الجاني: مهاجر مغربي يحمل الجنسية الأمريكية
الضحايا ـ الناجيات: 6 قاصرات
مكان الجريمة: دوار بضواحي مراكش
في عز أزمة انشغال المواطنين بفيروس كورونا ومع ما خلفه من أعطاب صحية ونفسية على المصابين، كان المهاجر المغربي الحامل للجنسية الأمريكية (36سنة) منشغلا برغباته ونزواته الجنسية، حيث كان يستدرج فتيات، داخل مسكنه السياحي المتواجد بأحد الدواوير الفقيرة ضواحي مدينة مراكش، واغتصابهن وتصوريهن في أوضاع إباحية.
"بطاقة تخزين" واكتشاف هوية الذئب
القضية انفجرت عقب تقدم هذا المهاجر المغربي لدى مصالح الدرك الملكي بجماعة (.... ) بشكاية مفادها أن مسكنه بدوار(...) قد تعرض للسرقة من طرف مجهولين. وبعد البحث والتحري في عين المكان، سيتم العثور صدفة داخل غرفة نومه، التي أثارت شكوك رجال الدرك الملكي، على بطاقة تخزين لهاتف نقال carte memoire، كانت تحوي مقاطع فيديوهات فاضحة لبعض فتيات الدوار، وهن في وضعيات إباحية... ومع تقدم البحث سيتؤكد أن الفتيات اللواتي تعرضن للعنف الجنسي هن من بنات نفس الدوار(...) ولما فطن المشتكي/ المهاجر للبطاقة، لم يكن أمامه سوى الفرار إلى وجهة مجهولة، لكن مصالح الدرك الملكي، وقفت له بالمرصاد، حيث أصدرت في حقه مذكرة بحث وطنية، كما استمعت لإفادات عائلات الفتيات اللواتي يظهرن في مقاطع الفيديوهات. ف"رب صدفة خير من ألف ميعاد"، كما يقال، قد ينطبق تماما على هذا المهاجر المغربي/ الجاني، بجرمه المشهود هذا، مخلفا وراءه ضحايا من فتيات بريئات وهن في حالات نفسية متدهورة حتى يومنا هذا، وبحسب ذات المصادر فقد كان يغتصبهن هذا " الذئب" بطريقة سادية. كما سيوثق لذلك بنفسه، بالصوت والصورة.
المعطيات التي حصلت عليها "أنفاس بريس" من مصادر خاصة، تؤكد أن البطاقة التي تم تفريغها من طرف الجهات العلمية التابعة للدرك الملكي، كانت تتضمن مقاطع فديوهات لمشاهد خليعة صورت بغرفة نوم المهاجر الجاني داخل مسكنه الخاص الذي أقامه بمسقط رأسه بالدوار، كمشروع سياحي استثماري، حيث تظهر المقاطع أن الجاني كان يمارس الجنس بالعنف على قاصرات من بنات الدوار، وبشكل منفرد، وفي زاوية من زوايا الغرفة، توجد شاشة تلفاز كبيرة كان يخصصها الجاني لمشاهدة الأفلام الإباحية وترجمة الوضعيات الجنسية إلى ممارسة مباشرة على القاصرات رغم عدم رضاهن.
ضياع حقوق الضحايا بتنازل العائلات
أما الموضوع المثير في هذه القضية، أن جميع عائلات الفتيات اللواتي تعرضن للإغتصاب، حسب ما تأكد ل" أنفاس بريس" من مصادرها، الخاصة، أنها رفضت أو تراجعت عن سلك مسطرة متابعة الجاني/ المهاجر، أو الإدلاء بشهاداتهن حتى، أمام المحكمة، نظرا لحساسية الملف بالنسبة لهن، اجتماعيا وأخلاقيا، في دوار، أفراد ساكنته محسوبة على رؤوس الأصابع، إلا عائلة الفتاة سميرة (وهو اسم مستعار)، الوحيدة التي تشبتت بالمتابعة وقررت التبليغ والمطالبة بالقصاص لشرف ابنتها وملاحقة الجاني/ المهاجر أمام القضاء.
لكن ففي الوقت الذي كان فيه البحث جاريا على الصعيد الوطني للقبض على الجاني/ المهاجر، وفق المذكرة التي أصدرتها في حقه مصالح الدرك الملكي، كانت عجلات المساومة والضغط تدور بسرعة أكبر عبر تراب الدوار، للضغط على عائلات الضحايا، تارة بالمال وأخرى بالترهيب، من أجل طي الملف، أضف إلى ذلك محاولة عائلة المهاجر إعطاء القضية بعدا آخر، غير جريمة العنف الجنسي المفصي إلى الاغتصاب، بهدف الإفلات من العقاب المستحق، حيث ستتقدم عائلته بملف طبي يصف الجاني/ المهاجر ، بأنه مصاب بمرض نفسي وعقلي ويتلقى علاجا على ذلك، وفي اعتقدها أنه سينجو من قبضة العدالة ومن برودة القضبان التي تنتظره.
المهاجر /الجاني ظل مختفيا عن المنطقة لعدة شهور عن الأنظار ، متنقلا ما بين مراكش والدار البيضاء، قبل أن يعاود الظهور مجددا ويسلم نفسه للدرك الملكي، معترفا بالمنسوب إليه بتلقائية، وتهمته هتك عرض فتيات في مقتبل العمر، وتصويرهن في مشاهد إباحية. وبعد جلسات محاكمات ماراطونية، سيتم الحكم على الجاني ب 4 سنوات سجنا نافذا، و30 ألف درهم كتعويض للضحية / الناجية( سميرة)، الوحيدة التي قررت عائلتها متابعته ومقاضاته بالتهمة التي حددتها العدالة وهي: استدراجه لفتيات وهتك عرضهن وتصويرهن في مشاهد خليعة وصنع مواد إباحية.
