"كل من زار لاس بالماس بجزر الكناري ولم يذهب إلى بويرتو ريكو PURTO RICO، فإن زيارته باطلة".
هذا ما أفتى بها الصديق حسن، لما اتصل بي أمس ليلا من حي بوركون بالبيضاء.
قلت له بأن ضغط جدول زيارتي بلاس بالماس وضواحيها لا يسمح لي "بالخروج عن السطر"، خاصة وأن مدينة "بويرتو ريكو"تبعد عن لاس بالماس بحوالي 70 كيلومتر، مع ما يستدعيه ذاك من ميزانية زمنية تقدر بثلاث أو أربع ساعات ( مدة الرحلة ذهابا وإيابا، ومدة سرقة سويعة من الزمن لجولة خاطفة بها)، وكان صعبا علي اقتطاع هذه الميزانية الزمنية من مواعيدي.
أفحمني صديقي برده لما قال: "مجال اهتمامك هو التعمير بالمدن الساحلية بالمغرب وأنت تترافع دوما من أجل تهيئة منتزهات وكورنيشات وطرق حضرية تراعي خصوصيات السواحل. وبما أنك في لاس بالماس ووقفت على وصفة شهرة عاصمة كناريا الكبرى في جذب السياح بفضل تهيئتها لكونيش las conteras، الذي يصنف من بين أجمل السواحل الحضرية عالميا، اذهب إذن إلى مدينة "بويرتو ريكو" لتكتمل الصورة عندك ولتفهم كيف توفق المخطط الحضري بجزر الكناري في ضمان تهيئة عمرانية وتعميرية تراعي الأوضاع المادية والاجتماعية لكل الفئات الاجتماعية بشكل يحقق الإنصاف المجالي ويحقق تعايش كل الفئات الغنية والمتوسطة والعادية (Mixité sociale)، في الانتفاع من الساحل، أنا أعي ما أقول، لقد زرت المنطقة عدة مرات ولن تندم إن عملت بنصيحتي".
توكلت على الله وقلت له : "العين لا تعلو على الحاجب".
فأنا - في نهاية المطاف- مدين للصديق حسن منذ سنوات، نظرا لأفضاله علي في انفتاحي على حقول معرفية عديدة، وإرشاده لي في العديد من المواضيع، بحكم تكوينه وتخصصه وتعدد لغاته الأجنبية.
أجلت بضعة مواعيد واتجهت جنوبا صوب مدينة "بويرتو ريكو"، التي كانت زيارتها فعلا فرصة لتوسيع متن مداركي في التخطيط الحضري ( الساحلي بالخصوص)، وكيف تحول الساحل إلى قطب جذب يشع بهاء وجمالا من جهة، ويضخ الثروة في خزينة جزر الكناري من جهة ثانية.
وبما أني بالساحل، حرصت على إكمال الطقوس البحرية كلها، فقصدت مطعم "باهيا بلايا"Bahía Playa، المطل على مارينا "بويرتو ريكو" لإسكات "أصوات معدتي"، ولكم كانت المفاجاة جميلة، حين قدم عندي النادل وقال لي باللهجة المغربية :" مرحبا بك".
سألته مازحا : " كيف عرفت أني مغربيا، فقد أكون ألبانيا أو يمنيا أو ليبيا أو من كوستاريكا حتى".
فأجابني:" الطابع المغربي باين ولو تمشي للقطب الجنوبي أو جزر السيشل".
ضحكنا وتبادلنا العناق والسلام وتبادلنا التعارف والأسماء، وقلت له: "بما أني ضيف عندكم با خالد( النادل اسمه خالد وينحدر من مدينة تطوان)، قدم لي ما تشاء من أكلة، بشرط أن تكون بالسمك".
لم يخب ظني، إذ أحضر لي خالد طبقا شهيا مهيأ من سمك اسمه "لينا" lina، مرفق ببعض السلاطة وبطاطة مسلوقة على الطريقة المحلية تمزج مع صلصة sauce، تسمى عند أهل كناري ب " موخو" Mojo، يضفي على أكل البطاطا المسلوقة نكهة "واعرة".
وبما أن الختم لا يجوز إلا "لأهل الدار"، فقد أهداني الشاب خالد التطواني في النهاية مشروبا عبارة عن "كوكتيل" لذيذ جدا، أعده هو خصيصا لي عربونا على التعارف وترحيبه بمغربي زار مطعمهم.
ملحوظة
استأذنت خالد في نشر صورته معي. وألح علي بأن أكتب في الفايسبوك بأنه والطاقم العامل معه بالمطعم، يرحب بكل مغربي ومغربية قادته الظروف لزيارة "بويرتو ريكو" لتذوق الأكل المحلي لجزر كناري بمطعم "باهيا بلايا".