"أنفاس بريس" تنشر هذه الورقة على 3 حلقات، وهي من إعداد محمد طارق، أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية - المحمدية، جامعة الحسن الثاني - الدار البيضاء، وستتناول الحلقة الأولى محور نقط قوة المنجز الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022:
خلال شهر أبريل من سنة 2022، أطلقت الحكومة المغربية، تماشيا مع التوجهات الملكية من أجل مأسسة الحوار الاجتماعي، وتجسيدا للمقتضيات الدستورية الرامية إلى ترسيخ الديمقراطية التشاركية، ورغبة من الأطراف الثلاثة للحوار الاجتماعي في الانخراط الجماعي لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، جولة للحوار الاجتماعي، وبعد سلسلة من الاجتماعات الثلاثية المسترسلة على مستوى اللجان المنبثقة عن اللجنة العليا للحوار الاجتماعي، ويتعلق الأمر بلجنة القطاع الخاص وتشريعات العمل، ولجنة المأسسة، ولجنة القطاع العام، واللجنة المشتركة، وبفضل الإرادة الجماعية لأطراف الحوار، والتفاعل الإيجابي للحكومة مع المذكرات المطلبية للشركاء الاجتماعيين، والرغبة الثابتة لإنجاح جولة الحوار الاجتماعي وإعطائه دينامية جديدة، مبنية على المزاوجة بين تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية وتعزيز تنافسية النسيج الاقتصادي الوطني، والتي تُوّجت بالتوقيع الثلاثي على اتفاق اجتماعي بتاريخ 30 أبريل 2022.
وقد أفضت جولة أبريل 2022 للحوار الاجتماعي إلى توافق الأطراف الثلاثة: الحكومة، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلا (الاتحاد المغربي للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، إضافة إلى الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، على وثيقتين مركزيتين:
- التوقيع على محضر اتفاق للفترة ما بين 2022 و 2024؛
- التوقيع على الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي.
وبعد سنة من التوقيع على محضر الاتفاق الاجتماعي لجولة أبريل 2022، والذي تضمّن التزامات متبادلة بين أطراف الحوار الاجتماعي، تأتي هذه الورقة لتقييم مستويات تنفيذ مخرجات الاتفاق، وخاصة الالتزامات التي اتفق الأطراف على تنزيلها خلال السنة الاجتماعية الأولى من الاتفاق: أبريل 2022 - أبريل 2023، حيث ستتوقف هذه الورقة عند استعراض نقط قوة المنجز الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022 (أولا)، ثم الكشف عن أوجه قصور الفعل الحكومي في تنزيل مخرجاته (ثانيا)، بهدف الوصول إلى تقييم عام لحصيلة الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين خلال السنة الاجتماعية الأولى بعد اتفاق 30 أبريل 2022 (ثالثا).
أولا: نقط قوة المنجز الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022
هدف محضر الاتفاق الاجتماعي والميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي التأسيس لنموذج مغربي من الحوار الاجتماعي، على أرضية مرتكزات مؤطرة ومبادئ موجّهة وبرؤية واختيارات واضحة في الجوانب المتعلقة بالآليات والمستويات والمنهجية، مع الحرص على تأمين انتظامية الحوار وفق دورية مضبوطة، وإرساء آليات لتصريف مخرجات الاتفاقات، حيث توفّقت الحكومة في إقناع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين بالتوقيع على ميثاق للحوار الاجتماعي، كما حرصت على احترام دورية انعقاد جولات الحوار الاجتماعي، وتنظيمها (شتنبر 2022 / أبريل 2023)، كما خصصت برمجة مالية لتنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي في قانون المالية للسنة المالية 2023.
وبعد سنة من تنزيل محضر اتفاق 30 أبريل 2022، يمكن أن نسجل إيجابية الإجراءات التي بادرت إليها الحكومة عبر مشاريع قوانين أو إجراءات تقنية، وحسن تفاعل الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) في تفعيل الإجراءات التي تهم أجراء القطاع الخاص والتي تشمل:
- الزيادة في الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5 في المائة ابتداء من فاتح شتنبر 2022؛
- التوحيد التدريجي للحد الأدنى القانوني للأجر بين قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي، من خلال زيادة 10% في الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي، خلال سنتي 2022 و2023 على التوالي؛
- تخفيض شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3.240 يوم اشتراك إلى 1320 يوما؛
- تمكين المؤمن له البالغ السن القانوني للإحالة على التقاعد والمتوفر على أقل من 1320 يوم اشتراك من استرجاع حصة الاشتراكات الأجرية واشتراكات المشغل؛
- تمكين المؤمن لهم المحالين على التقاعد المتضررين من الجائحة من معاش الشيخوخة، مع مراعاة الفترة بين فبراير 2020 ودجنبر 2021، دون احتساب الحالة التي لم يحصلوا فيها على أي أجر أو حصلوا فيها على أجر غير كامل؛
- إطلاق برامج لتكوين الأطراف المعنية وتعزيز قدراتها لإبرام اتفاقيات شغل جماعية؛
- المصادقة على مرسوم إحداث الجائزة الوطنية لاتفاقيات الشغل الجماعية من أجل تشجيع الأطراف على اللجوء إليها، علما أنها خيار إرادي بين طرفي الإنتاج من أجل إنتاج قواعد تعاقدية ملائمة وخصوصيات المقاولات.
كما اتفق أطراف الحوار الاجتماعي خلال جولة أبريل 2022، على مقتضيات تهم القطاع العام، عملت الحكومة على تنفيذ جزء كبير منها، من خلال مبادرات تشريعية، أو برمجتها في قانون المالية للسنة المالية 2023، وذلك ما مكن من تحقيق التزامات من قبيل:
- حذف السلم السابع بالنسبة للموظفين المنتمين لهيئتي المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين، ودخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2023؛
- رفع حصيص الترقي في الدرجة من 33 % إلى 36%، وقد دخل هذا الإجراء حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2023؛
- الرفع من قيمة التعويضات العائلية بالنسبة للأبناء الرابع والخامس والسادس إلى 100 درهم في الشهر؛
- أجرأة الالتزامات المبرمة في الحوارات القطاعية خاصة في قطاعي التربية الوطنية والصحة؛
- إقرار رخصة الأبوة مدتها 15 يوما مدفوعة الأجر (تعديل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح شتنبر 2022)؛
- إحداث مؤسسة مشتركة للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الإدارات العمومية التي لا تتوفر على مؤسسات للأعمال الاجتماعية (نشر القانون رقم 41.22 القاضي بإحداث وتنظيم مؤسسة مشتركة للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الإدارات العمومية، في الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح شتنبر 2022).
كما خصص محضر اتفاق 30 أبريل 2022 مقتضيات تهم المجال المشترك الذي يخص القطاعين العام والخاص على السواء، حيث تمكنت الحكومة من تحقيق ما يلي:
- الرفع من مبلغ الدعم المخصص للمركزيات النقابية بنسبة 30 في المائة، وكذا مراجعة الدعم في جانب التكوين النقابي بما يعزز دور النقابات في التأطير والتكوين؛
- فتح الحوار مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بهدف إصلاح أنظمة التقاعد.