بعد حوالي سنتين من صدور النص القانوني القاضي بإحداث وكالة لمحاربة الأمية (11 شتنبر 2011 – الجريدة الرسمية عدد 5980 بتاريخ 22 شتنبر 2011)، أعلن بلاغ لمجلس حكومي منعقد في شهر ماي 2013، موافقة الحكومة على إحداث "الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية"، في إطار ما اعتبر جهودا مبذولة من أجل محاربة الأمية بالمغرب، التي انتقلت من 43 في المائة سنة 2004 إلى 30 في المائة سنة2011، وهي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ويرأس مجلسها الإداري الوزير الأول (رئيس الحكومة حاليا). وفي 28 نونبر 2013 صادق المجلس الحكومي على مقترح تعيين الحبيب ندير مديرا للوكالة المذكورة، بعد أن كان منذ شتنبر 2005 مديرا لمحاربة الأمية بوزارة التربية الوطنية. لكن النص المحدث للوكالة لا يزال حبرا على ورق، ولم تتخذ التدابير اللازمة لتفعيله، ولاسيما بتنصيب الأعضاء والشروع في العمل لمواجهة تحديات الأمية ومخاطرها المتنوعة. وقد كان من آثار ذلك دخول القطاع الحكومي المكلف بمحاربة الأمية (الموجود مقرها في حي أكدال بالرباط) في حالة موت سريري، حيث توقفت كافة البرامج والشراكات، خصوصا مع الاتحاد الأوروبي، وتوغلت الأمية وأضحت تهدد الجهود المبذولة من طرف مختلف المتدخلين (وكانت نسبة الأمية قد انخفضت سنة 2004 من 43 في المائة من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات، حسب البحث الوطني حول محو الأمية لسنة 2012).
وقبل أسابيع تم تعيين لحبيب ندير كاتبا عاما للوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، وهكذا فقدت الوكالة من جديد مديرها الذي لم يعمر على رأسها أكثر من سبعة أشهر، ليعود القطاع إلى نقطة الصفر.
فهل يعكس هذا الواقع ارتباك الحكومة في التعاطي مع ظاهرة خطيرة هي ظاهرة الأمية؟؟ أم يعكس ذلك افتقاد أي رؤيا أو تصور لمواجهة أحد الأخطار المحدقة بالمجهود التنموي؟؟
سؤال نترك الجواب عليه لرئيس الحكومة وللوزراء المعنيين، علما أن الدخول المدرسي المقبل في مجال محو الأمية قد لا يرى النور ليضيع بذلك مركب محاربي الأمية الحكومي في بحر من الظلمات.