المياه بصفة عامة التي تستعمل في القطاعات الإنتاجية.
الوضع صعب وقد دخلنا في مرحلة الإجهاد المائي والذي يضم مراحل: فيه النقص في الماء وفيه الندرة، فلما تكون فوق 1750 متر مكعب للفرد في السنة تكون في وضع مريح ولما تنزل عن هذا المستوى تدخل مرحلة الإجهاد المائي، ومابين 1000 و1750 متر مكعب للفرد في السنة تسمى مرحلة النقص في الموارد المائية، اليوم نحن نعيش مستوى أقل من هذه المرحلة ودخلنا الى ما تحت 1000 متر مكعب فنصيب الفرد اليوم هو 600 متر مكعب في السنة . خلال الخمس سنوات الأخيرة كنا نوفر 10 مليار متر مكعب كواردات من المياه وفي 2020 / 2021 هبطنا الى ما يقارب 2 مليار متر مكعب وكل ما بإمكاننا فعله اليوم هو معرفة كيفية الحفاظ على الموارد المائية والتي أكد عليها الملك في خطابه كما أكد عليها في جلسة العمل التي ترأسها في ماي من هذه السنة، على تفعيل وتسريع وتيرة إنجاز المشاريع التي تدخل في البرنامج الوطني للماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020 – 2027.
اليوم التغيرات المناخية واقع وحقيقي ولا يمكن أن تكون لنا رؤية فيما يتعلق ببرمجة الموارد المائية، والمغرب واع بهذا الإشكال فبفضل الاجتماعات التي عقدت منذ 2017 يؤكد الملك على إشكالية الماء والبحث عن الحلول، واليوم يأتي المحور الكبير وما قام به المغرب في هذا الاتجاه لكي لا تكون لنا تبعية فيما يتعلق بالموارد المائية السطحية والموارد المائية الجوفية والتي لها علاقة مباشرة مع التغيرات المناخية.
خلال العشر سنوات الأخيرة كانت الواردات ما بين 10 مليار الى 2 مليار أي كمعدل 5 مليار متر مكعب واليوم نحتاج مليار و400 مليون متر مكعب في العام لتلبية حاجيات المواطن من الماء الصالح للشرب.
إشكالية الماء اليوم ليست مرتبطة بالقدرة على إنتاج الماء الصالح للشرب، لأن ما قام به المكتب الوطني للكهرباء فيما يتعلق بإنجاز المنشآت الضرورية لإنتاج الماء الصالح للشرب عبر المحطات، حيث وصلنا اليوم الى 100 محطة، علما أن المكتب الوطني للكهرباء يعد المنتج الوحيد للماء الصالح للشرب بغض النظرعن بعض المنتجين في بعض الحالات صغيرة وصغيرة جدا ودون أن ننسى أيضا الدور الكبير الذي أصبح يلعبه المكتب الشريف للفوسفاط حيث ينتج كل ما يحتاجه في صناعته وأصبح يلعب دورا يصب في اتجاه مواكبة الإشكالية المطروحة للماء. قدرة المكتب الوطني للكهرباء لإنتاج الماء الصالح للشرب هي 7 مليون و200 ألف متر مكعب في اليوم، والطلب اليوم هو 4 ملايين و500 ألف متر مكعب اذا لدينا هامش مهم جدا فيما يتعلق بالقدرة على الإنتاج، وهذا ما يفسر الإنجازات التي قام بها المكتب منذ السبعينيات إلى اليوم.
الإشكال اليوم المطروح ليس مشكل إنتاج الماء الصالح للشرب أو قدرة إنتاج الماء الصالح للشرب وإنما إشكالية تدبير الموارد المائية، والتي ليست لدينا اليوم رؤية واضحة خاصة بارتباطها بالتغيرات المناخية. إذا ما هو الحل اليوم؟
-الحل الأول هو الترشيد
-الحل الثاني هو إدخال التكنولوجيات الجديدة لإنتاج الماء الصالح للشرب والذي سيعطي تأثير مباشر فيما يتعلق بتبعيتنا في الموارد المائية السطحية والجوفية، حيث أن تبعيتنا في مرحلة معينة في إنتاج الموارد السطحية وصلت الى 67 في المائة، والى 29 في المائة بالنسبة للموارد الجوفية، وبنسبة 3 في المائة بالنسبة لتحلية مياه البحر. واليوم الأمور تغيرات بفضل التوجيهات الملكية، واذا اخذنا السنوات الأربع الأخيرة فقد انتهينا من إنجاز 4 محطات لتحلية مياه البحر دخلت طور الإنتاج، وهي سرعة فائقة قام بها المكتب خلال أربع سنوات، من أجل الإجابة الى إشكالية الرؤية والبرمجة، إشكالية الموارد المائية المطروحة اليوم والمغرب لم يبقى مكتوف الأيدي حيث بحث عن حلول جديدة وطور تحلية مياه البحر. ولكن هناك سؤال مهم ينبغي الوقوف عنده، لماذا تأخر المغرب في إنجاز محطات تحلية مياه البحر؟ لما نأخذ المتر المكعب الذي يتم إنتاجه عبر تحلية مياه البحر ماهي كلفة الطاقة؟ ماهي كلفة الكهرباء لإنتاج…