كل التقارير الصحافية الواردة من جزيرة مايوت الفرنسية الواقعة في المحيط الهندي، تؤكد ازدياد حدة التوتر في أحياء الصفيح حيث تعتزم السلطات الفرنسية ابتداء من الاثنين القادم 01 ماي 2022 ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية، وأغلبهم من جزر القمر المجاورة. وقد نددت منظمات غير حكومية بعملية الترحيل التي تثير توترا كبيرا في الأحياء المستهدفة.
وحسب نفس المصادر، دعا رئيس جمهورية جزر القمر غزالي عثماني لمناقشة الملف مع باريس، إذ ذكر أنه يؤيد "الحوار" بشأن إعادة أشخاص موجودين بشكل غير قانوني في مقاطعة مايوت. يأتي ذلك بعد تعبيره في وقت سابق عن رفضه التام لاستقبال مهاجرين.
وعلى الرغم من أن الحكومة الفرنسية حددت موعدا دقيقا لبدء عملية "وامبوشو" التي تقدم بها وزير الداخلية وأراضي ما وراء البحار الفرنسي جيرالد دارمانان، فإن هناك حوالي 1800 فرد من عناصر الشرطة والدرك المتمركزين في مايوت.
من جهته، قال وزير الداخلية القمري فكر الدين محمود إن "حكومتي أعلنت موقفها بوضوح: لن تقبل بعمليات الطرد".
لكنه أعلن لاحقا أنه يواصل المناقشات مع فرنسا وأنه تحدث في اليوم السابق مع دارمانان. وقال "أجريت مناقشة جيدة مع نظيري الفرنسي. في هذه المرحلة لا يمكننا التحدث عن اتفاق".
وتعتبر جزيرة مايوت ذات الأغلبية المسلمة في المحيط الهندي، التي تقع تحت حكم فرنسا، أفقر مقاطعة فرنسية، مسجلة أعلى معدل بطالة في الاتحاد الأوروبي.
وفي شهر نونبر 2022،
دعا عدد من الممثلين السياسيين لجزيرة مايوت، إلى تدخل الشرطة الفرنسية لمدّهم بالتعزيزات اللازمة بعد عودة سكانها إلى قبضة العنف.
وقد تسببت الهجمات الأخيرة للعصابات المسلحة بالسواطير في تكرار ما حدث عامَي 2018 و2020 من فوضى وانعدام أمن.
جريدة "أنفاس بريس" تتبعت خيوط الملف لكي يفهم القارئ ما يحدث هناك. هكذا يجب أن ننظر إلى السياق التاريخي والاجتماعي والجغرافي لجزيرة "اللا مساواة". هي جزيرة مايوت المقاطعة الفرنسية الأفقر على الإطلاق إذا ما قورنت ببقية المقاطعات الفرنسية، إذ يعيش 77% من سكانها تحت خط الفقر. كما أن متوسط مستوى المعيشة أقل بستة أضعاف من مستوى المعيشة في بقية فرنسا، وفقاً للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (INSEE). ويُعتبر الدخل الشهري لأكثر من نصف السكان أقلّ من 160 يورو شهريّاً، وهو دخل منخفض للغاية.
أما معدلات البطالة، فإن 36% من الأشخاص الذين تتراوح سنهم بين 15 و29 عاماً عاطلون عن العمل، حسب الأرقام الواردة من CERCOM (مركز الحسابات الاقتصادية السريعة لأقاليم ما وراء البحار)، وهي نسبة أعلى بثلاث مرات منها داخل فرنسا. يذكر أن النسبة كانت 30% في الربع الثاني من عام 2021.
ولم يتوقف الأمر على عدم المساواة في الأجور والعمل، بل أصبح الأمر يطال الأطفال أيضاً، وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في تقريرها الأخير أن "فرنسا تلجأ إلى ممارسات تتعارض مع مبادئ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، مثل الاحتجاز الإداري للأطفال الذين لهم أسر في وضع غير قانوني، بالإضافة إلى ترحيل بعضهم".
في انتظار الإثنين القادم 01 ماي، تاريخ بداية ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، الجميع بجزيرة يعيش على أعصابه لأن جميع المؤشرات توحي بارتفاع درجات العنف والمواجهة بين السلطات والمستهدفين بعملية الترحيل.