الابتزاز الأوربي يقوي علاقة المغرب بالدب الروسي

الابتزاز الأوربي يقوي علاقة المغرب بالدب الروسي الملك محمد السادس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء سابق
تكشف‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬قريبا‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسي،‭ ‬سيرغي‭ ‬لافروف،‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬ضمن‭ ‬جولة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬تشمل‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬وفي‭ ‬العلاقات‭ ‬الجيوستراتيجية؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬مزعجا‭ ‬لأوروبا‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تفقد‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مضطرد‭ ‬مساحات‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬مستعمراتها‭ ‬السابقة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬نزوعها‭ ‬العدائي‭ ‬الرامي‭ ‬إلى‭ ‬"تأديب"‭ ‬الدول‭ ‬المارقة‭ ‬ومحاولة‭ ‬إرجاعها‭ ‬بالإكراه‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬الطاعة!
وإذا‭ ‬كانت‭ ‬جولة‭ ‬رئيس‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬الروسي‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سعي‭ ‬موسكو‭ ‬إلى‭ ‬ترتيب‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬وجودها‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وإبطال‭ ‬مفعول‭ ‬الحصار‭ ‬المفروض‭ ‬عليها‭ ‬منطرف‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ‬والغرب‭ ‬عموما،‭ ‬فإن‭ ‬المغرب‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬موسكو‭ ‬تعيده‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬التوازن،‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا،‭ ‬ظلت‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬قضاياه‭ ‬الحيوية‭ ‬بمنطق‭ ‬"حساباتها‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية"،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬الانتهازي‭ ‬أصبح‭ ‬مقضوم‭ ‬الأطراف،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬اختار‭ ‬تنويع‭ ‬شراكاته‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والأمنية،‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬الاحترام‭ ‬والتعاون‭ ‬والندية‭ ‬والوضوح‭ ‬وخدمة‭ ‬المصالح‭ ‬المتبادلة‭.‬
وتبعا‭ ‬لذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬لماذا‭ ‬أدخلت‭ ‬الرباط‭ ‬الدب‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬اهتمامها،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬أنيابه‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوربا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭. ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭  ‬من‭ ‬إحياء‭ ‬روسيا‭ ‬لعلاقاتها‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬فاجنر‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬النزاع‭ ‬العسكري‭ ‬(ليبيا،‭ ‬مالي،‭ ‬غينيا،‭ ‬بوركينافاصو‭..‬)،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تجارة‭ ‬السلاح‭ ‬والطاقة‭ ‬والمواد‭ ‬الأساسية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مغاربية‭ ‬(الجزائر)،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬إنشاء‭ ‬مشاريع‭ ‬استثمارية‭ ‬وتجارية‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬المعروفة‭ ‬بعلاقاتها‭ ‬التقليدية‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬المغرب؛‭ ‬وتطوير‭ ‬علاقاتها‭ ‬معها‭ ‬خارج‭ ‬القراءة‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬المحاور‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يمكننا‭ ‬قراءة‭ ‬النمو‭ ‬الملحوظ‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬المغربية‭ ‬الروسية‭. ‬كما‭ ‬يمكننا‭ ‬إدراك‭ ‬الدواعي‭ ‬الحقيقية‭ ‬لـ‭ ‬"التصويت‭ ‬البراغماتي"‭ ‬لروسيا‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬تتعلق‭ ‬بنزاع‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬أي‭ ‬ذلك‭ ‬التصويت‭ ‬الذي‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬"خط‭ ‬الرجعة"‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬حدد‭ ‬شروطا‭ ‬واضحة‭ ‬لبناء‭ ‬شراكات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الدول،‭ ‬وجعل‭ ‬من‭ ‬الصحراء‭ ‬"النظارة"‭ ‬التي‭ ‬ينظر‭ ‬بها‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬تراجع‭ ‬موسكو‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬مناورات‭ ‬عسكرية‭ ‬روسية‭ ‬جزائرية‭ ‬على‭ ‬حدودنا‭ ‬الشرقية،‭ ‬بعد‭ ‬تأكيدات‭ ‬أوردتها‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬غربية‭ ‬وحتى‭ ‬روسية‭. ‬وبالمثل،‭ ‬فإن‭ ‬المغرب،‭ ‬لم‭ ‬ينجرف‭ ‬نحو‭ ‬إدانة‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬موقفه‭ ‬واضحا‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬حين‭ ‬أعلن‭ ‬رفضه‭ ‬لحل‭ ‬النزاعات‭ ‬بالقوة‭.‬
