في لقاء نظمته مجلة بلغارية: السفيرة الميداوي تستعرض شريط النهوض بالمرأة في عهد محمد السادس

في لقاء نظمته مجلة بلغارية: السفيرة الميداوي تستعرض شريط النهوض بالمرأة في عهد محمد السادس زكية الميداوي، سفيرة المغرب ببلغاريا
نظمت مجلة «Diplomatic LIFE» البلغارية بشراكة مع  سفارة المملكة المغربية بجمهورية بلغاريا لقاءا صحفيا يوم 8 مارس 2023 بصوفيا، لفائدة ست سفيرات معتمدات لدى جمهورية بلغاريا بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. 
ويندرج هذا اللقاء في إطار دراسة قامت بها المجلة للتعرف على مدى قوة المرأة ومكانتها في القرن الواحد والعشرين، وذلك عن طريق مقاربة جغرافية شملت سفيرات مثلن قارتهن. 
وعرف هذا اللقاء مشاركة كل من: زكية الميداوي، سفيرة فوق العادة والمفوضة للمملكة المغربية لدى جمهورية بلغاريا وجمهورية مقدونيا الشمالية والتي مثلت القارة الافريقية، كما  شاركت لينا عمر، سفيرة دولة العراق لدى جمهورية بلغاريا والتي مثلت الدول العربية، بالإضافة الى ماريا ادلوزا فونتنيل سفيرة دولة البرازيل لدى جمهورية بلغاريا والتي مثلت القارة الامريكية، كما نذكر أيضا مشاركة نتاشا برجيلج سفيرة دولة سلوفينيا لدى جمهورية بلغاريا والتي مثلت القارة الأوروبية ومريم مديحة افتاب سفيرة دولة باكستان لدى جمهورية بلغاريا والتي مثلت القارة الأسيوية.
 

وقد أدار هذا اللقاء الدكتورة زونيتسا ملادينوفا، بالإضافة الى فريق التصوير. وقد عمل فريق الإعداد على طرح نفس الأسئلة على السيدات السفيرات حيث عمدت كل منهن على الإجابة انطلاقا من المعطيات المتعلقة ببلدها.
واستهلت زكية الميداوي، سفيرة المغرب بلغاريا كلمتها حول أهم التشريعات التي عرفتها القوانين المغربية، حيث ادأكدت أن الرؤية الملكية دائما ما تضع مصالح المرأة المغربية ضمن أولوياتها وتعكس الاختيار الحازم لتمكينها على جميع المستويات. لذلك، فمنذ التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أحرزت المملكة المغربية تقدمًا كبيرًا في تعزيز مكانة المرأة، سواء من حيث إصلاح النظام القانوني الوطني لمواكبة الاتفاقيات الدولية، أو من حيث تعزيز الإطار المؤسسي وتطوير البرامج والسياسات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، وحماية وتعزيز حقوقهم. اذ أن الاعتراف بالحقوق السياسية للمرأة المغربية مسجّل في جميع الدساتير وتعديلاته المختلفة، بما في ذلك دستور 2011 الذي يحظر جميع أشكال التمييز.
كما أردفت بانه منذ تولي الملك محمد السادس، العرش جعل من مكانة المرأة قضيته، لأنه مقتنع بأن وضع المرأة هو مؤشر أساسي للتغيير ومشاركتها السياسية عامل حاسم في بناء مجتمع ديمقراطي. فاعتماد البرلمان المغربي في 2018 قانونًا بشأن العنف ضد المرأة، يشكل قانونا بعيد المدى، لأنه يهدف إلى توفير حماية أفضل ضد جميع أشكال العنف ضد المرأة (من تجريم جسدي وتحرش جنسي في الشارع والعمل وحظر على الزواج القسري والطلاق).
 

بالإضافة إلى ذلك، فقد شكل الملك محمد السادس، في عام 2019، لجنة خاصة للنموذج التنموي الجديد، والذي يهدف الى توجيه المغرب نحو استراتيجية تنموية تؤكد على أهمية تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين وتعزيز قيمتها في المجتمع المغربي من خلال التركيز على المحور الاقتصادي والذي يعد أحد مؤشرات التنمية لعام 2035 ، حيث يشكل معدل نشاط المرأة المغربية الذي تستهدفه اللجنة 45٪ (مقابل 22٪ حاليًا)، بالإضافة الى حماية اجتماعية أفضل وتكافؤ في الأجور.
