هكذا علق يحيى، صديق لي مقيم بإيطاليا ( ينحدر من مدينة تازة). ولما حاولت التحلل من "فتواه" بدعوى أني لا أتوفر على تذكرة المقابلة، أخرج واحدة من جيبه وقال لي:"هاهي واحدة اقتنيتها لك من السوق السوداء، درتها ليك كد فمك. اذهب للملعب ورد علي الأخبار".
الملعب يوجد وسط الحي الشعبي Fuorigrotta بضاحية نابولي، وكان يحمل اسم San Paolo، أحد حواريي المسيح عليه السلام، لكن بعد وفاة أسطورة كرة القدم مارادونا يوم 25 نونبر 2020، تم تعميد الملعب باسمه بشكل يظهر مدى "تأليه" نابولي للفتى الذهبي، وفاء للأمجاد التي صنعها مارادونا مع فريق نابولي حين كان يلعب مع الفريق من 1984 إلى 1990( غادر الفريق رسميا في 1991).
أول ما فاجأني وأنا أقصد الملعب، أن الشوارع المجاورة للملعب كلها مفتوحة في وجه السير رغم تدفق عشرات الآلاف من الجماهير( الملعب كان غاصا ب 70.000 متفرج)، إذ لاحظت تعايشا بين مستعملي الطريق من حافلات وسيارات وجماهير وبوليس وإسعاف.
ثاني مفاجأة ( وهي مرتبطة بما سلف)، أن بروفيل الغالبية الساحقة من الجمهور يتجاوز عمرهم 30 سنة مصحوبين بزوجاتهم وأبنائهم أو خليلاتهم أو زميلاتهم، أتوا للملعب لمشاهدة عرض كروي وكأنهم سيشاهدون عرضا مسرحيا أو غنائيا، رغم أن الماتش الذي احتضنه الملعب مساء الأحد 2 أبريل 2023، كان ضد فريق "أ.س.ميلانو"، أحد أهم منافسي نادي نابولي، وهذا ما يفسر إلى حد ما أن المدينة (ومعها البوليس وباقي السلطات العمومية والمنتخبة)، لم تعش توترا أو قلقا بسبب المباراة.
ثالث مفاجأة، وتكمن في نظافة الملعب ونقاوة كل مرافقه: مدرجاته، ممراته، مراحيضه، أكشاك بيع المأكولات، الباركينغ، إلخ...
رابع مفاجأة، وتتجلى في حسن التنظيم داخل الملعب، الموكول عادة لمتطوعين من أنصار الفريق الذين كانوا أحسن عون للزوار الأجانب (وأغلبهم من دولة جورجيا التي ينتمي لها اللاعب Kvaratskhelia أهم نجم بنادي نابولي).
خامس مفاجأة وتتمحور حول وقوفي على صحة فتوى صديقي المغربي يحيى، الذي كان له الفضل في أن أسرق سويعة من المتعة مع الطاليان، الذي لولا التذكرة التي منحني إياها لبطلت زيارتي لعاصمة Campanie، ولطاردتني "لعنة آلهة" نابولي للأبد، كما تحكي الأسطورة الإغريقية pharthénope !!
ملحوظة:
المقابلة انتهت بهزيمة قاسية لفريق نابولي برباعية نظيفة