عبد العزيز الداودي: هل يخيم شبح "السودان" على صراع الأجنحة داخل عسكر الجزائر؟

عبد العزيز الداودي: هل يخيم شبح "السودان" على صراع الأجنحة داخل عسكر الجزائر؟ عبد العزيز الداودي يتوسط قائدي الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو و جنرالات الجزائر وتبون
ما يحدث في هذه الأيام من تطورات خطيرة بالسودان راح ضحيتها العديد من المواطنين والمواطنات اغلبهم مدنيون تحملوا وزر صراع أجنحة عسكر السودان وتحديدا قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال حميدتي والجيش بقيادة الجنرال برهان فإلى حدود الأمس القريب كان قد اتفق فيه القائدان على اقتسام السلطة ورسما سويا معالم نظام السودان مستقبلا.
إلا أن محاولة الجنرال برهان حل قوات الدعم السريع ودمجها في الجيش السوداني فجرت المسكوت عنه وتحول الصراع الى دموي استهدف ثكنات الجيش والمرافق الاستراتيجية للدولة.
وبما أن عقيدة العسكر هي واحدة، يتسائل متتبعو الشأن المحلي بالجزائر عن مصير عسكر الجزائر وما إن كانت ستطفو على السطح صراعاته الداخلية وتتحول بالتالي إلى صراع دموي بين الأجنحة المتصارعة داخل المؤسسة العسكرية، خصوصا إذا علمنا أن قائد اركان الجيش سعيد شنقريحة باشر عمليات تطهير واسعة في صفوف الجيش على مدى السنتين السابقتين، حيث أقال محمد قايدي والذي يوصف بالرجل الثاني في قيادة أركان الجيش بعد شنقريحة، تلاه زلزال اعفاءات واعتقالات لكبار الجنرالات داخل الجيش بدءا مع اعتقال عبدالحميد غريس الأمين العام السابق لوزارة الدفاع والمسجون منذ يوليوز 2021 ومحمد بوزيت المدير السابق لمديرية التوثيق والأمن الخارجي المختصة في مكافحة التجسس والذي أقيل ثم اعتقل بتهم تتعلق بالمساهمة في تسريب الوثائق والرسائل السرية لوزارة الدفاع واطلاع جهات أجنبية عليها وهؤلاء كلهم تم تعيينهم في عهد رئيس اركان الجيش الراحل القايد صالح.
ومن سخرية الأقدار أن العديد ممن تولى قيادة أركان الجيش كانت نهايته مأساوية بدءا بالجنرال خالد نزار والذي كان الرجل القوي في التسعينات من القرن الماضي وفي العشرية الدموية السوداء التي شهدتها الجزائر ومسؤوليته الجسيمة فيها بخصوص الجرائم الفظيعة التي راح ضحيتها الآلاف من الجزائريين وحتى الرهبان الفرنسيين لم يسلموا منها ليختار بعد ذلك المنفى الاختياري ثم يسلط الضوء على حقبة بوتفليقة بكتابه المشهور Bouteflika une imposture algérienne فيدان بعدها قضائيا في عهد الجنرال القايد صالح ثم يعفى عنه ويرجع مرة أخرى رجوع الأبطال الى الجزائر ليتكلف بإدارة ما تبقى من المهام القذرة.
وبعدها وفي عهد الرئيس بوتفليقة بسط الجنرال العماري سلطته على دواليب الدولة.تحكم في الاعلام والمجتمع المدني والأحزاب والنقابات وغيرها ليوصف هو الآخر بالرجل القوي قبل أن يعفى من منصبه ثم يتوفى في ظروف غامضة.
ليأتي بعده الجنرال القايد صالح والذي استطاع ان يلتف عل مطالب الحراك الشعبي بالجزائر وخاصة دولة مدنية ودستور ديمقراطي يصاغ من طرف. مجلس تأسيسي ويعرض على استفتاء شعبي للمصادقة عليه وحاول ايهام الشعب الجزائري بانه هو المنقذ بعد ان باشر عمليات اعتقال واسعة طالت العديد من الوجوه السياسية والعسكرية منهم أويحيى، عبدالمالك سلال، سعيد بوتفليقة والجنرال توفيق ثم زعيمة الحزب العمالي لويزة حنون.
وبعد أن أنهى مهامه ونصب عبدالمجيد تبون رئيسا للجمهورية الجزائرية توفي هو الاخر في ظروف غامضة تحوم حولها الشكوك وتعزز فرضية اغتياله من طرف شنقريحة نفسه حتى يخلو له المجال ليكون الرجل القوي في الجزائر.
ويخشى الملاحظون من أن تتسارع وتيرة الاغتيالات والاعتقالات لتطال الثكنات العسكرية والمخابراتية للجيش الجزائري حيث ان جنرالاته يخشون على امتيازاتهم ونفوذهم واستغلالهم لثروات وخيرات البلاد وهم بذلك مستعدون لخوض سياسة الارض المحروقة بمنطق انا ومن بعد الطوفان. فالفتنة في بيت العنكبوت واوهن البيوت هو بيت العنكبوت.