ماذا بعد مصادقة الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي)، على خطة ماكرون لإصلاح نظام المقاعد، وفشل المعارضة في حجب الثقة عن حكومة قصر الإيليزي، وما هي السيناريوهات المحتملة، والشارع الفرنسي، يتأجج اشتعالا وعنفا وأزبالا جراء الأزمة السياسية التي أشعل فتيلها الرئيس الفرنسي.
في هذا السياق يرى المحلل السياسي الفرنسي بارتيك فورستيه، بأن قانون إصلاح التقاعد سيبقى ساريا، ومتوقعا أن يستمر الفرنسيون في التظاهر.
وعند مقارنته الاحتجاجات الحالية بالاحتجاجات الطلابية في ماي 1968 وتطلع الشباب إلى مجتمع جديد آنذاك، أشار فوستيه إلى أن الفرنسيين الذين يخرجون للتظاهر اليوم أقل بكثير حتى مقارنة بما كانت عليه الحال قبل إقرار القانون.
ولا يستبعد فورستيه أن تزداد شراسة الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في الأيام المقبلة، مشددا على أن عمق المشاكل ليس سياسيا، فقط بل مجتمعيا أيضا.
ولهذا السبب، أفاد مراقبون -إضافة إلى النقابات- بأن الحكومة كان بإمكانها اللجوء إلى حلول بديلة لتعزيز نظام التقاعد ومنح مزيد من الحقوق للنساء والأشخاص الذين يعملون ساعات طويلة أو في ظروف مرهقة جسديا، لكنها لم تفعل.
ويتفق فورستيه مع رأي معارضي مشروع التعديل في أن "جميع الحلول والبدائل لم تناقش، لأن ماكرون أراد تمرير القانون بشكل سريع وبقوة".
ويرى المحلل السياسي أن "موقف ماكرون كان -ولا يزال- متأزما بشكل ملحوظ لأنه يفتقر للأغلبية في الجمعية الوطنية وحزبه ضعيف، على عكس دورته الرئاسية الأولى، حيث كان متأكدا من أن أي مشروع قرار سيقترحه سيتم تمريره بسهولة، ولهذا السبب حاول اكتساب أصوات الحزب الجمهوري لتمرير قانون المعاشات، لكنهم تركوه في منتصف الطريق ولم يصوتوا لصالحه".
انتقال المعركة السياسية إلى الشارع
ويرى فورستيه أنه في حال استمرت أحزاب اليسار، واليسار المتطرف، وحزب مارين لوبان، والنقابات في التشجيع على الاحتجاجات والخروج للشارع للتظاهر فقد تشهد البلاد ثورة داخلية.
وختم بالقول "إذا أردنا إسقاط الوضع الحالي مع ما روته لنا كتب التاريخ، فوضع إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه يشبه وضع آخر ملوك فرنسا الملك لويس السادس عشر، في قصره بفرساي عندما ثار عليه الشعب".
إلى ذلك، قررت النقابات العمالية، والتي اجتمعت للمرة الأولى منذ 12 عاما، في تكتل نقابي موحد تنظيم مظاهرة جديدة هي العاشرة من نوعها الخميس 23 مارس 2023 للمطالبة بسحب قانون التقاعد الجديد بحجة أنه غير "قانوني" ولم تتم المصادقة عليه من قبل البرلمان.
وصرح المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي في الجمعية الوطنية أرتور دولابورت أن "هناك مخرجين اثنين لإنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد: الأول يتمثل في اللجوء إلى المجلس الدستوري الذي سيحكم في نهاية المطاف على القانون. والثاني يمر عبر تنظيم استفتاء شعبي تشاركي لحسم هذه القضية".