حبيب عبد الرب سروري: الضجيج الكوني الكروي

حبيب عبد الرب سروري: الضجيج الكوني الكروي

الضجيج الكوني الكروي سيدخل ابتداء من الغد مرحلته الثانية، الأعتى.

سترتجف القلوب كثيرا مساء الاثنين القادم: الجزائر - ألمانيا، نيجيريا - فرنسا.

كرة القدم (طوطم العصر الحديث) صارت:

كل ما تبقى لنا من تاريخ وثني دام آلاف السنين، الإلهة/ الكرة التي تستحوذ كل الأفئدة، وتفجر في جوانح المؤمنين بها صلوات ودعوات: جووووووول (التي تفوق بكثافتها ومفاجأتها همهمة: آمييييييين الآلية الرتيبة).

لنطمئن: لن يتجرأ مفتٍ بأية ديانة تحريم هذا الطقس، أو حتى القول بأنه مكروه شرعا يلهي عن العبادة.

لن يتجرأ ذلك لأنه أقوى من سطوة الديانات والأعراق وإرادة السلطات الحاكمة، آخر قلاع إنسانية تتوحد مرة كل أربع سنين، تنسى كل خلافاتها الصغيرة، تخفق في كل بقاع الأرض لنفس المشاعر العميقة، لنفس الطقوس الوثنية البسيطة، لنفس السعادات الصغيرة...

أية إنسانية جديدة في مستقبل بعيد لن تحمل اسمها بجدارة إذا لم تكن بحيوية ومساواة مباريات المونديال،بس مش بين فرق وطنية تشكلها حدود جغرافية سخيفة، لكن بين أنهار تصب في نفس المحيط،بين جسور تربط كل التنوع الفكري والثقافي الراقي لأبناء أرخبيل الكوكب الأزرق:
فلسفة العلمانية والحداثة، روائع العشق الصوفي الإسلامي، جوانب راقية من الفكر المسيحي الحديث، الكونفوشيوسية الإنسانية...

طبعا، ما زلنا بعيدين ستة قرون عن ذلك الموعد (الذي أحلم به بشدة، وأخشى أن يكون طوباويا لا غير).
يلزم قبل ذلك أن "يعطّف" عصر الرأسمالية التي (رغم عظمة انجازاتها الحضارية) حولت الإنسان بجشعها وجنون قوى المال فيها إلى رقم وسلعة، انتهكت بسطوة التكنولوجيا حميميته وكشفت عوراته،
دمرت التوازن البيئي للأرض وهددت مستقبل الكوكب...

رحت بعيد!

كل ذا عشان مباريتي مساء الاثنين القادم...