دعا إيمانويل ماكرون إلى "التواضع" و "المسؤولية " فيما يتعلق بتحرك فرنسا في إفريقيا عقده أمس الاثنين 27 فبراير 2023 في باريس، خلال مؤتمر صحفي حول سياستها الأفريقية الجديدة. وعلى الصعيد العسكري ، أفاد الرئيس بـ "انخفاض ملحوظ" في عدد العسكريين الفرنسيين في إفريقيا "خلال الأشهر المقبلة"، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول المهمات الجديدة للجنود الفرنسيين في إفريقيا والأهداف التي تسعى إليها فرنسا .
قرار الإبقاء على القواعد الفرنسية في إفريقيا وتقليصها يأتي في سياق تصاعد حدة الاحتجاجات ضد الوجود العسكري الفرنسي في عدد من البلدان الإفريقية والذي يزيد من تأزيم أوضاع فرنسا بالدول الإفريقية.
ففي غرب إفريقيا ، تقع القاعدة العسكرية الفرنسية الرئيسية، وبالضبط في ساحل العاج بالقرب من أبيدجان حيث يتمركز 900 رجل كما تستضيف السنغال والغابون 350 جنديًا. يضاف إلى ذلك وجود أكثر من 2500 جندي موزعين بين النيجر وتشاد ، بعد خروج القوات الفرنسية من مالي وبوركينا. ولم يحدد إيمانويل ماكرون يوم الاثنين 27 فبراير نسبة تقليص القوات العسكرية الفرنسية في إفريقيا ومتى سيتم ذلك .
وحسب عدد من الفرنسيين فإن الوجود العسكري الفرنسيين بإفريقيا يجعلها " كبش فداء مثالي " ويولد مشاعر حقيقية معادية للفرنسيين في إفريقيا ، تغذيها قوى أجنبية مثل روسيا ، ولكن أيضًا من قبل الأنظمة القائمة، مثل مالي وبوركينافاسو، أو من قبل خصوم فرنسا، حيث يعتبر بعض المراقبين أن الاتفاقيات الدفاعية التي توقعها فرنسا تعد " بمثابة ضمان تمنحها باريس لبعض الرؤساء من أجل البقاء في السلطة "، مما يجعلها بمثابة " شركة تأمين للخلود في كراسي السلطة " لفائدة هؤلاء .
ويبدو إعلان ماكرون عن تقليص القوات العسكرية الفرنسية في غرب إفريقيا بمثابة انسحاب جزئي، ستكون له تداعيات مستقبلية على الوجود الفرنسي، وأبرزها فقدان الفعالية والتأثير على الأرض ، حتى لو وعدت باريس بتدريب الجنود الأفارقة وتجهيزهم بشكل أفضل ، فإن ذلك يبقى مجرد وعود قد لا تكون مضمونة النتائج، وهو ما يعتبر دليلا على استسلام فرنسا فيما يتعلق بلعب نفس الأدوار السابقة في هذا الجزء من غرب إفريقيا، ليس هذا فحسب بل إن ماكرون يحرص على مراجعة نفس المبدأ فيما يتعلق بوجود القاعدة الفرنسية في جيبوتي التي تضم 1500 جندي فرنسي، وهو ما يعنيه اندحار الوجود الفرنسي عليها في المحيطين الهندي والهادئ .