رضا الفلاح: هذا ما سيربحه المغرب من زيارة لافروف وشراكته مع روسيا

رضا الفلاح: هذا ما سيربحه المغرب من زيارة لافروف وشراكته مع روسيا سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي(يسارا) ورضا الفلاح
يؤكد رضا الفلاح أستاذ العلاقات الدولية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير أن المغرب سيحقق مكاسب من زيارة سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي للمغرب. 
 وأوضح الفلاح في تصريح لجريدة "
أنفاس بريس"، ان شراكة المغرب مع روسيا هي نتيجة مقاربة استراتيجية نتعددة الأبعاد يكشفها ضمن التحليل الآتي. وفي ما يلي تحليل استاذ العلاقات الدولية رضا الفلاح. 
 
في سياق سياسي يتسم بالتصعيد العسكري بين روسيا وحلف الناتو على الجبهة الأوكرانية، تعيش العلاقات الروسية الأوروبية مرحلة محفوفة بالمخاطر مع تنامي أشكال متعددة من الدعم العسكري الذي  تقدمه الدول الأوروبية لأوكرانيا، مما يؤشر على مأزق دخول الأطراف المتصارعة في نفق الحرب الاستنزافية الطويلة. 
 
إن هذه الحرب التي تحمل ملامح حرب وجودية بالنسبة لروسيا يرافقها إعادة ترتيب لطبيعة التحالفات في عالم متعدد الأقطاب وبداية نهاية باراديغم مربعات النفوذ والتبعية الاستراتيجية الذي طبع العلاقات الدولية شمال جنوب خلال السبعين سنة الأخيرة.
 
وتندرج ضمن هذه التطورات سياسة تنويع الشركاء التي ينهجها المغرب عبر تعميق علاقات التعاون مع قوى دولية مثل دول البريكس (روسيا والصين والهند والبرازيل)، في إطار شراكته الاستراتيجية مع روسيا، يتضح أن المغرب استثمر هامش الحركية الدبلوماسية لديه من خلال  الحياد الإيجابي الذي تبناه تجاه النزاع بين روسيا وحلف الناتو، بل ووصل الأمر إلى رفع نسق التعاون في مجالات مهمة مثل مجال الطاقة بما في ذلك الطاقة النووية والتبادلات التجارية، والتعاون التقني والعلمي.
 
من هذا المنطلق، تأتي الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للمغرب من أجل توطيد هذه الدينامية واستشراف مجالات جديدة للتعاون، وهو ما يؤكد معالم العقيدة الدبلوماسية للمغرب متجسدة في ما يمكن تسميته "دائرة الشراكات البراغماتية".
 
وبالنظر إلى توقيت هذه الزيارة في ظرفية سياسية متأزمة على صعيد العلاقات المغربية الفرنسية وبين المغرب والبرلمان الأوروبي، يبدو أن روسيا تضع المغرب في بوصلة توجهات استراتيجيتها الخارجية للتعاون ويُعزى ذلك لعدة اعتبارات ترتبط بالخيارات  الجيوسياسية للمغرب وبمؤهلاته الاقتصادية واللوجيستيكية المهمة على مستوى الموانئ   البحرية، وكذلك لرفضه التخندق في صف الدول الغربية في حرب غير معنية بها.
 
وتتميز العلاقات المغربية الروسية بعمق تاريخي يمتد إلى القرن الثامن عشر وتتسم بالاستمرارية والانتظام وعدم تأثرها بالاستقطابات الدولية والإيديولوجية، وقد عرفت قفزة نوعية من التعاون إلى الشراكة الاستراتيجية بعد الزيارة الملكية الأولى لروسيا في أكتوبر 2002، والتي تلتها زيارة أخرى مماثلة سنة 2016 كرست قدرة المغرب وروسيا على بناء أرضية قوية للتعاون الاقتصادي والثقافي والبيئي، والتنسيق في المواقف إزاء القضايا الأمنية الإقليمية والدولية  وفي مجال محاربة الإرهاب، والاستفادة من الخبرة الروسية في مجال استخدام الطاقة النووية المدنية، إلى جانب اتفاقية الصيد البحري التي يشمل العمل بها المياه الإقليمية على واجهة الأقاليم الجنوبية للمغرب. 
 
ومن شأن تعميق هذه الشراكة الاستراتيجية مع روسيا أن يعزّز من الوجود الاقتصادي للمستثمرين الروس بالمغرب وأن يقوي من جذب السياح وتنمية التعاون العلمي والتقني بين البلدين. وينتظر المغرب من روسيا أن تدعمه في قضية وحدته الترابية خاصة وأن مواقف المغرب من الصراع الروسي الغربي واضحة ولا تخضع للتقلبات والحسابات الضيقة، كما تحظى هذه المواقف باعتراف واحترام جميع الدول التي تنظر إلى المغرب كشريك موثوق في منطقة المغرب الكبير وقوة تتمتع بمصداقية وصورة إيجابية في القارة الإفريقية.
 
إن سياسة عدم الاصطفاف مع طرف معين ضد طرف آخر يعني أيضا الحرية في توسيع أوجه الشراكة مع جميع القوى على أساس تحقيق منافع متبادلة، وهو ما يجعل من المغرب عامل توازن واستقرار على خلاف الجزائر التي تتخبط في سياسات متناقضة تتشابك ضمنها أجندات سياسية وعسكرية مع روسيا باللعب بورقة الغاز الطبيعي مع أوروبا واستمالتها تحسبا وخشية من عقوبات أمريكية محتملة عليها.