وفي هذا الصدد، فقد اعتمد المغرب مجموعة من القوانين التي تهدف إلى تحقيق المساواة وتحقيق التكافؤ بين الرجل والمرأة في عدة مجالات نذكر من ضمنها: تكافؤ الفرص في الولوج الى المناصب العليا ومناصب المسؤولية في الإدارة العمومية.
ففيما يتعلق بالوظيفة العمومية مثلا، ولا سيما الخدمة الدبلوماسية، وهو مجال خبرة السفيرة، اكدت الميداوي بأن تواجد المرأة في مناصب المسؤولية قد زاد بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. حيث تشكل النساء 43 في المائة من موظفي وزارة الخارجية؛ في حين أن 41٪ من موظفي السفارات والقنصليات هم من النساء في عام 2022، كما بلغت نسبة السفراء والقناصل و"القائمين بالأعمال" 21٪ من النساء، ولم تتجاوز حصتها 13.5٪ في عام 2017. 
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب أيضا على رأس الدول العربية والإسلامية من حيث تمثيل المرأة في الدبلوماسية. حيث يتم تعيين النساء كسفيرات في دول مهمة للغاية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسبانيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن ترشيحات النساء لمناصب في الأمم المتحدة، وكذلك في المنظمات الدولية الأخرى، يحظى بتشجيع ودعم جاد من قبل وزارة الخارجية المغربية. اذ يعكس لهيئات المعاهدات الحقوقية الدور النشط الذي تلعبه في المجتمع المغربي، وذلك بفضل الإصلاحات التي أجرتها المملكة لتعزيز حقوقهن.
ففي سياق الموازنة المراعية للنوع الاجتماعي بشأن تقييم السياسات العامة فيما يتعلق بمبادئ المساواة بين الجنسين، والتي تنفذها الوزارة مثل كل الإدارات الوزارية الأخرى بالمملكة، تستقطب وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إعداد تقرير سنوي لتقييم تأثير سياسة الميزانية على وضع وحالة المرأة في السياسة الخارجية، بهدف تصحيح الثغرات. وقد ساهمت هذه الأداة بشكل كبير في توعية الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتصحيح العيوب والقضاء على الصور النمطية. فخلال فترة ولايتيها كمديرة للتعاون متعدد الأطراف والشؤون الاقتصادية الدولية في وزارة الخارجية المغربية، اكدت السفيرة انها كنت مسؤولة عن صياغة هذا التقرير، بناءً على المؤشرات ذات الصلة، لتسليط الضوء على التقدم المحرز في هذا المجال والطريق الذي لا زال يتعين قطعه. حيث يقدم هذا التقرير كل سنة كملحق لقانون المالية.
 
 
اما فيما يتعلق بمكانة المرأة في السياسة، فإن إلقاء نظرة على الأرقام المتاحة يوضح حالة الأمور التي تكشف عن آفاق تحرر واعدة للمرأة المغربية. حيث أن تنقيح القانون الأساسي للبرلمان في عام 2002، بعد إدخال نظام التصويت من قبل "القوائم الإقليمية" و"القائمة الوطنية" خلص الى اعتماد حصة التي تخصص 30 مقعدًا للنساء، أي 10 في المائة من المقاعد، كجزء من مبدأ التمييز الإيجابي. فعلى سبيل المثال، فإن الزيادة في عدد النساء المنتخبات بعد الانتخابات التشريعية لعام 2002 والانتخابات الجماعية  لعام 2009 هي دليل ملموس على بدايات تقليص عدد الهيئات السياسية وبالتالي التطبيق الفعال لمبدأ المساواة.
