إدريس الأندلسي: أرقام صندوق النقد الدولي تكذب أرقام مديونيتنا الخارجية.. فرق 17 مليار دولار

إدريس الأندلسي: أرقام صندوق النقد الدولي تكذب أرقام مديونيتنا الخارجية.. فرق 17 مليار دولار إدريس الأندلسي
الدين الخارجي لبلادنا وصل حسب توقعات صندوق النقد الدولي في آخر تقاريره بخصوص بلادنا إلى حوالي40،7 % من الناتج الداخلي الخام الذي قدر بحوالي 138 مليار دولار عند متم سنة 2022. وربط نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المذكور تدفع إلى استنتاج واحد وهو أن الحجم التراكمي لحجم مديونيتنا الخارجية، أي ما يجب أن نؤدي أقساطه وفوائده ورسومه بالعملات الصعبة أو الخارجية، ارتفع إلى ما يناهز 40،7% من مجموع القيمة المضافة التي أنتجها اقتصادنا خلال سنة 2022 أي ما مجموعه حوالي 56 مليار دولار. وهذا الرقم يتجاوز ما جاء في الأرقام التي قدمتها الحكومة في تقرير المديونية العمومية المرافق لمشروع قانون المالية لسنة 2023.
هذا التقرير أشار إلى أن حجم المديونية الخارجية التراكمي إلى غاية نهاية شهر يونيو لسنة 2022 قد بلغ ما قدره حوالي 392 مليار درهم أي ما يعادل حوالي 39 مليار دولار أمريكي.
الفرق بين أرقام صندوق النقد الدولي وأرقام الحكومة كبير جدا. الدليل هو أن تطور الدين الخارجي العمومي الذي يضم دين الخزينة وديون المؤسسات والمقاولات العمومية ودين الجماعات الترابية ودين المؤسسات ذات المنفعة العامة لم يتجاوز حجمه السنوي سنة 2021 ما قدره 378 مليار درهم مقابل حوالي 377 مليار درهم في سنة 2020. المشكلة المطروحة هي هذا الفرق الكبير بين صندوق النقد الدولي وحسابات الخزينة المغربية. الأمر يتعلق بحوالي 17 مليار دولار. سألت أهل العلم رغم معرفتي ومعرفة خبراء في مجال المديونية فلم أعثر عن السبب في زيادة حجم الدين الخارجي بما يزيد على 170 مليار درهم خلال الأشهر الستة الأخيرة من سنة 2022.
قد يكون لاجتهاد المصالح الحكومية زيادة استثنائية في السحب من القروض الخارجية. ولكن الزيادة المسجلة لدى صندوق النقد الدولي تفوق كل مقاييس الاجتهاد. قد يتعلق الأمر بارتفاع في لجوء القطاع الخاص المغربي الكبير في الحصول على قروض وفاعلية كبيرة في سحبها عبر استخدامها تجاريا أو عبر برامج استثمارية. ولكن المعطيات المتاحة لا تبين أي استثناء في المسار العادي المتعلق باللجوء العادي للاقتراض الخارجي. وحتى ما يمكن أن يتعلق بالتسهيلات المتعلقة بدعم ميزان المدفوعات الذي حصل عليه المغرب لدى صندوق النقد الدولي، فالأمر يتعلق بإجراء احتياطي ولم تسجل في شأنه سحوبات لتمويل استيراد مواد غذائية أو طاقية في ظل المتغيرات الجيواستراتيجة والمناخية وتلك التي تهم آثار الكوفيد.
معطيات مكتب الصرف لم تشر في آخر السنة إلى أرقام استثنائية. وكالعادة تم تمويل عجز الميزان التجاري بما أتاحه ميزان الخدمات من فوائض حساب الأسفار وتحويلات مغاربة العالم. أمر 17 مليار دولار التي وردت في آخر تقرير لصندوق النقد الدولي الخاص بمراجعة الحسابات حسب مقتضيات المادة الرابعة من نظامه الأساسي تفرض توضيحا حكوميا شفافا. الحسابات الاقتصادية لا يمكن أن تخضع لشيء آخر غير الوضوح وخصوصا في مجال المديونية.
وللذكرى والتذكر كان الموظفون في سنوات الثمانينات يسهرون الليالي لضبط حجم الدين وتدبير عمليات حصر فوائده ورسومه. كانوا يستعملون الآلة الحاسبة الصغيرة ويسجلون الأرقام على سجلات كبيرة. وصل الحاسوب وسهل الكثير من الأمور ولكن المعطيات لازالت غير متفق عليها بين المؤسسات المالية الدولية والخزينة. والأمر يحتاج إلى توضيح مقنع.