بوعياش تدعو إلى إجراء تقييم جماعي للوقوف على كافة قضايا حرية الصحافة والإعلام والتعبير

بوعياش تدعو إلى إجراء تقييم جماعي للوقوف على كافة قضايا حرية الصحافة والإعلام والتعبير جانب من اللقاء
دعت آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان كافة الشركاء الإعلاميين، والصحفيين، وباقي الفعاليات المعنية بالحق في حرية الصحافة للانخراط، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إلى إجراء تقييم جماعي، هادئ، جاد، رصين وموضوعي للمنظومة الوطنية، بشكل يستشرف آفاق العمل المشترك الداخلي (endogène) ويستحضر المكتسبات والتحديات وطموحات ديناميتنا الوطنية.

جاء ذلك في كلمة لها، ألقاها  بالنيابة عنها، عبد الغاني بردي، رئيس القسم المحدث لدى رئيسة المجلس المكلف بقضايا التكنولوجيا والفضاء الرقمي وحقوق الإنسان، خلال الندوة  المنظمة بالرباط، من طرف المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، ومؤسسة هنريش بول، مساء  الثلاثاء 2 ماي 2023، حول "دور الإعلام في تعزيز حقوق الإنسان والنهوض بثقافتها"، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.

وأوضحت " بعد مرور أكثر من عقد على حوارنا الوطني الإعلامي المجتمعي... وفي ظل التغيرات الكبيرة والسريعة بل المتسارعة التي يفرضها إيقاع تكنولوجي يقطع أحيانا كل جديد فيه مع ما يسبقه (disruptive technology and innovation)، ليس فقط على مستوى شكل المعلومة أو شكل الخبر أو حتى طبيعة المنبر (ورقي، إذاعي، تلفزي، رقمي... حتى هذا التمييز أو الفصل، إن صح القول، لم يعد اليوم ذا راهنية...)، هناك تغيرات تفرض نفسها اليوم بقوة على قطاع الصحافة والنشر وتفرض عليه "تنافسية" غير متوازنة مع عمالقة الويب ومنصات التواصل الاجتماعي".

وزادت بوعياش قائلة:"  قلت التغير ليس فقط على مستوى شكل المعلومة أو الخبر، بل على مستوى شكل ونمط استهلاكهما ونمط "البحث" عنهما... لم نعد نبحث عن الخبر أو المعلومة، في الوقت الذي نريد والشكل الذي نريد، بل أصبحت المعلومة تستهدفنا وأصبح الخبر يصلنا بشكل وبطريقة لا نتحكم فيها".

وفي السياق ذاته، أبرزت المتحدثة ذاتها أن المشهد الصحفي والإعلامي، يشهد بالفعل تحولات كبرى، وقالت في هذا الصدد:"ما أحوجنا إلى هذه الوقفة وهذا التقييم وهذا التمرين الجماعي، الذي يجب أن يكون منطلقه، من وجهة نظرنا، حقوقيا بالأساس، نقف من خلاله على كافة قضايا حرية الصحافة وحرية الإعلام وحرية التعبير، بشكل عام بالمغرب، وأيضا أوضاع الصحفيات والصحفيين وتحديات التأهيل والاستمرارية والمقروئية وأشكال الدعم العمومي والأدوار المجتمعية للصحافة والإعلام ومستقبلها، فضلا عن المعايير والأخلاقيات المهنية الفضلى…
 
الفرصة سانحة اليوم بكل تأكيد من أجل إجراء إصلاح شامل للمنظومة الوطنية، خاصة أننا أمام محطة يجب أن نجعل منها محطةَ تجويدٍ وإصلاحٍ كبرى لدعم الحقوق والحريات والرقي بالممارسات بالأساس". 

وأفادت رئيبسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنها تتحدث عن إصلاح المنظومة الجنائية، " التي نطمح كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان أن تكون منطلقا لمسار جديد، راع في فلسفته وأحكامه وفصوله للحقوق والحريات. نريده قانونا جديدا لحقوق الإنسان (A NEW BILL OF RIGHTS)؛ يقطع مع ما سبق ويلبي طموحات المغاربة اليوم، صحفيات وصحافيين، منظمات وفاعلات/فاعلين ومواطنات ومواطنين؛ يصون الحقوق ويحفظ الكرامة بشكل يترجم فعليا "الوعد الدستوري" والزخم الحقوقي الذي كرسه دستور 2011، فلسفة وروحا ونصا.
 
