تضمن التقرير السنوي 2013 الذي قدمه عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أمام الملك محمد السادس، ضروة الإسراع بتفعيل كافة الإصلاحات التي تم الشروع فيها على الأصعدة المؤسساتية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفي هذا السياق، أوضح هشام الموساوي، أستاذ الاقتصاد بجامعة مولاي السلطان ببني ملال لـ "أنفاس بريس" أن "أداء الاقتصاد الوطني لا يزال هشا في سياق العولمة التي تتميز بحدة المنافسة إقليميا ودوليا. ومن خلال هذا التقرير، فإن والي بنك المغرب له الحق في الدعوة إلى تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة تحدي التنافسية، وهذا يمكن حسب الجواهري، بتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، خاصة ورش الجهوية المتقدمة، والعدالة، وتحسين جودة التعليم والتكوين".
وقد أشاد والي بنك المغرب بلهجة حذرة بصمود الاقتصاد الوطني (4.4 في المائة كمعدل النمو في 2013) على الرغم من استمرار آثار الأزمة العالمية. وهذا النمو يرجع إلى حد كبير إلى تحسن القيمة المضافة للقطاع الفلاحي في 2013. وأشار الجواهري، إلى تحسن التوازنات الماكرواقتصادية، خاصة تراجع العجز العمومي من 7.4 إلى 5.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، والحسابات الجارية من 9.7 إلى 7.6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وذلك بفضل المقايسة الجزئية، وتطور صادرات المهن الدولية بالمغرب. وشدد والي بنك المغرب، على أهمية الحفاظ على معدل تضخم معتدل 1.9 في المائة بالرغم من المقايسة الجزئية لبعض المواد البترولية.
وتناول تقرير والي بنك المغرب ضرورة الإسراع بإصلاح أنظمة التقاعد ومتابعة إصلاح النظام الضريبي لصندوق المقاصة، وإعادة النظر في تخطيط وإنجاز مختلف الإستراتيجيات القطاعية مع تقييمها وذلك من أجل ضمان فعاليتها ونجاحها.
ويرى هشام الموساوي أن "والي بنك المغرب افتقد إلى الجرأة في دعوته إلى الإصلاحات التي يجب القيام بها. لماذا؟ ببساطة، إذا كان يدعو للإصلاح، فإنه يفعل ذلك مع حجب الحاجة، أو دون التطرق إلى تغيير نموذج التنمية الاقتصادية المتبع حتى الآن من طرف جميع الحكومات المتعاقبة. كما عليه أن يدعو إلى إصلاح شامل لتدبير المالية العمومية وإعادة تحديد نموذج التنمية الاقتصادية للمغرب الذي أبان عن محدوديته في ظل النظام الاقتصادي العالمي الجديد، خاصة أنه نموذج عقيم، بما أن نمو المغرب يبقى ضعيفا بخصوص خلق فرص الشغل (معدل البطالة ارتفع إلى9.2 في المائة في 2013)".
من جهته اعتبر محمد كركاب، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بمراكش، أن "هذا التقرير عبارة عن مجموعة من الإحصاءات الرسمية، في جميع الميادين الاقتصادية من تجارة وخدمات وصناعة وفلاحة وسياسة نقدية، وكثير من الإحصاءات الرسمية هي سياسية في نظره، مثلا، تشير الإحصاءات في سوق الشغل إلى 9 في المائة كمعدل للبطالة". و"نستغرب أن توجد هذه النسبة في المغرب، يضيف كركاب، إذ لا توجد أجهزة بالمغرب تتكلف بإحصاء "البطاليين" الحقيقيين، وهي النسبة ذاتها لمعدل البطالة التي توجد بالدول المتقدمة كألمانيا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية. ولو كانت 9 في المائة نسبة بطالة حقيقية و90 في المائة يشتغلون لما حاول بعض المغاربة الهجرة إلى الخارج". مضيفا أن "مسطرة احتساب هذه النسبة يشوبها الكثير من التضليل. ناهيك عن مسطرة احتساب التضخم بالمغرب، وهي عبارة مجموعة من المواد والخدمات التي يستهلكها المواطن العادي لا تعكس الحقيقة والواقع".
وأوضح محمد كركاب أن من "أسباب عجز المالية العمومية، التي تطرق إليها تقرير بنك المغرب، مرتبطة بالتهرب والإصلاح الضريبي.. فـ 80 في المائة من المقاولات لا تؤدي الضرائب، والفلاحة لا تؤدي الضرائب.. فكيف للدولة أن لا تلجأ للقروض؟ ومن الأسباب الرئيسية للعجز تكلفة أجور الموظفين الكبار.
وفيما يخص القروض الخارجية، فديون الخارجية للخزينة تساوي 129 مليار درهم في 2013، في حين تبلغ ديون الخارجية العمومية 234 مليار درهم في 2013، ونعلم أن المقاولات العمومية (المكتب الوطني للماء والكهرباء، المجمع الشريف للفوسفاط..) تأخذ قروضا خارجية مع ضمان الدولة، لا نعلم كيف يتم صرفها.
أما بالنسبة للعجز التجاري فيتفاقم من سنة لأخرى لأسباب عدة منها ارتفاع الفاتورة الطاقية والحبوب والمواد الغذائية الأخرى. وكثير من المقاولات الكبرى هي نفسها تستورد مجموعة من المواد الغذائية وغيرها كشركات الأسواق الكبرى. والمغرب يصدر فقط 185 مليار درهم، بالنظر للنسيج الصناعي الهش، وعدم رفع المغرب من صادراته الفلاحية..