علاوة على ذلك، فبعد الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية في شتنبر 2021، حقق المغرب نقلة نوعية جديدة في تسليط الضوء على دور المرأة في الحياة السياسية، حيث ارتفع عدد النساء من 81 (أو 20.5٪) في عام 2016 إلى 96 (أو 24.3٪) من أصل 395 مقعدًا في البرلمان. فبعد ان غابت أمس تقريبا عن أي نشاط يتعلق بالحياة السياسية، اصبحت المرأة المغربية أكثر حضورا في هذا المجال. حيث ان انتخاب ثلاث نساء عمدات لمدن مغربية كبرى كالدار البيضاء ومراكش والرباط، يعد أكبر دليل على تأكيد هذه العملية. كما يجدر الذكر، بتنصيب ست نساء في مناصب وزارية في الحكومة الحالية، مقارنة بأربع في الحكومة السابقة، مع الإشارة إلى أن هؤلاء الوزيرات قد تم تعيينهن على رأس قطاعات إستراتيجية (كوزارة الاقتصاد والمالية، السياحة، الصناعة التقليدية، الإسكان والأسرة).
كما أن وسائل الإعلام تلعب دورًا حيويًا في تشكيل وتعزيز المعايير الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك مكافحة الصور النمطية للجنسين والقضاء على التمييز  والعنف ضد المرأة. حيث ، تقود الحكومة المغربية مشروعًا لإضفاء الطابع المؤسسي على المساواة بين الجنسين في وسائل الإعلام. بالإضافة إلى ذلك ، تم إنشاء مجلس للمساواة بين الجنسين ووسائل الإعلام داخل اتحاد الصحافة.
اما فيما يخص المجال الاقتصادي، تجدر الإشارة إلى أن مجلة "فوربس الشرق الأوسط" قد كشفت عن تصنيفها لعام 2023 من بين أقوى 100 سيدة أعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن بينهن خمس نساء مغربيات واثنتان ضمن أفضل 20 سيدة.
وبما أن مشاركة المرأة في سوق العمل لا تزال منخفضة بنسبة نشاط بلغت 19.9٪ في عام 2020 ، وأن نسبة الأعمال التي تديرها النساء لم تصل إلا إلى 12.8٪ في عام 2019 ،  فقد أطلقت الحكومة برامج تنموية اقتصادية ، منها 40٪ من المستفيدين بحلول عام 2026 هم من النساء د، وذلك بهدف زيادة معدل توظيف الإناث من 22٪ إلى 30٪ ، وبالتالي تبنت الحكومة عدة قوانين وتنظيمات لزيادة عدد المديرات التنفيذيات اللواتي يشغلن مناصب عالية المسؤولية.
فبفضل الالتزام الشخصي للملك ، اكدت السفيرة ان المغرب أطلق عدة برامج لتحسين مكانة المرأة في مجالس الإدارة، وتشجيع ريادة الأعمال والقيادة النسائية ، وتمكين المرأة من الاستفادة من مزايا الرقمنة وإدماج المرأة في مبادرات التنمية المستدامة في المغرب. اذ اعتمد البرلمان المغربي، في 31 يوليو 2021، إصلاحًا يشكل نقطة تحول رئيسية لصالح المساواة بين الجنسين ، حيث يعزز تعديل القانون الذي يحكم الشركات العامة المحدودة مبدأ التمثيل المتوازن في هيئات ادارة الشركات. وهي تحدد حصصًا إلزامية لضمان التنوع بين الجنسين في مجالس إدارة هذه الشركات مع حد أدنى من تمثيل النساء بنسبة 30٪ بحلول عام 2024 و40٪ بحلول عام 2027. ويعد تفويض تمثيل النساء في هيئات ادارة الشركات العامة خطوة جريئة اعتمدها عدد قليل من البلدان في العالم. اذ ان المغرب هو أول بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي يقوم بهذه القفزة النوعية.