إن‭ ‬المغرب،‭ ‬وهو‭ ‬يستقبل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجي‭ ‬الروسي،‭ ‬يدرك‭ ‬تمام‭ ‬الإدراك‭ ‬تقاطعات‭ ‬المصالح‭ ‬الجيواستراجية‭ ‬بين‭ ‬اللاعبين‭ ‬الأقوياء‭ ‬المتنافسين‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وأيضا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية،‭  ‬كما‭ ‬يدرك‭ ‬تعقد‭ ‬الأوراق‭ ‬التي‭ ‬تمسك‭ ‬بها‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬وروسيا،‭ ‬والصين،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬قوى‭ ‬إقليمية‭ ‬أخرى‭ ‬اتضح‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬مكتوفة‭ ‬الأيدي‭ ‬لتجد‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬لها‭ ‬بالقارة‭ ‬السمراء،‭ ‬مثل‭ ‬تركيا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬واليابان‭. ‬لكنه‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬تنويع‭ ‬الشراكات‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬قوى‭ ‬بديلة‭ ‬عن‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الأوربية‭ ‬السابقة،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬بإمكانه‭ ‬تسوية‭ ‬النزاعات‭ ‬الإقليمية،‭  ‬وتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬الاندماج‭ ‬الإقليمي‭ ‬لشعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية‭ ‬والإفريقية،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬تلك‭ ‬الشراكات‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬التعاون‭ ‬والربح،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الاحتراب‭ ‬واللعب‭ ‬على‭ ‬تعميق‭ ‬التناقض‭ ‬وتوسيع‭ ‬الخلاف‭. ‬
وعكس‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬مراقبون‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬الروسي‭ ‬لافروف‭ ‬المرتقبة،‭ ‬فإن‭ ‬توجّه‭ ‬الرباط‭ ‬نحو‭ ‬الدب‭ ‬الروسي،‭ ‬لم‭ ‬تمله‭ ‬أزمة‭ ‬"نفاق‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي"‭ ‬الذي‭ ‬اتفق‭ ‬أعضاؤه‭ ‬المأجورون‭ ‬على‭ ‬إدانة‭ ‬المسار‭ ‬الحقوقي‭ ‬المغربي،‭ ‬بل‭ ‬يعكس‭ ‬بجلاء‭ ‬اختيارا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬دشنته‭ ‬الزيارة‭ ‬الملكية‭ ‬لروسيا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016،‭ ‬والتي‭ ‬اختتمت‭ ‬بالتوقيع‭ ‬على‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬اتفاقية،‭ ‬منها‭ ‬أربعة‭ ‬تهم‭ ‬المجالات‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬ومحاربة‭ ‬التطرف،‭ ‬فيما‭ ‬تتعلق‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التسعة‭ ‬الأخرى‭ ‬بالتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬(أربع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬واتفاقيتان‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬والمعادن،‭ ‬واتفاقيتان‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إنعاش‭ ‬السياحة‭ ‬والنقل‭ ‬الجوي،‭ ‬واتفاق‭ ‬إطار‭ ‬يخص‭ ‬إنعاش‭ ‬وحماية‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أخرى‭ ‬تم‭ ‬إبرامها‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الثقافة‭ ‬والمتاحف‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة)؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبر‭ ‬حينذاك‭ ‬انتصارا‭ ‬لسعي‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬تقوية‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬"ماما‭ ‬فرنسا"‭ ‬وربيبتها‭ ‬أوربا،‭ ‬واتجاها‭ ‬لتكسير‭ ‬الابتزاز‭ ‬الذي‭ ‬تنتهجه‭ ‬أوروبا‭ ‬كلما‭ ‬طالبها‭ ‬بالعمل‭ ‬الجاد،‭ ‬والالتحاق‭ ‬بالموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يعترف‭ ‬بسيادته‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬أراضيه،‭ ‬حيث‭ ‬حوّل‭ ‬الأوروبيون‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬"ثلاجة"‭ ‬مؤسستية‭ ‬لتجميد‭ ‬الملف‭ ‬والمتاجرة‭ ‬في‭ ‬أصوله‭ ‬وفروعه‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭.‬
وتبعا‭ ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬قرار‭ ‬المغرب‭ ‬بوضع‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬الرادار‭ ‬ليس‭ ‬قرارا‭ ‬طارئا،‭ ‬بل‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬فهم‭ ‬عميق‭ ‬لضرورة‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭ ‬نحو‭ ‬تنويع‭ ‬الشركاء‭ ‬الاقتصاديين،‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬دون‭ ‬التفريط‭ ‬في‭ ‬الحلفاء‭ ‬التقليديين‭ ‬كالاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬شريطة‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية،‭ ‬وإعلان‭ ‬موقفها‭ ‬الواضح‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬عوض‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬الأدوار‭ ‬بين‭ ‬الحكومات‭ ‬الأوروبية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الأوروبية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬ورقة‭ ‬الصحراء‭ ‬والتلويح‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬أراد‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬جادة‭ ‬الركوع!
