ووقف رئيس جماعة تطوان في كلمته على ثلاثة مستويات: الأول يتعلق بالعمل الثقافي كأولوية في انشغالات الجماعة، مذكرا بأوجه دعم الجماعة لهذ العمل. والثاني يتعلق بقيمة هذا الإصدار التوثيقي لأجزول، والذي يجسد الاعتراف بأجيال في خدمة وتطوير الشأن المحلي. والثالث يتعلق باستحضار روح الفقيد عبد القادر الخراز العضو ببلدية تطوان في حقبة (1983-1992)،الذي وسم العمل الجماعي بالبعد الثقافي.
الدكتور عثمان أشقرا، وهو يقر بأن هناك من هو أولى منه بالكلام عن الفقيد، باح بأن في عنقه دينا تجاه الراحل لا بد من الوفاء به ،لأن ظروفا قاهرة كانت حالت دون حضور جنازته وأربعينيته. والآن حان الوقت ليرد هذا الدين في هذ المحفل.
في لحظة بوح الاستاذ أشقرا،نقف على فترة تعرفه على الفقيد في المدرسة العليا للأساتذة في ثمانينيات القرن الماضي؛إذ عرفه أستاذا مربيا وباحثا أكاديميا، وإنسانا.فأول بيت تطواني دخله أشقرا الآتي من خريبكة، وتذوق فيه الطبخ التطواني، كان بيت الخراز.كما كان له دور، وهو يفتح له مجالا للبحث، إلى جانب حسناء داود، في ربح رهان أطروحته الجامعية، "في سوسيولوجيا الفكر المغربي الحديث"،على مستوى التمييز بين الحركة الوطنية بالشمال والجنوب.حيث خصوصية تلك التي في الشمال بالروح المدنية والثقافية.
كما اعتبر المتدخل أن الفترة التي شغلها الراحل كمستشار في بلدية تطوان، كانت فترة دقيقة وملحمية في تاريخ هذه المدينة، وأنه جسد عودة الروح للسياسة ،إذ مارسها بروح مدنية،فجسد في النهاية النموذج التطواني الذي مارس السياسة بشرف وأخلاق.
أما حسناء داود، رئيسة مؤسسة داود للتاريخ والثقافة، عضوالمجلس العلمي بتطوان-وهي صاحبة تقديم هذا الكتاب الصادر عن باب الحكمة بتطوان- فقد اعتبرت أنه يحقق الأمل في الرصد الموثق لمختلف المراحل المتعاقبة في تدبير الشأن المحلي في مختلف مدن الشمال، قبل الحماية وخلالها، وفي عهد الاستقلال. وقد وقفت عند هذه المحطات التاريخية، منوهة بمجهود الكاتب وبأمانته العلمية في التوثيق، وبلغته الأم، رغم ممارسته للغة الفرنسية كأستاذ للفيزياء بكلية العلوم بتطوان.
أما محمد العربي الزكاري، رئيس جماعة تطوان الأزهر 1997-2003،فقد عبر عن سعادته بكون جماعة تطوان تستعيد مكانتها في العمل الثقافي،وكذلك لاختياره في قراءة هذا الكتاب ،كشاهد وفاعل عايش فترة العمل الجماعي1983-2021.حيث استعرض مختلف محطات العمل الجماعي في هذا الكتاب الضخم، وبالكم الهائل من الوثائق التي استقرأها الطيب. لكنه توقف عند سياقات منعطف مرحلة 1983-1992،حيث تكلم بوجدان عن هذه المرحلة من رئاسة المرحوم أحمد اجزول لبلدية تطوان.
أما الطيب أجزول وهو يشكر جماعة تطوان،والمساهمين في هذه القراءة والحضور،ركز حديثه على دوافع هذا التأليف .ففي الشق الموضوعي، تفتقر الخزانات المحلية إلى مثل هذا الانشغال، في حين أن الكتابات اليهودية والإسبانية حملت هذا الملمح. كما يتطلب البحث عن أسباب الاحساس بالتهميش لدى ساكنة الشمال،وكذا الحاجة إلى التعريف بالمشاريع الملكية منذ 2006، من موقع جماعة تطوان ضمن الأطراف المتعاقدة في ذلك.
وفي الجانب الشخصي، هناك فوز والده المرحوم عبد السلام أجزول في أول انتخابات ديموقراطية للحركة الوطنية في تطوان سنة 1931،وكذا رئاسة شقيقه المرحوم أحمد أجزول لبدية تطوان،(83-92)وعضوية شقيقه المرحوم محمد أجزول فيها.
وللتنويه في هذا الباب، فالطيب مسكون بمسألة الذاكرة.فقد صدر له كذلك :"النظام الإداري والمخزني بتطوان في عهد الحماية الإسبانية"، و"من تاريخ المجتمع التطواني. وثائق عائلية:القرن18-القرن20"،و"من عائلات تطوان ،عائلة زوزيو من خلال الوثائق المخزنية والعائلية".
هذه الأمسية عرفت تقديم تذكار لعائلة عبد القادر الخراز،عبارة عن بورتريه للفقيد،وكذلك إهداء نسخ الكتاب موضوع للقراءة، لرؤساء سابقين للجماعة:الحاج اتباتو بوشتى، محمد الحبيب الخراز، وعبد السلام أخماش، ومحمد العربي الزكاري، والمرحوم محمد أزطوط (تسلمه ابنه). وبهذا برزت الروح المدنية في تطوان في تجسيد ثقافة الاعتراف بالآخر.