محمد هرار: واقعنا بين العنصريّة وأخذ زمام المبادرة

محمد هرار: واقعنا بين العنصريّة وأخذ زمام المبادرة محمد هرار
تعكس استطلاعات الرأي هنا وهناك، واقع الدول الغربيّة عموما، وتحكي لنا الكثير عنه وتعريه بشكل واضح يصل أحيانا درجة الغثيان. فقد تحمّلت هذه الدّول استيعاب ملايين النّاس من أبناء الجاليات العربية والإسلامية وسمحت لهم بالعيش على أراضيها...
بدأ الأمر عاديّا، ثمّ ما لبث أن تعاظمَ الاستقطاب وتصاعدت وتيرة الكراهية والبغض والإيذاء للأجانب بشكل عام، وللمسلمين على وجه الخصوص. ما يعني أنّنا بتنا أمام تحديات جسيمة قد يكون سلوكنا أهمّ ما يكسرها أو يطغيها. فاليمين المتطرف في حالة انتعاش مستمر نتيجة ما يُحصي علينا من الأخطاء المتكررة وغير المبررة إطلاقا.. ومن هنا فإنّنا مطالبون ليس فقط بالانتباه وتغيير السلوك المردي، بل وأيضا ببذل الجهد الاستثنائيّ لمحو وإنساء السّلوك الشّاذ المتّبع من المُسيئين فينا. سواء كانت الإساءة مقصودة أم عفويّة، فإنّ المراقب لا يقبل منّا بتكبّره وعناده وتطرّفه الأعذار والتفسيرات.
نحن اليوم أمام تحديات حقيقيّة ومهمّة، تهدف إلى إيقاف عجلة اليمين المتطرف والتخفيض من منسوب عنصريّته. لا بدّ أن نجعل التعايش الإيجابي الذي يعني الإضافة في المجتمع ثقافة مقبولة، يفرض قبولَها نتائجُها... لا بدّ أن نُشعر الآخر بأنّ هذا الوطن وطننا كما هو وطنه، وأنّ ذلك لا يكون إلّا بالغيرة عليه وعدم الإفساد فيه وبالاجتهاد في عملِ ما ينمّيه ويرفع شأنه. لا بدّ أن نجتنب السلبيات في السّلوك العام وفي التواصل الاجتماعي، بل لا بدّ أن نكون مثالا أخلاقيّا يرنو الدنماركيّون الأصليّون إلى الاقتداء به والأخذ منه وعنه؛ فذلك واجبنا ولا شك. فديننا الحنيف يحث ولا شك على الصلاح والإصلاح والإعمار في الأرض. حتى إذا فعلنا ذلك كلّه فهِمنا الآخر المختلف الرافض ورجع على نفسه يقنعها؛ فبات ممكنا بناءُ الجسور، وتحقيق التواصل المفضي إلى التعارف الإيجابي الباني للمجتمع المتنوّع، وإلى التنافس الخيري المنمّي للبلاد. لا بدّ كذلك من الانخراط في الشّأن السياسي الذي لا تكون الحياة والمشاركة إلّا به. دون أن نغفل عن جانب الفنون والثقافة الرّصينة.. ولن نتمكن من ذلك إلا بأخذ زمام المبادرة. إذ هي وسيلة من وسائل التواصل التي لا غنى لنا ولا للآخر عنها لمعرفة بعضنا البعض عن قرب. فبالتّواصل والحديث المباشر نقضي على الخوف والتنافر ونستبعد استعمال الألفاظ المفرّقة "نحن وهم". إنها مسؤوليتنا نحن، ضيوفا أو مقيمين وأصحاب البيت المضيفين. تقع بحقّ على عواتقنا جميعا. تدعونا جميعا إلى العمل الإيجابي من أجل مجتمع متناغم وواقع أفضل لأجيال متزاوجة الهويّة.