فعوض سماع كلام الله والأحاديث النبوية الشريفة والكلمة الطيبة والاستمتاع بالسلم الروحي، نتفاجئ بقيام صلاتين منفصليتن في مسجد كومينا يجمع المصلين مرحاضه الوحيد. وأصبحنا نقرأ في وسائل التواصل الاجتماعي تهنئة "جمعة مباركة" مرفوقة ب "خطير ما يقع في المركز الإسلامي ببردينون الجالية المسلمة منقسمة إلى قسمين، مجموعة تصلي بطابق الأرضي ومجموعة تصلي بطابق الأول مهزلة تتحملها الإدارة وبعض المسترزقين: هذه الكارثة التي تسيئ إلى صورة الإسلام والجالية المسلمة ببردينون". وأصبحنا نقرأ في وسائل الإعلام لهذا اليوم 20 فبراير وكما نشرت جريدة ميسيدجيرو "صراخ وتدافع بين فصائل مختلفة" وجروح مسلمين في المركز الثقافي الإسلامي وتعزيزات الشرطة تتدخل، ونداء واضح صادر عن عمدة إيطالي سابق من بوابة المسجد في نفس اليوم: "من أجل خير المدينة، يجب أن يعمل المسجد في سلام وشفافية". ونسمع بسيطرة وديكتاتورية إدارة منتهية الصلاحية ضد الآلاف من المسلمين أغلبهم مغاربة المساهمين ماليا في شراء المسجد وضمان مصاريفه. ونسمع عبر نداءات إغاثة وصلت إلى وسائل الإعلام "نحن بحاجة إلى الحوار والاحترام، كما يعلمنا ديننا: نأتي إلى المسجد للصلاة ولتعزيز التضامن" و "هناك أطفال في المدرسة العربية كل يوم أحد يشاهدوننا وشهر رمضان ليس ببعيد".
أكيد أن "ماوقع بالأمس الأحد بمركز الإسلامي ببردينون مهزلة وفضيحة للمسلمين من أجل سلطة والمال والاسترزاق"، ينشر أحد النشطاء في المنطقة على صفحته.
وقبل أربع سنوات كنا نشاهد في التلفزيون شعارات مظاهرات منددة بالإمام ووصف تصرفاته بالفتنة ونشر البلبلة والحقد ومطالبات بطرده. هذا الإمام عاد، في أواخر السنة الماضية، ليجثم من جديد على صدور المسلمين عبر بوابة القضاء الايطالي حيث استغل ثغرة في عقد عمل موقع بينه وبين ممثل عن المسجد للقيام بالإمامة لمدة طويلة. فمن يشجع هذا الإمام في نشر البلبلة والتوتر وتهديد الأمن العام الايطالي والأمن الروحي للمسلمين؟ ومتى ينتهي هذا العبث؟ أليس للمسلم حق في الصلاة بدون تشويش في إيطاليا؟
رغم ذلك، يبدو أن المغاربة بالخصوص يسعون إلى إنهاء التوتر والانقسامات المصطنعة في بيت الله التي أعاقت العديد منهم الالتحاق بهذا المركز وعزمهم الدفاع عن مصالح العقيدة الإسلامية، والسماح للمسلمين في هذه المدينة بالحصول على المرافقة الروحية التي يرغبون فيها، والمساهمة في إشعاع الدين الإسلامي.
ويجدر التذكير بأن المغاربة في إيطاليا استطاعوا عن طريق المساجد التي يسيرونها مرافقة العديد من مشاريع بناء المساجد وتعيين مرشدين وفي المستشفيات وفي السجون؛ بالإضافة إلى إصدار مجموعة من الدلائل العملية والدوريات، بشراكة مع السلطات العمومية، فيما يخص عملية ذبح الأضاحي والحج وتنظيم أماكن الدفن في المقابر ومراقبة الهلال، وكذا في محاربة الفكر المتطرف الذي يشوه رسالة السلام التي جاء بها الإسلام، والحوار بين الأديان. كما عقد المغاربة عدة اتفاقيات مع الحكومات الجهوية والجامعات الايطالية خدمة لمصالح المسلمين الثقافية.
وكشفت أزمة جائحة كوفيد 19 الدور المهم والذي لا غنى عنه المجهودات الجبارة للمغاربة بشهادة المؤسسات العمومية والمراقبين، حيث كانوا في الطليعة في إدارة هذه الأزمة من خلال العديد من تقديم الآراء والنصائح والتأطير والتضامن والمساعدة بالدم والمال والخبز والوقت. وبدعوة وبمبادرات المغاربة وجمعياتهم وزعت المساجد آلاف الوجبات على المحتاجين وعلى الأطقم الصحية، وتمت تعبئة متطوعين لمرافقة المرضى والعائلات المكلومة. كما تعبأ المغاربة إلى جانب رؤساء البلديات لإنشاء أماكن دفن إضافية في وقت كانت فيه المقابر تواجه ضغطا شديدا.
ويؤكد المغاربة اليوم رغبتهم في الاستمرار في الدفاع عن مصالح المسلمين في الطمأنينة والسكينة في المساجد، و عن مصالح العقيدة الإسلامية بشكل عام وتقديم سمعة طيبة عن المسلمين في إيطاليا.
ومن أجل ذلك، فإنهم عازمون على استخدام جميع الوسائل التي تتيحها الديموقراطية، وسيدعمون جميع الفاعلين الذين يشتغلون من أجل هذا الهدف.