مصادر عليمة ومقربة من السلطات الجزائرية الحاكمة والمقررة أكّدت للصحفي الاستقصائي الجزائري المعارض "عبدو السمار" اللاجئ في فرنسا، بأن أيام وزير الخارجية الجزائري "رمطان لعمامرة" الذي تمّ تهميشه ولم تَعُدْ له كلمة نافذة أصبحت معدودة، في الوقت الذي أصبح "عمار بلاني" الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية، المعروف بعدائه القوي للمغرب وحقده وسلاطة لسانه في تصريحاته ضد المغرب، الحاكم الفعلي والآمر الناهي ومهندس السياسة الخارجية الجزائرية، أقرب إلى تعويضه.
قوة "بلاني" تجلت في رسم معالم حركة تغيير واسعة في السلك الدبلوماسي والقنصلي، شملت 48 من الدبلوماسيين، التي أجراها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الخميس 23 فبراير 2023، مصادقا بالمناسبة على اللائحة الكاملة التي اقترحها الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية المقرب من دوائر القرار الفعلية، في الوقت الذي تمّ إبعاد جلّ الدبلوماسيين المقربين من وزير الخارجية الحالي.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، فإن هذه الحركة تأتي "في إطار إعادة الانتشار الدبلوماسي، وطاولت التغييرات 24 سفيراً و15 قنصلاً عاماً و9 قناصل".
وكانت وزارة الخارجية أوضحت أن هذه التعيينات تهدف إلى "إعادة تنشيط الجهاز الدبلوماسي للبلاد وجعله يتماشى مع المتطلبات الراهنة، بغية تكفل فعال بانشغالات الجالية الوطنية بالخارج، وكذا مصالح الجزائر على الأصعدة الثنائية والإقليمية والدولية".
وأكد الرئيس تبون، في رسالته، أن المناسبة تغذّي إرادة الجزائريين لـ"مُواصلة الطريق نحو إقامة الدولة الوطنية القوية بتاريخها وشعبها"، مشيرا إلى أن "الجزائر الجديدة تتوجّه بأيدي عاملاتها وعمالها إلى عهد خال من الفساد والظلم، وكلِّ أشكال الانحرافات من بيروقراطية ورشوة ومحاباة".
فضيحة قنصلية الجزائر بمونتريال في كندا كبيرة وشكلت تهديدا لصورة الدبلوماسية الجزائرية في الخارج، وهذا بعد توجيه اتهامات خطيرة من قبل خادمتين في قضية المتهم فيها القنصل العام للجزائر بمونتريال وزوجته .
وحسب صحيفة "دي مونتريال” المحلية ، يتعلق الأمر بقضية "رفعتها سيدتين يتعلق الأمر بكل من ماريسا أمايا 65 عاما، وإليدا ريفيرا لوبيز 69، اللتان كانتا تشتغلان كخادمتين في منزل القنصل العام للجزائر بمونتريال، المتهم حسبهما بإساءة استخدام السلطة والشتائم والصراخ والإذلال والتمييز على أساس الجنس".
كما أكدت المدعيتان أن "قنصل الجزائر وزوجته قاما باستغلالهما". وكتبت المحامية ياسمينة بوكوصة عام 2021 في رسالة موجهة إلى القنصلية العامة من الجزائر إلى مونتريال: "بالإضافة إلى استغلالهما حرفيا، لم يكن لهما الحق في الحصول على أي استراحة، كما تم رفض إجازاتهما المرضية".
وعلى الرغم من أن فصول القضية اندلعت عام 2021، إلا أنها عادت إلى الواجهة ولم تظهر على السطح إلا في نهاية فبراير المنصرم عبر صفحات جريدة دي مونتريال المحلية، التي تناولتها في عددها الصادر في 28 فبراير المنصرم، والتي زعمت فيها أنها استعانت برسالة أرسلتها محامية الشاكيتان إلى القنصلية العامة للجزائر في مونتريال.
القنصل العام بمونتريال وزوجته يواجهان تهم الاستغلال والإذلال والتمييز على أساس الجنس من بين التهم والانتهاكات التي تحدثت عنها السيدتان اللتان عملتا في القنصلية الجزائرية منذ 2008 و 2014 على التوالي، إلا أن وضعهما أصبح أكثر تعقيدا منذ وصول القنصل العام الحالي نور الدين مريم في عام 2019.
وشهدت المرأتان، حسب ما تداولته وسائل الإعلام الكَنَدية، زيادة كبيرة في عبء العمل، حيث تم استغلالهما بزيادة عبء العمل والاستعانة بهما للقيام أيضا بأعباء منزل القنصل وزوجته، وهما تصران على أنهما تلقيتا كل أنواع الإذلال النفسي، كما تدهورت أجواء وظروف العمل حتى أصبحت "لا تطاق".
وبعد هذه المعاملة، تدعي المرأتان أنهما كانتا موضوع ما يسمى في قانون العمل الكندي "الفصل التعسفي". (يحدث هذا عندما يقرر صاحب العمل تعديل شروط عقد العمل الخاص بموظفه بشكل جوهري ولا يقبل الأخير هذه التعديلات ويترك عمله) ومنذ ذلك الحين، تقول المرأتان إنهما تعانيان من أعراض الاكتئاب، ولا تشعران بالقدرة على العودة إلى العمل.
وعلى الرغم من المعطيات السابقة، حسب صحيفة "دي مونتريال"، إلا أن المدعيتان لم تستهدفا القنصل العام وزوجته في محضر الشكوى حسب ذات المصدر، بل توجهتا إلى الحكومة الجزائرية ووزارة الخارجية ومطالبتهما بدفع ما مجموعه 450 ألف دولارا تعويضا عن الأجور غير المدفوعة وكذا التعويض عن الضرر الذي لحق بهما. كما تدعي صحيفة دي مونتريال أنها حاولت التواصل مع القنصل العام الجزائري في كندا للحصول على رد حول التهم الموجه إليه لكن دون جدوى.
بعد هذه الفضيحة التي أساءت لخارجية الجزائر وبعد فشله في العديد من الملفات السياسية في القضايا الإقليمية والقارية والدولية، النظام الجزائري يستعد للتضحية وزير الخارجية "رمطان لعمامرة" وعاقبته والتخلص منه (هذا إذا لم يعرف طريقه إلى المحاكم والسجن مثل سابقيه) وهو الدبلوماسي المخضرم والخادم المطيع، رغم ما قدمه لنظام جنرالات ثكنة بن عكنون الحاكم الفعلي في الجزائر على مدى أكثر من 50 سنة، تقلد خلالها العديد من المناصب بدءا بموظف دبلوماسيا في "سفارة الجزائر في موسكو" عام 1975، إلى وزير للخارجية للجمهورية الجزائرية منذ يوليو (تموز) 2021، مرورا بمفوض للسلم والأمن للاتحاد الأفريقي بين 2008 و2013، وأمين عام وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بين 2005 و2007...
مصادر الصحافي الاستقصائي الجزائري عبدو السمار تؤكد على أن "عمار بلاني" الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية، والذي كان يشغل منصب "المبعوث الخاص إلى الصحراء ودول المغرب العربي"، منذ شتنبر 2021
وعمار بلاني وجه مألوف في الإعلام، ومعروف بردود أفعاله المتكررة، في وسائل الإعلام الجزائرية، بخصوص قضية الصحراء، إذ لا يتردد في مهاجمة المغرب ودبلوماسيته، بعداء مرضي للمغرب مقابل التزام مؤيد أعمى لجبهة البوليساريو الأنفصالية ورثه عن السنوات التي قضاها وهو سفير للجزائر في بروكسيل.