وعلى عكس حالة ( سميرة)، التي قررت عائلتها متابعة الجاني، كان هناك من نفس الدوار، خمس فتيات من ضحايا هذا العنف الجنسي اللواتي مازلن يعانين في صمت، بعدما تم حرمانهن من حقوقهن، بسبب تنازل أولياءهن للجاني، لأسباب يتشابك فيها الثقافي بالاجتماعي بالاقتصادي والعادات بالتقاليد والفقر بالعوز.
" أنفاس بريس" تواصلت مع والد ضحية من ضحايا هذا المهاجر/ الجاني، (طالبا عدم ذكر إسمه)، وأفاد أنه ندم كثيرا لعدم متابعة الجاني الذي اغتصب ابنته ( 16 سنة) سنة 2019، مشيرا أنه ارتكب في حقها ظلما لا يغتفر، مناشدا الجمعيات التي تدافع عن حقوق النساء الأطفال بتبني قضية ابنته مجددا. مشيرا بأنه وقع تنازلا كتابيا لصالح الجاني تحت الضغط والإكراه، وأنه يعتزم رفع دعوى قضائية صونا وحفاظا لحقوق ابنته القاصر. ويبوح والد الضحية القاصر، التي أضحت اليوم راشدا، بحسرة وألم شديدين، أن ابنته تعيش حياتها محطمة، منهارة ومصدومة، رغم كل هذه السنوات من وقوع الاعتداء، حيث تبدل مسار حياتها رأسا على عقب، كما انقطعت عن الدراسة وعن أقربائها، ولم تعد تغادر البيت إلا نادرا وكل أملها الدفين أن تهجر المنطقة نحو مكان آخر ، لعلها تنسى تلك الواقعة الأليمة.
اعتداء على البراءة وضياع للحقوق
ترى الأستاذة جميلة جودار المحامية بهيئة المحامين بمراكش أن تنامي ظاهرة ضياع حقوق الطفلات المعنفات جنسيا مرده لعدم قدرة عائلاتهن على التبليغ والمتابعة القضائية والاتجاه نحو مفهوم " التستر عن الفضيحة"، وذلك لعدة أسباب، اجتماعية وثقافية واقتصادية، وللثغرات القانونية التي مازالت تنخر براءة طفلات بريئات، بل تشجع على انتهاك كرامتهن، بإسقاط تهمة العنف الجنسي على الجناة، لمجرد الزواج من المعنفة جنسيا (رغم حذف فقرة من القانون الجنائي كانت تسمح بذلك) أو التنازل وعدم مواصلة المتابعة. لكن وفي ظل هذه الظاهرة التي يصفها القانون الذي يعتبر أن كل ممارسة جنسية بين رجل راشد وطفلة تعتبر اغتصابا حتى لو وجد الرضى. بمعنى أن الطفلات اللائي وقعن ضحايا إغواء أو إغراء من طرف هذا المهاجر المغربي " البالغ"، فالطفلة قانونا وشرعا تعتبر إما منعدمة الإرادة ومنعدمة الأهلية، أو ناقصة الأهلية عندما يتراوح عمرها بين 12 و18 سنة ولا يقبل تنازلها، وعليه أرى أن من حق الطفلة إذا بلغت سن الرشد أن ترفع دعوى قضائية ضد مغتصبيها، واسترداد حقوقها كاملة، حتى ولو كان ولي أمرها قد وقع تنازلا عن متابعة الجاني عندما كانت ابنته قاصرا، إعمالا للاتفاقيات الدولية التي أنزلها الدستور المغربي منزلة القانون.
جريمة الاعتداء على طفلة واغتصابها للأسف الشديد هي جريمة تخضع للتنازل والتقادم في بلدنا، في حين كان يجب وكما أوصى بذلك المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكذا الجمعيات النسائية، ألا يقبل تنازل ولي الأمر لتعلقها بشخصية المعتدى عليها الطفلة.
النيابة العامة وهي تدافع عن الحق لا يمكنها قانونا قبول هذا التنازل لذلك تسطر متابعتها في حق الجاني بل وتواصل دفاعها عن هذا الحق عبر مرافعات تطالب بأقصى العقوبات في حق الجاني أو الجناة.
وأبرزت المحامية أن القانون الجنائي المغربي في الفصل 486 ينص على أن الاغتصاب جريمة يعاقب عليها بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، غير أنه إذا كان سن الضحية يقل عن 18 سنة أو كانت عاجزة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر ة إلى عشرين سنة.
لكن السلطة التقديرية الممنوحة قانونا للقضاة هي بدون حدود وهي المعتمدة في إطار الأحكام التي تظهر للعموم مخفضة.
وتضيف الأستاذة جودار قائلة: "أملنا هو أن يتم تعديل القانون الجنائي وتشديد الأحكام بالنسبة لقضايا الاعتداءات الجنسية على الأطفال والطفلات والنساء دون أية سلطة تقديرية للقضاء مع الغاء الاستثناء على أية أعذار مثل التي تم اعتمادها لتخفيف العقوبة كما في حالة جريمة الحسيمة".