لحسن أوسي موح: مدرسة المشاغبين.. البرلمان

لحسن أوسي موح: مدرسة المشاغبين.. البرلمان

لست أدري ما اللعنة التي تلاحق برلماننا... كل المؤسسات التعليمية أنهت موسمها الدراسي، وانصرف تلاميذها إلى عطلة صيفية للاستجمام في الشواطئ، باستثناء مدرسة الديمقراطية المسماة "مدرسة النخبة".

أكيد سيحس البرلمانيون، ومعهم المستشارون، بالغبن الكبير، بل وبالتمييز الذي يطولهم، فهم اجتهدوا طلية دورتين تشريعيتين على تنزيل الدستور وإعداد مقترحات القوانين، بل وتحملوا مصائب الحكومة ومشاريعها التي تفرج عنها قطرة قطرة، لكن دون أن يشفع لهم كل ذلك ليعلن عن اختتام الدورة، وليتفرغوا للصيام والعبادة، ولم لا الاستمتاع بأشعة الشمس في الشاطئ أو زيارة مولاي يعقوب وحتى ماربيا أو بلاد الآغا، ولم لا السفر إلى البرازيل لحضور ما تبقي من مباريات كأس العام واغتنام الفرصة للاحتفال بالفائز بالكأس إلى جانب حسناوات بلاد الجنس الأصفر.

قد يكون البعض منهم صام عن المجيء لقاعة الدرس بقبة المؤسسة التشريعية، ولم تطأها أقدامه يوما، لكن آخرين أكيد تلذذوا بالاسترخاء أو حتى النوم على كراسيها المريحة، وإن كانت قلة منهم واظبت على الحضور ليس جسديا فقط بل بكل الجوارح في نقاشات اللجان والجلسات العامة، بينما تمادى آخرون في معاكسة رئيس الحكومة ليتلذذوا بقفشاته ونرفزاته.

هم يستحقون الشفقة حقا، فمع اقتراب انتهاء موسم التشريع، سيفاجأون أنهم ليسوا تلاميذ نجباء، وأن رؤساء مدرسة الديمقراطية كما سماها المغفور له محمد الخامس في أول خطاب له لافتتاح المجلس الإستشاري "أول برلمان" سيطالبون بالانضباط وأن دورة استدراكية تنتظرهم لا محالة  للتأكد من مدى تمكنهم من آليات تأهيل وتطوير عملهم وضمان نجاعته وفعاليته المفقودة.

هم مهددون بالرسوب لأنهم يضربون كل التعليمات بعرض الحائط ولم يستبطنوا دروس "الترافع باسم الشعب"، فهم لا يزالون مطالبين بتسريع وتيرة العمل التشريعي، بل وتكريس أخلاقيات العمل البرلماني والاحترام المتبادل بين الفرقاء، والأهم التخلي عن خطاب "راس الدرب" والتحلي بالمسؤولية وعدم المس بحرمة المؤسستين الدستوريتين، وأيضا التخلي عن التنابز والشجار غير المجدي مع التلاميذ اليافعين (ربما) بـ "فصل" الحكومة.

اقترب العام التشريعي على أن يسدل ستاره، كما أغلقت مؤسسات رياض الأطفال والمدارس أبوابها، لكن حصيلة مؤسسة تخريج النخبة يبدو أنها ستؤجل أسابيعا، ولن تغلق أبوابها حتى ولو تخلف أعضاؤها عن الحضور بدعوى التعبد في شهر الصيام، والشهادة على ذلك رؤساء كلا الغرفتين، ليسوا راضين بالضرورة على أداء تلاميذ المؤسسة، ولذلك فهم قرروا أن لا يتم الإفراج عن نتائج الموسم الدراسي حتى يبدي "تلاميذ مؤسستهم" الدليل بأنهم استوعبوا الدرس وخاصة الاهتمام بانشغالات وتطلعات المواطنات والمواطنين وضمان حرمة مدرستهم حتى لا يرسخوا في الأذهان أنها شبيهة بمدرسة المشاغبين.