وإذا‭ ‬كانت‭ ‬المناسبة‭ ‬شرط‭ ‬كما‭ ‬يقال،‭ ‬فإن‭ ‬استقبال‭ ‬الدب‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬عرين‭ ‬الأسود‭ ‬يحمل‭ ‬رسائل‭ ‬قوية،‭ ‬أولاها‭ ‬أن‭ ‬الرباط‭ ‬تملك‭ ‬خيارات‭ ‬أخرى‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬قراراتها‭ ‬السيادية‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬القانونية‭ ‬والقضائية،‭ ‬كما‭ ‬تملك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬وحدتها‭ ‬الترابية‭ ‬ضد‭ ‬"إكراه"‭ ‬الغاز‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬أوروبا‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬أخلاقياتها‭ ‬راكعة‭ ‬ومتهافتة،‭ ‬ظنا‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬قلعة‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬تدميرها‭ ‬بقرارات‭ ‬مؤدى‭ ‬عنها‭ ‬سلفا؛‭ ‬ثانيها‭ ‬أن‭ ‬بإمكان‭ ‬المغرب‭ ‬تعويض‭ ‬السوق‭ ‬الأوروبية‭ ‬بالسوق‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬تربطنا‭ ‬معها‭ ‬علاقات‭ ‬فلاحية‭ ‬وغذائية‭ ‬ممتازة،‭ ‬كما‭ ‬بوسعه‭ ‬أن‭ ‬يبني‭ ‬علاقاته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وفق‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬بدل‭ ‬انتظار‭ ‬"منافع"‭ ‬الشراكة‭ ‬المتقدمة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬"الإملاء"‭ ‬و"الإذلال"‭ ‬و"النفاق"‭ ‬والابتزاز‭ ‬والكيل‭ ‬بمكيالين‭.‬
إن‭ ‬زيارة‭ ‬لافروف‭ ‬للرباط‭ ‬تعتبر‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الظرف‭ ‬الحالي،‭ ‬وهي‭ ‬رد‭ ‬قوي‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬الذي‭ ‬استقبل‭ ‬بحفاوة‭ ‬واضحة‭ ‬قائد‭ ‬الأركان‭ ‬الجزائري‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬الإيليزيه‭ ‬(كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬عين‭ ‬باريس‭ ‬على‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬المخصصة‭ ‬للإنفاق‭ ‬العسكري‭ ‬الجزائري:‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬مليار‭ ‬دولار)،‭ ‬وهي‭ ‬أيضا‭ ‬رسالة‭ ‬قوية‭ ‬موجهة‭ ‬للأوروبيين،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬روسيا،‭ ‬التي‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬إرساء‭ ‬توازنات‭ ‬جديدة،‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬منافذها‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتراجع‭ ‬فيه‭ ‬فرنسا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬نفوذها‭ ‬التقليدية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تدرك،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬تجارة‭ ‬السلاح‭ ‬والإرث‭ ‬الشيوعي،‭ ‬أن‭ ‬بوسعها‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬كأحد‭ ‬الموردين‭ ‬الذين‭ ‬تتطلع‭ ‬إليهم‭ ‬لتعويض‭ ‬وقف‭ ‬إمدادات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الحاجيات‭ ‬الفلاحية‭ ‬التي‭ ‬تحتاجها،‭ ‬بسبب‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭. ‬كما‭ ‬بإمكان‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬"التكاسل"‭ ‬وتشغيل‭ ‬محرك‭ ‬السرعة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحصين‭ ‬علاقته‭ ‬مع‭ ‬موسكو،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬التعاون‭ ‬التجاري‭ ‬والفلاحي‭ ‬معها،‭ ‬دون‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬شراكاته‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والوضوح‭ ‬والمصالح‭ ‬المتبادلة‭.‬
 
تفاصيل أوفي تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
رابط العدد هنا