عبد الغني السلماني: فاتح ماي الذكرى والأمل

عبد الغني السلماني: فاتح ماي الذكرى والأمل عبد الغني السلماني
فاتح ماي هذه السنة له طعم خاص؛ لم يُفتح فيه نقاش جدي حول مطالب العمال. جولات الحوار مع الوزارة المعنية شبه متوقف في العمق تصريحات وبيانات والحكومة لم تباشر الزيادة أو الالتفات إلى وضع الأجور الدنيا. رغم كواء الأسعار وصعوبة المعيشة التي تشتكي منها الطبقات الوسطى.
الحكومة جد مرتاحة لشيخوخة القيادات النقابية، لم يعد للنقابات هبة قلب الطاولة، ولم يعد للشغيلة رغبة في الانخراط والنضال.
الشغيلة التعليمية التي كانت صوت الكادحين أصبحت منشغلة بأشياء أخرى، كالبحث عن موارد إضافية لمواجهة مصاريف طارئة ومختلفة. لا عرض في الأفق. لا نضال في الأفق. لكن هناك أمل في الأفق.
لذلك، لا يمكن أن نتحدث عن فاتح ماي دون أن نتحدث عن عيد العمال والشغيلة خصيصا، التي لم تعد تحتفي بالتراكمات والمنجز النضالي، بل أصبح فاتح ماي يوم عطلة وتنظيم رحلة وزيارة الأهل والأقارب وتقرقيب الناب في المقاهي.
المجتمع الصناعي لم يعد يحتضن الحدث، ولم يعد يختار الشعارات لمواجهة بيروقراطية الشركات المتعددة الجنسيات، لم يعد لليسار معنى ولم يعد للفكر دور في تأطير الكادحين والمشردين، لم تتمكن الأحزاب العمالية من احتواء الحدث - أو هضم الوجبة الثقيلة - كما يقال أحيانا.
في كثير من السذاجة يمكن أن نعتقد أن الإيديولوجيات هي التي نجّرته وقطعته وسوّته حتى يدخل ضمن قالبها وهذا هو المدهش حقا. عاد كل شيء إلى النظام، ليس النظام البورجوازي فحسب ولكن نظام الأحزاب الشمولية.
لقد انتهى شموخ الروح وقدرة العطاء ولم يعد للجثة ما تخفيه بعد موتها، أما ما تبقى فهو غير المؤدلج وغير المعقلن. لماذا لا نفهم اليوم فاتح ماي إلا بصعوبة؟ لأن هناك جانبا سطحيا غير شفاف يمنعنا من الفهم وهو انتفاء عامل المفاجئة.
ماي ككل الشهور لا امتياز ولا رونق للطبقة العاملة ولا مجد للأطر في كل المواقع، تم استبعاد كل ما يجعل من المسيرات، ممرا ومطلبا تٌرفع فيه الأصوات بقصدية التشويش.
لقد عمد علماء الاجتماع إلى محو كل ما يمنعهم - كل على طريقته أو منهجه - من صنع نظرية للمجتمع الصناعي المتقدم المختبئ وراء شاشات الحواسيب الذكية .
لقد أصبح فاتح ماي ذكرى، ربما لحظة الاعتراف بالموت أو نهاية التطوع والنضالية. ماي الآن مجرد حلقة في بناء الذهنية القاسية الممانعة التي يمكن اعتبارها على أنها لحظة فشل داخل مسار نتيجة البنيات المتحاملة هنا وهناك. لابد أن يتحول ماي إلى إنذار أو هبّة خاطفة لنشدان الحرية والانعتاق.
ورغم ذلك عيد سعيد لكل الشغيلة أملا أن تجدد آليات العمل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ومغرب المواطنة الكاملة.
كل ماي والعالم في سلام وروح تضامنية.