ورغم أن فرنسا من الدول الأوروبية الحليفة لواشنطن، على نحو وثيق، إلا أن الرئيس إيمانويل ماكرون، أجرى زيارة من ثلاثة أيام إلى الصين، وبحث تعزيز التعاون.
وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن زيارة ماكرون إلى بكين، رغم التوتر بين واشنطن وبكين، تؤكد مرة أخرى أن الحلفاء لا ينظرون إلى الأمور من الزاوية نفسها بالضرورة.
وبحسب الصحيفة فإن هذه الزيارة قالت "لا" على نحو صريح، لنهج واشنطن الاقتصادي الساعي إلى تطويق الصين اقتصاديا، بعدما أضحت أكبر منافس للولايات المتحدة.
وأحدثت هذه الزيارة نوعا من التوازن في مواقف بكين والغرب حيال الأزمة في أوكرانيا، لكن دون حصول اختراق كبير بشأن هذه المسألة.
أمام فيما يخص التوتر بين الصين وتايوان، فكان ثمة صمت إزاء هذه المسألة، خلال زيارة ماكرون.
وقالت "نيويورك تايمز"، أن هذه التطورات تتوالى فيما تواجه الولايات المتحدة منافسة من الصين وهي في أقوى حالاتها على الإطلاق منذ أن أصبحت واشنطن هي القوة المهيمنة على الصعيد العالمي.
وصورت الصحيفة مضي ماكرون قدما في تعزيز العلاقات مع الصين، بمثابة نيل من التوجه الغربي الساعي إلى الحفاظ على المؤسسات الليبرالية، لأن الحلفاء الغربيين لا ينظرون إلى الأمور بالعين نفسها.
ورقة ديغول
العبارات التي استخدمها ماكرون في الحديث عن التحولات الحاصلة في العالم، رآها متابعون أقرب إلى الصين، منها إلى واشنطن.
واعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" ما صدر عن ماكرون في هذه الزيارة بمثابة لعب "ورقة ديغول"، في إشارة إلى نهج الجنرال والرئيس الفرنسي الراحل، شارل ديغول، الذي كان حريصا على تحقيق سيادة باريس والنأي بها عن التبعية للولايات المتحدة.
لكن ماكرون المتعاون مع الصين، تحدث بلغة عن صريحة عن العمليات الروسية في جامعة بغوانغزو، معتبرا خطوة موسكو انتهاكا صريحا للقانون الدولي بسبب "اجتياح دولة جارة"، بحسب قوله.
وعوتب ماكرون لأنه بدا راضيا عن عبارات استخدمتها الصين في مقترحها لتسوية الأزمة الأوكرانية التي أحدثت تحولات عميقة في العلاقات الدولية الراهنة.
ومن بين تلك العبارات؛ الحديث عن "هندسة أمنية أوروبية ناجعة ومتوازنة ومستدامة"، وتفادي مواجهة الأقطاب التي تنظر إليها الصين بمثابة انعكاس لعقلية الحرب الباردة.
وتثير هذه التعبيرات حفيظة متابعين في الولايات المتحدة، لأن الهندسة الأمنية لأوروبا في الوقت الحالي تقوم بشكل أساسي على حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وبما أن ماكرون يميل إلى القبول بهندسة جديدة لأمن أوروبا، فإن تساؤلات تثار حول دور "الناتو"، وما إذا كانت دول عضوة فيه تطمح لأن تحقق أمنها وأمن القارة عبر سبل أخرى خارج مظلة الحلف العسكري الغربي الذي يطمح للتوسع من أجل تطويق موسكو.