من هذا المنطلق يجب أن تتفرع باقي التشريعات والأحكام التي تهم الصحافة والإعلام وحرية التعبير بالمغرب، ومن بينها بطبيعة الحال، مدونة الصحافة والنشر وقانون الحصول على المعلومات".
 
وأشارت إلى أن الصحافة والإعلام، بالنسبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، آلية من الآليات المعتمدة في مقاربته الخاصة بالإنذار المبكر والنهوض بحقوق الإنسان، وقالت:" لقد حرصت شخصيا في هذا السياق على تكريس رصدنا لقضايا حقوق الإنسان عبر الصحافة والإعلام وتطوير آلياتها وأصدرت مذكرة وتوجيهات داخلية، تشمل الجهات الاثنا عشر، بهدف تطوير هذا العمل ومأسسته.

فالصحافة المهنية والأخلاقية، الصحافة المستقلة والحرة، الصحافة التي تستحضر أدوارها المجتمعية وتعي أهميتها، أساسية لتعزيز حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، في فلسفة اشتغال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خاصة عندما يستثمر الإعلام (بشكل عام) في إثارة الانتباه إلى القضايا الحقوقية والمساهمة في مساءلة أصحاب القرار بمسؤولية، على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، عن قراراتهم وسياساتهم العمومية (باعتبار الصحافة والإعلام سلطة رابعة)، فضلا عن إيصال أصوات الفئات الهشة والانخراط في تثقيف الجمهور حول الحقوق والحريات ومناصرتها".

واستدركت قائلة:"... غير أن هذا لن يتحقق، وليس هذا ما عليه الحال دائما للأسف، دون مراعاة محاذير أساسية قد تشكل تهديدًا لحقوق الإنسان، على رأسها انتهاك الخصوصية، السقوط في التضليل والمساهمة في نشر الأخبار الكاذبة، الوصم، تعزيز الصور النمطية والتمييز، والتحريض على العنصرية والكراهية ضد فئات هشة والسعي إلى أجل جلب انتباه القارئ بشتى الطرق (click baits) والتحايل عليه أحيانا من أجل أكبر قدر ممكن من النقرات، مبرزة أن المجلس رصد مجموعة من الممارسات الصحفية والإعلامية السلبية التي يمكن أن يكون لها أثر مجتمعي كبير، عندما تسقط بعض المنابر مثلا في تبرير العنف ضد النساء والفتيات، بشكل غير متعمد، والمساهمة في التطبيع مع ثقافة العنف القائم على النوع، وتكريس الصور النمطية، والتشهير بالأفراد وانتهاك خصوصيتهم وحقهم في الصورة، فضلا عن تغطيات غير مهنية ولا أخلاقية أحيانا تجرح الكرامة الإنسانية وتساهم في التحريض على الكراهية وعلى التمييز ومسايرة دعوات العنصرية... (ولاد زيان).

وفي سياق الحديث عن الإعلام والعنف القائم على النوع، ذكرت بوعياش بأن بتقرير المجلس الأخير حول التبليغ عن العنف ضد النساء والفتيات ومناهضة الإفلات من العقاب يتضمن محورا خاصا بالصحافة والإعلام وقضايا عنف النوع بالمغرب، يتطرق في جزء منه إلى الأدوار التي يمكن أن يلعبها الإعلام في هذا الباب وأيضا التحديات التي يمكن أن تطرحها التغطيات الإعلامية لقضايا عنف النوع، فضلا عن قضايا التبليغ وعنف النوع ضد الصحفيات ومهنيات الصحافة والإعلام. 

من جهة أخرى، شددت رئيسة المجلي الوطني لحقوق الإنسان على ضرورة عدم حصر قضايا النشر والتعبير، بشكل عام، في منظور الصحافة المهنية، والنظر فيها من زاوية صفة الصحفي المهني فقط، على اعتبار أن ضمانات فعلية الحق في حرية التعبير ومعاييرها وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا تقتصر على الصحفي(ة) المهني(ة) لوحده، وإن كانت للصحفي(ة) مكانة خاصة داخل منظومة حرية الرأي والتعبير.