أمشنوك: تحويل الجامعة إلى فضاء للصّراع والنزاع وممارسة العنف يفقدها مشروعية وجودها ووظيفتها الأساس

أمشنوك: تحويل الجامعة إلى فضاء للصّراع والنزاع وممارسة العنف يفقدها مشروعية وجودها ووظيفتها الأساس رشيد أمشنوك
الجامعة‭ ‬فضاء‭ ‬للعلم‭ ‬والبحث‭ ‬وتطوير‭ ‬قدرات‭ ‬الطلبة‭ ‬وتأهيلهم‭ ‬لقيادة‭ ‬المجتمع،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬انتشاله‭ ‬من‭ ‬وحل‭ ‬أزماته‭ ‬وإشكالاته‭ ‬البنيوية‭ ‬التي‭ ‬تنخر‭ ‬جسمه‭.‬

تحويل‭ ‬الجامعة‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬للصّراع‭ ‬والنّزاع‭ ‬وممارسة‭ ‬العنف‭ ‬يفقدها‭ ‬مشروعية‭ ‬وجودها‭ ‬ويحيد‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬وظيفتها‭ ‬الأساسية‭ ‬وهو‭ ‬خدمة‭ ‬النسق‭ ‬العام‭ ‬للمجتمع‭. ‬إن‭ ‬ممارسة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬سلوك‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭ ‬كيفما‭ ‬كانت‭ ‬مبرراته‭ ‬ومسوغاته،‭ ‬ولا‭ ‬يعبر‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬سيّئة‭ ‬وحقد‭ ‬دفين‭ ‬تجاه‭ ‬من‭ ‬يمارس‭ ‬عليه،‭ ‬فالعنف‭ ‬يبقى‭ ‬دوما‭ ‬عنفا‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الزعيم‭ ‬السياسي‭ ‬غاندي‭ ‬،‭ ‬فعواقبه‭ ‬الوخيمة‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬تبنيه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جهة‭ ‬معينة‭ ‬رسمية‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬رسمية‭ ‬يشي‭ ‬بضعفها‭ ‬وعجزها‭ ‬عن‭ ‬الحوار‭ ‬وعدم‭ ‬جدوى‭ ‬اختياراتها‭ ‬ومقارباتها‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نعي‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬على‭ ‬الطالب،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬مؤطرا‭ ‬بخلفية‭ ‬إيديولوجية‭ ‬أو‭ ‬بمرجعيات‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬يهدف‭ ‬إلا‭ ‬لإخضاعه‭ ‬وتدجين‭ ‬وجوده‭ ‬وسلب‭ ‬استقلاليته‭ ‬وحريته‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬قناعاته‭ ‬وأفكاره‭ ‬أو‭ ‬استئصال‭ ‬شأفته‭. ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬فهم‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يمكننا‭ ‬من‭ ‬استيعاب‭ ‬أسباب‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الفضاءات‭ ‬المجتمعية‭ ‬الأخرى‭.‬
العنف‭ ‬مرض‭ ‬ينخر‭ ‬جسم‭ ‬المجتمع‭ ‬ومؤسساته،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬سوى‭ ‬عقبة‭ ‬كأداء‭ ‬أمام‭ ‬تقدّمه‭ ‬والرقي‭ ‬بأهله،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬قناعة‭ ‬واختيارا‭ ‬فكريا‭ ‬فلن‭ ‬يجني‭ ‬منه‭ ‬صاحبه‭ ‬غير‭ ‬النّكوص‭ ‬والتخلّف‭.‬

الحوار‭ ‬هو‭ ‬الحلّ‭ ‬والبديل،‭ ‬وهو‭ ‬أساس‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالآخر‭ ‬والإيمان‭ ‬بالتعدّد‭ ‬وقيم‭ ‬الإختلاف‭ ‬والحرّية‭ ‬والإحترام‭.‬
ما‭ ‬أحوج‭ ‬الجامعة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الضوابط‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الاختلاف‭ ‬بين‭ ‬مكوناتها‭ ‬وفصائلها‭.‬
 
الدكتور رشيد أمشنوك/ باحث في علم الإجتماع