طارق إيهي أستاذ يغادر مهنة التعليم بالمغرب ويهاجر نحو الصين

طارق إيهي أستاذ يغادر مهنة التعليم بالمغرب ويهاجر نحو الصين طارق إيهي في الصين
يحكي طارق إيهي، وهو أستاذ سابق بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بعد تسع سنوات من ممارسة مهنة التدريس بالقطاع، بعدما استوفى ثماني سنوات المنصوص عليها قانونا قبل مغادرة الوظيفية العمومية". 
 وبحسب رسالة إيهي، التي نشرها على صفحته الرسمية" فايسبوك"، وهو خريج سابق من جامعة ابن زهر في أكادير، فإن مغادرة القطاع للتخلص من مطبات المفتش والاداري والخصاص والصراع مع التلميذ في غش امتحان وغير ذلك كثير... وهو واحد من العشرات الذين يغادرون الوظيفة التربوية بعد أن ملوا وسئموا من اصلاحات بالية وقرارات جافة ومناصب مسؤولية توزع المحظوظين والحزبيين والنقابيين وأشباههم وتفصل على المقاس، في غياب أي ثقافة للاعتراف وللمسؤولية، والمحاسبة والمساءلة.  
وفي ما يلي النص الكامل للرسالة. 
 
" بعد تسع سنوات خدمة في المدرسة العمومية بالمغرب، جاء الوقت لأضع حدا لهاته التجربة. اليوم، لم أعد موظفا عموميا. تخلصت و أخيرا من كاهل أثقل على كتفاي طوال هاته المدة، تخلصت من الأقسام البالية و المكتظة بالمراهقين، و من تدريس مقرر جاف تبول عليه التاريخ، و من تمثيليات "المفتشين" و عجرفة بعض الإداريين.
لن أفكر بعد اليوم في جدول حصص كئيب ولا في أقسام مسندة. لن يغض مضجعي استكمال حصص ولا تدبير فائض، لن أضطر للعمل في الخاص لأغطي مصاريف الشهر، اليوم و لأول مرة منذ زمن، لن يشغل بالي حراسة تمثيلية الامتحانين الوطني و الجهوي، و لن أقحم نفسي في صراع خاسر مع محاولات الغش لتلميذ يراك عدوا و يهددك خارج أسوار المؤسسة في غياب تام لأي شكل من أشكال الحماية. 
لن أسأل بعد اليوم عن الرتبة الهزيلة و لن أضطر للمشاركة في إضراب عقيم يقتطع من أجري الأعقم. 
لن أحضر بعد اليوم "لقاء تربويا" ل"مفتش" منفصل عن واقع الأقسام بالمغرب. لن أضطر لسماع ترهاته و داخلي صوت يعلو Shut the f*ck up mother fuc*er
لن أنتظر بعد اليوم "ترقية" مضحكة بثمانين أو تسعين درهم كل عامين أو أحيانا تلاثة! لن أشارك في مهزلة "الإمتحان المهني" و لن أتنقل من جماعة لأخرى لأصحح المئات من أوراق الامتحانات مقابل "ربعة و ربعين ريال" للورقة. 
لن أرضخ لوظيفة تستعبدني و تجبرني على العمل حتى سن الخامسة و الستين مقابل دريهمات سأنفقها على مخلفات القسم و المراهقين. و لن أستمر في وظيفة يرتفع فيها راتبي اليوم، بعد تسع سنوات من العمل، ب خمس مئة درهم عن راتبي الأول.
لن أشارك في مهزلة إسمها "التعليم" و أنا مدرك أن القائمين على هذه البلاد لا رغبة لهم في إصلاحه، بل و يساهمون في تجهيل ممنهج لأجيال أبناء بلدي. 
أحببت تلاميذي بكل صدق و قدمت أكثر مما هو مطلوب مني رغم غياب الحافز، إبتكرت أسلوبا مغايرا لتعليم الوليدات وصادقتهم كأخ أكبر. شاركت في مسابقات تعليمية و غنائية، أحييت حفلات و مسابقات، إقتنيت هدايا للمتفوقين وحاولت جاهدا أن أغير و لو قليلا من عتمة الظلام الدامس الذي ألقت ظلاله على شمعتي التي إنطفأت سنة تلو الأخرى. 
اليوم أستقيل من عملي و أهاجر نحو بلد يحترم شهادتي وقدراتي. 
اليوم أودع عائلتي و أحبابي بقلب حزين و دمعة في العين. وداع إضطراري آملا في مستقبل أفضل لي و لكل من أحب. 
أشكر كل من ترك أثرا جميلا من تلاميذ و زملاء و إداريين، و أعتذر إن أسأت لأحد دون قصد. نلتقي مجددا. 
أحييكم من جمهورية الصين الشعبية."