عبد الحميد جماهري: أختي الثريا، أخواتي الثريات

عبد الحميد جماهري: أختي الثريا، أخواتي الثريات

الديموقراطية، أيضا، أنثى. فهل سيطالبها رئيس الحكومة المغربية بأن تدخل إلى بيت الطاعة، وأن تنسحب من الفضاء العمومي ونقتصر في حياتنا العامة على ما «ورثناه عن هويتنا»؟؟

مشروعية السؤال مطروحة وغير قابلة للتصرف، لأن السيد بنكيران، عندما دعا إلى بقاء المرأة في بيتها، وفي القرون الوسطى.. كان يفعل ذلك باسم مواجهة «النموذج الأجنبي» وباسم الدفاع عن ما يعتبره قيما وهوية مغربية، وضدا على النماذج الغربية.

والسيد الرئيس، الذي يبتسم كلما أخطأ في حق المرأة المغربية، اعتقادا منه أن المغاربة يبتسمون، يبعث على الخوف العميق اليوم.

فما يعتبره قيما غربية، يعيدنا إلى الهجومات التي شنتها الرجعية الحاكمة، مسنودة بالرجعية والإقطاع في المجتمع ضد ترسانة القيم الحقوقية والديموقراطية وسيادة الشعب في تقرير مصيره السياسي، والتي تمت باسم محاربة الأفكار المستوردة حينا، والأفكار الهدامة حينا آخر.

وما يعتبره السيد عبد الإله بنكيران نماذج غريبة وأجنبية في الحياة، هي ما حققته البشرية طيلة قرون من النضال والكفاح من أجل كرامة الإنسان، وفي صلبه المرأة، خاصة المرأة المغربية.

ومن هذه القيم، كما يعرف بنكيران ولا شك: الديموقراطية، الدستور، حقوق الإنسان، السيادة الشعبية، محاربة الفساد والاستبداد، الفصل بين السلط، الربط بين المسؤولية والمحاسبة، الأحزاب السياسية،
الانتخابات، الدعم المالي للأحزاب، المحاصصة الإعلامية، المنبر التلفزي، الجرائد، بما فيها التجديد،
طبعا .. ورئاسة الحكومة..!

موجة التراجع في تقديرنا لن تقف عند أبواب البيوت ومصابيحها، ستنتقل إلى ما هو أعمق وستشمل حركة اغراء الفياقل الرجعية والرجعية الجديدة أبعادا لم تخطر ببالنا.. وستأتي على الأخضر واليابس..

ألم يقل أهل الأنوار.. المرأة عتبة الحداثة؟

فعندما سيهدمون العتبة، سينتقلون إلى الحداثة برمتها!

فعندما يخاطب بنكيران (ونساؤه في القطاع يعقدن اجتماعا خارج بيوتهن. من مفارقة بؤس الخطاب الأصولي) النساء المغربيات: أختي الثريا، أخواتي الثريات، فذلك استعداد ذهني وخطابي لكي يتحدث إلى .. الظلام الذي يأتي من بعد!