وجهت عشر شخصيات عالمية، بينهم مفكرون وكتاب، كعالم اللسانيات الأمريكي نعوم تشومسكي والروائية الحائزة على جائزة نوبل للسلام آني إرنو، رسالة للرئيس عبد المجيد تبون، يناشدونه فيها وضع حد لاعتقال الصحفي إحسان القاضي، وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي.
وجاء في الرسالة التي نشرتها جريدة لوموند الفرنسية: الجزائر ليست مجرد بلد. الجزائر فكرة، فكرة تحرر عنيدة لا تزال بعد مضي ستين سنة على الاستقلال تشع الأمل في قلب كل من يكافح الاضطهاد. الجزائر دليل على أن دحر الظلم والانتصار عليه ممكن حتى وإن بدت المواجهةُ يائسة غير متكافئة لأول وهلة.
وقد تأسف الموقعون في الرسالة على أن يغلق اليوم بلد عظيم مثل الجزائر مثل فخ هائل على المعارضين السياسيين وكل من يجرؤ على أن يحلم بسيادة القانون بشكل حقيقي. محذرين من أن الجزائر باتت تتحول تدريجيا إلى “زنزانة تلتهم الصحفيين الناقدين وكل الأصوات النافرة غير الموالية للسلطة.”
وناشدوا في الأخير الرئيس تبون إلى تفعيل كل ما في وسعه لوضع حد للمضايقات الأمنية والقضائية التي يتعرض إليها “إحسان القاضي ومجمل معتقلي الرأي واستعمال سلطته لإطلاق سراحهم إخلاصا منه لنضال الجزائريين من أجل العدالة والحرية.
نص الرسالة كاملاً:
إلى رئيس الجمهورية الجزائرية، السيد عبد المجيد تبون
سيدي الرئيس
ليست الجزائر مجرد بلد. الجزائر فكرة، فكرة تحرر عنيدة لا تزال بعد مضي ستين سنة على الاستقلال تشع الأمل في قلب كل من يكافح الاضطهاد. الجزائر دليل على أن دحر الظلم والانتصار عليه ممكن حتى وإن بدت المواجهةُ يائسة غير متكافئة لأول وهلة.
واليوم ينغلق هذا البلد العظيم مثل فخ هائل على المعارضين السياسيين وكل من يجرؤ على أن يحلم بسيادة القانون بشكل حقيقي.
يقبع الصحفي إحسان القاضي في سجن الحراش بالجزائر العاصمة منذ أكثر من خمسة أشهر لا لشيء سوى رفضه الانصياع لضغوط حكام يسعون إلى تحويله إلى صحفي مزيف.
اعتقل إحسان القاضي، مدير Radio M والصحيفة الإلكترونية Maghreb Emergent في ليل 24 ديسمبر 2022 من طرف ستة ضباط عسكريين، واقتادته الأجهزة الأمنية في اليوم الموالي ليشهد بعينيه، مكبلا، تفتيش وإغلاق وسائل الإعلام التي أنشأها. وشاهده زملاؤه وأصدقاؤه باكين وهو يساق مقيدا كمجرم إلى مسرح الجريمة: موقع إذاعي وإخباري مستقل.
وفي نهاية تحقيق مبتسر، شابته انتهاكات صارخة للإجراءات الجزائية ولحقوق الدفاع، حكم على إحسان القاضي يوم 2 أبريل 2023 بالحبس خمس سنوات منها ثلاث سنوات نافذة. وستجري جلسة الاستئناف في الرابع من يونيو/حزيران 2023.
سيدي الرئيس
إحسان القاضي، البالغ من العمر 64 عاما، أحد رموز الصحافة المستقلة في الجزائر، بالضبط كما كان والده، بشير القاضي، أحد قدامى المحاربين من أجل تحرير الجزائر. لا غرابة إذن إن انغرس عناده في الدفاع عن استقلال مهنته في تربة أنشأنه على مبدإ قداسة الحرية، وهو مبدأ استقاه من تاريخ نضال الشعب الجزائري ضد العبودية الاستعمارية.
إحسان القاضي متهم اليوم بخيانة بلده لكننا، ونحن ننظر إلى قضيته من موقعنا البعيد، لا نرى سوى صحفي مستقل يضرب دفاعه عن حريته بجذوره في حبه لبلده.
لهذا السبب، نكتب إليكم اليوم لنطلب منكم أن تفعلوا كل ما في وسعكم لوضع حد للمضايقات الأمنية والقضائية التي يتعرض إليها إحسان القاضي ومجمل معتقلي الرأي في الجزائر.
سيدي الرئيس،
أيا كانت الخلافات والخصومات، تبقى الجزائر، كمثل أعلى، أرحب من الزنزانة التي هي بصدد التحول إليها، زنزانة تلتهم الصحفيين الناقدين وكل الأصوات النافرة غير الموالية للسلطة. أيا كانت الخلافات والخصومات تبقى الجزائر أرض كل معذبي الأرض.
بوسعكم، سيدي الرئيس، إطلاق سراح إحسان القاضي وجميع الصحفيين المحبوسين ومعتقلي الرأي، فاستعملوا لغرض ذلك ما تخولكم إياه سلطاتكم، إخلاصا منكم لنضال الجزائريين من أجل العدالة والحرية.
الموقعون:
– إيتيان باليبار، فيلسوف (فرنسا).
– جويس بلو، جامعية، عضوة في شبكات دعم جبهة التحرير الجزائرية خلال حرب الاستقلال.
– نعوم شومسكي، عالم لسنيات (الولايات المتحدة الأمريكية).
– آني إرنو روائية، جائزة نوبل للأدب (فرنسا).-
– إلياس خوري، روائي (لبنان).
– عبد اللطيف اللعبي، شاعر (المغرب).
– كين لوتش سينمائي (المملكة المتحدة).
– آخيل مبيمبي، مؤرخ (الكاميرون).
– أرونداتي روي روائية (الهند).
– يوسف الصديق، فيلسوف (تونس).