اما النسبة  للمجال العلمي، فإن البحث العلمي هو أحد أهم العوامل في عملية تطوير مجتمع المعرفة، اذ يشكل قوة دافعة للتنمية. وفي هذا الصدد، فقد نشرت اليونسكو في يونيو 2018 دراسة لوحظ فيها أن المرأة المغربية حاضرة للغاية في العلوم الطبية بنسبة 40٪، و32٪ في العلوم الطبيعية مقابل 28٪ في العلوم الإنسانية. ونجد انه في المتوسط، تحصل النساء المغربيات على نتائج مدرسية أفضل من الرجال. ففي عام 2021 ، كانت نسبة 55٪ من خريجي المدارس الثانوية من النساء وكانت نسبة المغاربة الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا والحاصلين على تعليم عال أعلى بكثير بين النساء (26٪) منها بين الرجال (14٪). بالإضافة إلى ذلك ، 60٪ من الخريجين في الإدارة و 50٪ في العلوم والتكنولوجيا هم من النساء.
وقد وضع المغرب رؤية استراتيجية للفترة من 2015 إلى 2030 تتعلق بإصلاح التعليم، والتي تركز بشكل خاص على تعميم تعليم الأطفال، وخاصة الفتيات، مع العلم أن الميزانية المغربية المخصصة للتعليم هي الأكبر مقارنة على تلك المخصصة للقطاعات الأخرى.
كما استثمرت المرأة المغربية بقوة في المجالات الثقافية والتعليمية والعلمية، فنجد هم مهندسون مدنيون معماريون وأطباء وصحفيون ومحامون وقضاة وعمداء جامعات وفنانون ... لديهم أيضًا وظائف وطنية ودولية ناجحة في العلوم والفنون والثقافة (المسرح والسينما والتلفزيون والفنون البصرية والشعر والموسيقى والغناء) ونلاحظ أن عدد النساء الحاصلات على درجة الدكتوراه يتزايد بشكل واضح في جميع التخصصات. وبالمثل، زاد عدد المعلمات الدائمات في التعليم العالي الجامعي زيادة كبيرة.
اما بالنسبة للمجال الرياضي، فمشاركة المرأة في الرياضة تاريخ طويل، يتسم بالانقسام والتمييز ويتجلى ذلك أيضًا في النجاحات الرياضية. فالمرأة المغربية اليوم تتفوق على نفسها وتقتحم مجالات كانت حكرا على الرجال في جميع الرياضات الفردية والجماعية وتتفوق في العديد من التخصصات الرياضية. نذكر من بينها نوال المتوكل وهي أول امرأة عربية وإفريقية ومسلمة تفوز بميدالية ذهبية أولمبية. وتشغل اليوم عضو في اللجنة الأولمبية الدولية. حيث فتح باب كبير، بفضلها، للنساء والفتيات، ليس فقط في المغرب، ولكن في العديد من البلدان العربية والإفريقية والإسلامية. 
في الآونة الأخيرة، فان أداء المنتخب الوطني لكرة القدم للسيدات في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة 2022، والذي احتل المركز الثاني في هذه المسابقة الأفريقية الكبرى وتأهله إلى كأس العالم لكرة القدم للسيدات 2023 في أستراليا ونيوزيلندا نصب اللاعبات كسفيرات لتحرير المرأة المغربية.
بالإضافة الى العديد من النساء المغربيات اللائي تفوقن في مجالات متعددة كسميرة بناني وهي أول بطلة مغربية وإفريقية في سباق السيارات تشارك إلى جانب الرجال في بطولة السيارات على حلبة السرعة المغلقة، وبشرى بيبانو، مهندسة مدربة ومتحمسة للجبال، هي أول متسلق جبال مغربي يصل إلى قمة إيفرست، وكذا  جبل كليمنجارو وجبل بلان وجبل البروز وأكونكاجوا وجبل ماكينلي وبونشاك جايا. حتى ان كمال الأجسام لم يعد مرتبطا بالرجال فقط ، لأن العديد من النساء المغربيات مارسن هذه الرياضة بجدية.
واختتمت الميداوي كلمتها بالقول إنه وعلى الرغم من القيود الاجتماعية والتقاليد العنيدة البالية، تستمر المرأة المغربية في اتباع طريق تنميتها وتأكيد الذات، بينما تجمع بين الأصالة والتقدم والانفتاح والتقاليد.
وللتذكير فقد عرف هذا اللقاء الصحفي، والذي أقيم بمقر الإقامة المغربية بصوفيا، حفلا تميز بتقديم الشاي والحلويات المغربية وأطباق من المقبلات لفائدة الحضور.