أول من بدأ بالسيت كوم لدينا في المغرب هو سعيد الناصري ب"أنا وخويا ومراتو" الذي عرض في رمضان 1998 بالقناة الأولى، لن يلام سعيد الناصري بسبب استيراده لهذا الفن وتقديمه لجمهور بلاده، ربما كانت نواياه طيبة، سلسلته الأولى هذه كانت ناجحة واستقبلت حينها بالتشجيع والتصفيق، لكن ماذا بعد؟ هل نضجت التجربة وتطورت بعد 25 سنة من انطلاقها؟ السؤال لا يحتاج الى تخمين أو تفكير، طبعا لم تنجح، والدليل الاستياء والاستهجان اللذان تُقابل بهما كل سنة من طرف الجمهور، خمسة وعشرون سنة من التفاهة الناعمة، التي تجعلك تتطبع معها وتتقبلها بعد فترة من عرضها ومشاهدتها دون وعي منك، مهما بلغ استهجانك ورفضك لها فيوما ما ستُدمنها وتصبح جزءا من تركيبة فكرك، وهنا تكمن الخطورة، الكل يعترف بحموضة هذه السيتكومات، وبأنها تافهة ولا تحقق أية إضافة تذكر بما فيهم فيصل العرايشي نفسه المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وقد سبق له أن تعهد في اجتماع لجنة التعليم والاتصال بمجلس النواب سنة 2021 بحذفها من البرمجة الرمضانية، لكن لاشيء من ذلك حدث.
فن السيت كوم انطلق من أمريكا، ويعني المصطلح باللغة الإنجليزية sitcom وهو اختصار لكوميديا الموقف فكلمة sit هنا تعني situation أي موقف، وcom تعني comedy أي كوميديا، وأول ظهور لهذا الفن كان من خلال الإذاعة في عشرينات القرن الماضي، ثم في التلفزيون في أواخر الأربعينات، هو جنس درامي تتعرض الشخصيات فيه لمواقف يومية كوميدية ساخرة حسب تطور الأحداث، دون تصنّع ولا حشو ولامبالغة في التعبيرات الجسدية، ولا إطلاق نكت وقلب جُمل خارج السياق، قصد الإضحاك، ومن الضروري أن تدور أحداثه داخل فضاءات مغلقة، فن السيت كوم في أمريكا مثلا صناعة لكن بآليات وقواعد مدروسة، وله جمهوره العريض في العالم أجمع، وقد حقق الانطلاقة الأولى للعديد من النجوم أو على الأقل شاركوا في عمل من أعماله في فترة من الفترات، كهيلين هنت مثلا، وجيم كاري، وتوم هانكس، وويل سميث، وساندرا بولوك...وغيرهم، لكن للأسف هذا الفن تحوّل عندنا الى مسخ، حيث يعاني من الإرتجالية وغياب رؤية واضحة، وركاكة في الكتابة، وإفلاس في الأفكار، ويمكن اعتباره أيضا ملجأ للكثير من الممثلين والمخرجين الفشلة، وكعكة دسمة للمنتجين... لاشيء فيه يدل على أنه فن سيت كوم حقيقي سوى تلك القهقهات التي يطلقونها في الخلفية بابتذال وسخف واضحيين، هناك بعض الفلتات التي كانت الى حدّ ما ناضجة وعلينا أن نعترف بذلك، كسيت كوم "أنا وخويا ومراتو" 1998، و"عائلة السي مربوح" 2003، و''لالة فاطمة''2001، لكنها للأسف قليلة جدا.
ويبقى السؤال الخالد الى متى ستظل هذه الكعكة تنعش جيوب الفشلة وشناقة وبوعارة الفن؟