ملف اغتصاب "سناء"..بوعياش تطالب بإصلاح النموذج الذي يحكم السياسة العقابية 

ملف اغتصاب "سناء"..بوعياش تطالب بإصلاح النموذج الذي يحكم السياسة العقابية  آمنة بوعياش خلال اللقاء التفاعلي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان
أكدت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن الحكم المخفف على مغتصبي طفلة تيفلت التي لا يتجاوز عمرها 11 سنة، يؤكد ملاحظات المجلس المنشورة في تقريره الصادر في شهر مارس من سنة 2023، حول "تشجيع الضحايا على التبليغ عن العنف بجميع أشكاله لمكافحة الإفلات من العقاب"، حيث كان من أهداف التقرير تطوير النقاش العمومي، من خلال الملفات، وحالات العنف، بما في ذلك العنف الجنسي وبسط الخطورة اللازمة، والمطلوبة للتصدي لها، واسترشادا بعدد من التجارب الدولية التي أثبتت أن التبليغ عن جرائم العنف، هو وسيلة فعالة لتعبئة المجتمع لمكافحة العنف الجنسي، والابتزاز.

جاء ذلك في كلمة لـ"بوعياش" خلال اللقاء التفاعلي الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء 11 أبريل 2023 حول "العنف الجنسي اتجاه الأطفال"، بمشاركة باحثين وأكاديميين مهتمين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني. 

وأضافت المتحدث ذاتها أن رد الفعل الأول على ملاحظات المجلس، كان مشوبًا بالغضب، وأيضا خوف من ترسيخ الطبيعة الإجرامية - غير المقبولة لأشكال العنف في أذهان الناس، و"هذا ليس هو الحال اليوم. فقد سجلنا جميعا، عدم قبول المجتمع لما جرى واهمية المواقف المعبرة عنها لمختلف الفاعلين ولم اتفاجأ من قدرة المجتمع المدني للتعبئة ضد ما جرى ومتابعته الدقيقة لحيثيات الملف القضائي".

وشددت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أنه مع تواتر حالات العنف الجنسي، يجدد بالمجلس اقتراحه، بإصلاح النموذج الذي يحكم السياسة العقابية، وإلى إعادة تصنيف الاغتصاب والاعتداء، وفقًا للمعايير الدولية، على أنهما عنف جنسي، أي جريمة تهدف إلى المس والإضرار بالسلامة الجسدية للضحية والتي يجب أن يعاقب عليها بشدة. مهما كانت الظروف، وليس مجرد انتهاك لمنظومة الأسرة كما هو الحال اليوم.

وفيما أكدت على ضرورة مراجعة المعايير الاجتماعية الحمائية ضمن مسؤولية مشتركة، عليها أن ترتكز على مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، شددت بوعياش على ضرورة تفاعل الفاعل المؤسساتي، ليخطو الخطوة الديمقراطية، والحقوقية المنتظرة من المجتمع، الذي عبر عن رفضه الواضح والواسع ضد التطبيع مع الاعتداء الجنسي، ولعدم إنصاف الضحايا.

وزادت بوعياش قائلة: " حالة العنف الجنسي لطفلة تيفلت، جعلتنا نواجه، وبشكل علني وواضح ثلاث ضحايا في هذه القضية. 
-أولا: الطفلة الضحية، وكيفما كانت الظروف، فقد تعرضت لظلم، وعدم انتصاف لطفولتها فالاعتداء الجنسي، جريمة شنيعة والحكم الابتدائي لم يحم سلامتها الجسدية والنفسية والاجتماعية.
-ثانيا: الطفل المولود، من العنف الجنسي، غير شرعي، لن يأخذ إسم الأب، يسجل في سجل الأحوال المدنية كطفل من أب مجهول، رغم أن اختبار الحمض النووي أثبت أبوة المعتدي.
 
-ثالثا: المجتمع الذي يقاوم التطبيع مع العنف، والخوف من تقليص الطابع الإجرامي لجميع أشكال العنف، والقلق من أنلاتستجيب المعايير والقواعد القانونية، كوسيلة الحضارية لفرض توازن وانصاف داخل مجتمع يحمينسائه وفتياته وفتيانه من الانتهاكات الجسيمة.
 

وأفادت بأنها "تساءلت، عقب الاعتداء الشنيع الذي تعرض له الطفل عدنان، الله يرحمو، حول فلسفة العقاب وحول الحماية باعتبارها مسؤولية مشتركة. كما تابعت حالات أخرى: للطفلة خديجة واليوم سناء وآية، حالات كثيرة، منها ما أثارها الإعلام ومنها ما لم يثرها.حقيقة أن المقتضيات القانونية المتعلقة بالاغتصاب، وهتك العرض تعتري عدد منها الالتباس ولا يمكن التنبؤ بها، وتطبيق القانون لا يتم بشكل ممنهج، وأن العديد من مرتكبي الاغتصاب يفلتون من العدالة. هذا ما كاد أن يحدث في هذه الحالة إذا لم تكن الضحية قد حملت".

بوعياش أبرزت أيضا أن الإشكال الجوهري هو نجاعة المنظومة الحمائية، ومستوى ملاءمتها مع المعايير الدولية لحماية حقوق الطفل. أتحدث هنا عن منظومة حمائية كما يتم تعريفها دوليا المختصة في الطفولة أي اليونيسيف (système de protection) التي تشمل القوانين، والسياسات، والمؤسسات والموارد التي تعمل على وقاية الأطفال وحمايتهم من العنف والتصدي والتكفل المتعدد الأبعاد، يكون القضاء هو المدخل الأساسي فيه، سؤال يحتاج اليوم ليس فقط إلى جواب حول مستوى ملاءمة هذه المنظومة مع المعايير الدولية، بل كذلك الوقوف بشكل مستعجل على مواطن الخلل فالأمر أضحى أكثر من مستعجل.