أن يقدم مشبوه على اغتيال رجل أمن أثناء مزاولته لواجبه، معناه أن استقرار المجتمع ككل بات في خطر، وأن الحادث المؤسف الذي وقع في الخميسات بقدر ما كان صادما بقدر ما كان مزعزعا لـمن وسلامة المجتمع، والذي أصبح يدعو أكثر من أي وقت مضى إلى مراجعة أوراقه لوضع حد لمشاكله الاجتماعية المتفاقمة التي باتت تنخر كيانه وتهدده بالانهيار، حتى صار السؤال المطروح اليوم هو من يحمي الآخر، المجتمع أم الأمن؟ "أنفاس بريس" اتصلت ببعض أبناء الدار من قدماء الأمن المتقاعدين أملا في البحث عن أجوبة لما حصل، فاعتبر محمد أكضيض، العميد الممتاز السابق، بأن الإجرام اللعين أصبح يهدد حتى رجال الأمن أنفسهم أثناء قيامهم بمهماتهم في الحفاظ على النظام العام وحماية الأفراد والمواطنين المستضعفين منهم خاصة. وأضاف بأن قانون 23 فبراير 2010 الخاص برجال الأمن جاء في الوقت المناسب ليحميهم من المخاطر المحدقة بهم من جهة ويمتعهم بضمانات مهمة لم تكن لهم في السابق من جهة ثانية، وذلك عندما يقعون ضحايا أداء الواجب، كما وقع لفقيدنا في الخميسات بتشييع رسمي والتكلف بمصاريف الجنازة وزيارة المدير العام للأمن الوطني بوشعيب ارميل شخصيا لأسرة الهالك وعناية مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية بملفات تعويضاته المختلفة بما فيها توظيف أحد من أسرته وترقية الفقيد حتى ولو بعد مماته، فضلا عن أن إدارة الأمن الوطني تصبح طرفا في دعوى الاعتداء. وهكذا يرى أكضيض أن القانون الجديد، وحرص بوشعيب ارميل على تطبيقه، يشكلان مكسبا لرجال الأمن. وفي اتجاه آخر يرى الضابط الممتاز المتقاعد أن هذا القانون مهم فعلا، ولكن لا يكفي، بالنظر إلى المخاطر المتعددة والمتنوعة التي تتربص برجال الأمن والتي أصبحت تقتضي مواكبة الجريمة بإعادة النظر في تكوين رجال الأمن على مستوى مدة التكوين والمناهج والمحتوى وهيئة المكونين.. فتطوير التكوين هو شكل آخر لحماية رجال الأمن واستعمال جيد لقدراتهم وأساليب تدخلاتهم. وعلى مستوى آخر طرحنا سؤالا على ميلود احمرـ رئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات متقاعدي الأمن الوطني، حول تكريم رجال الأمن ضحايا أداء الواجب، وذلك بأن تقوم المدن التي ينتسبون إليها بتسمية شوارع ومرافق بأسمائهم للذكرى والتاريخ، فأجاب بأن أهم تكريم العناية بأسرهم، مضيفا أن ما حدث لفقيد الأمن بالخميسات ليس سابقة، بل هو حلقة لسلسلة من الاعتداءات التي تعرض لها رجال الأمن.. لكن الجديد فعلا هو السياق الحالي الذي يتميز بالقانون الجديد، والذي جاء بالعديد من الضمانات لفائدة هذه الأسرة. ونطلب، يضيف، أن يستفيد منها أيضا ضحايا سابقون لم يلتفت إليهم، كما وقع لمصطفى عيروض شرطي المرور الذي دهسته سيارة وفرت في تسعينيات القرن الماضي، ونسي ملفه، وتوجد أسرته الآن في حالة مزرية.