هذا النشاط الذي استهل بتلاوة ٱيات بينات من كتاب الله العزيز ،تلاها أحد طلبة المعهد. وبعد تقديم المحاضر وإسهاماته..شرع "شيخ الأشعرية" في مداخلته، التي لامس فيها في البداية، ظروف ومحددات طباعة كتاب "تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي"، منذ ما يفوق عشرين سنة، وما عرفه من انتشار في العالم ،بحيث صار يدرس في كبريات الجامعات العالمية، وترجمت أجزاء منه إلى لغات أخرى.
ثم انتقل إلى الوقوف عند عنوان الكتاب وتحديد مكوناته ،حيث وقف عند مفهوم المذهب الأشعري ،وسياق ظهوره وملامحه وخصائصه الكبرى. وسياق ظهوره في المشرق مع الشيخ أبي الحسن الأشعري. وما تلا ذلك من استيعاب المذهب الأشعري للمذاهب الفقهية من مالكية وشافعية وفضلاء الحنابلة ،ناهيك عن كون الماتريدية تشابه الأشعرية وتتقاطع معها في جل الأصول والأمور، وبذلك يكون المذهب الأشعري قد عرف امتدادا جغرافيا كبيرا في خريطة العالم الإسلامي ،وفي النخبة المثقفة .إذ جل علماء العالم الإسلامي بعد الأشعري كانوا أشاعرة.
أما عن شروط ومحددات حضور هذا المذهب إلى منطقة الغرب الإسلامي، فقد تم استعراض ذلك من خلال أسماء عرفت بدفاعها القديم على المذهب الأشعري وإمام المذهب ،مثل أبي ميمونة دراس بن إسماعيل، والزبيري، والقابسي، وأبي عمران الفاسي الذي كان له مشروع تثبيت العقيدة الأشعرية والفقه المالكي والتصوف السني في بلاد المغرب. لكنه نجح في تثبيت الفقه المالكي على كل جهات المغرب ،وتخلص بذلك من كل المذاهب المغالية التي كانت في بعض جيوبه. وفي المقابل واجه مشروعه العقدي ممانعة من طرف بعض فقهاء المالكية. لكن المشروع لم يقبر .فقد جاء ابن تومرت، ونظر له وعمل على تفعيله .وبذلك تم ترسيم المذهب الأشعري ثابتا عقديا لأهل الغرب الإسلامي. فتتالت عملية تطوير المذهب، على يد ثلة من الأعلام العلماء الذين بصموا المذهب الأشعري باجتهاداتهم ومناظراتهم ومطارحاتهم أمثال ابن العربي وابن بزيزة وابن دهاق واليفرني ..ومن جاء بعدهم، سواء السنوسي وابن زكري وزروق والهبطي والمنجور واليوسي...
وقد تخللت هذا المسرد التاريخي،توضيحات بشأن بعض قضايا المعتقد الاشعري،وفرادتها العقدية.
وفي الأخير، فتح باب المناقشة، التي أبانت عن اهتمام كبير أبداه طلبة المعهد، بالكتاب وبمحتوياته وبأهميته .حيث تعالت أصواتهم بضرورة طبعه من جديد وبكميات كافية.
وبالفعل فهذا الكتاب الذي نفدت طبعاته الثلاثة،والذي يستوجب طبعة رابعة،كان الفضل في صدوره،إلى حدوس تزكية الأستاذ أحمد التوفيق،وزير الأوقاف،فكانت الفتوحات من منطلق التقاء الإرادات في حضن مشروع الدولة،بمرتكز تحملات مرجعية إمارة أمير المؤمنين فيها .
وبهذه المحاضرة،يكون الشيخ احنانة في ديناميته الرمضانية ،قد أطل من نافذة أخرى،بأسلوب آخر من مقامات تعبيراته التأطيرية والإشعاعية.فإلى جانب مهام العضوية في المجلس العلمي بتطوان،و الخطابة بمسجد بدر،فقد ساهم في هذا الشهر الفضيل،إلى الآن،بثلاثة دروس في الزاوية الحراقية،وبدرسين في مسجد محمد السادس،ضمن مستويات أخرى من الحضور الوازن والفعال!