إدريس الأندلسي: متى نغير مدونة الأسرة.. الظلم صنو التخلف 

إدريس الأندلسي: متى نغير مدونة الأسرة.. الظلم صنو التخلف  إدريس الأندلسي
تعرف الحركة النسائية وتلك التي تناصر إنصاف المرأة بصدق صحوة جديدة ومباركة. تكاثرت مظاهر ظلم الأمهات والأخوات وغير المتزوجات والأرامل وظل المجتمع يشكو ولا زال القانون يشكو ضعف المشرعين وانشغالهم عن قضايا المرأة والأطفال وبالطبع عن قضايا مستقبل البلد. في كل يوم تشرق فيه الشمس على المغرب، تشهد أشعة الصباح وقيلولة الزوال وما تبقى من نور عند الغروب، على ظلم إتجاه من جعل الخالق عز وجل الجنة تحت أقدامهن. ظلم المرأة يزداد عنفا تحت أنظار فقهاء مقاصديين وقضاة حريصين على العدل ومشرعين عاجزين على تغيير الواقع. كل يوم تطبعه مآسي إتجاه نساء وأطفال وكل يوم يشهد على جمود مؤسسات خلقت لنشر العدل ولكن أصابتها علة الجمود والرجعية والتخلف. أكثر من نصف المجتمع يطالب بالإنصاف، فهل مجتهد منصف في حق أسرة يقع حملها، في أغلب الأوقات، على المرأة. 

أعداء حقوق المرأة يشكلون جيشا عرمرما ويقسمون أن وضعيتها الحالية لا تنافي مبادىء الدين ولا الأعراف ولا التقاليد.  هؤلاء لا تهمهم قيم المساواة ولا أبحاث علمية تقوم بها المرأة ولا جهل الكثير من الذكور وغرقهم في الأمية والإدمان والضياع وسوء التدبير و العنف والإفلاس والإفلات من المحاسبة حسب مقاييس القانون الوضعي و المبادئ العليا للقانون والمقاصد السامية لكل الشرائع السماوية. 

قال أمير المؤمنين ورئيس دولة المغرب الشريفة أن قضية المرأة مهمة جدا وأن إصلاح الأوضاع ضروري وأن تغيير الأوضاع "لن يحلل محرما  ولن يحرم حلالا". الأمر في حاضرنا المغربي يحتاج إلى القرار السياسي المسؤول والواعي بموقع المغرب في محيطه  وفيطموحاته الجيواستراتيجية والإقتصادية. اليوم في المغرب نسجل حضورا للنساء فيالحقول العلمية أكثر من الرجال. اليوم نسجل حضورا أكثر من الواجب للنساء في بناء شخصية الأبناء المتميزين علميا وثقافيا.  نعم اليوم، كما الأمس، تحضر النساء بالفعل المنتج والتربوي والإبداعي أكثر من الرجل. ولكن القانون لا زال يعيش على إيقاع ظروف عيش تنتمي،في أغلبها، إلى قرون مضت وأنتهت وغبرت رغم إلتزام دولتنا بمعاهدات أممية تنص على قيم وآليات المساواة والمناصفة وعدم التمييز بين المرأة والرجل. 

اليوم القاضية والطبيبة والمهندسة والعالمة وقائدة الطائرة وعالمة الفضاء والمحامية  ولأستاذة لايعتبرها قانون مجتمعنا سوى ككائن ناقص الأهلية. هذا عار كبير وعنصر إحباط لكل من يؤمن بقيم المواطنة الحقة. إن ظل الأمر على ما هو عليه، فلنشهد جميعا أننا لا زلنا نعيش في عصر الظلمات. ما معنى أن تكون القاضية صاحبة سلطة لإصدار حكم بإسم صاحب الجلالة وأن تعد شهادتها غير ذات قيمة أمام أي رجل كيفما كان تدني مستواه التعليمي والإجتماعي وحتى الأخلاقي. 

الواقع مر  وقبيح يا من يتحكمون في وضعية المرأة. تبا لكل قانون يحرم الأطفال من الدراسة بفعل عدم موافقة الأب. وتبا لكل قانون ولو كان أوروبيا أو أمريكيا يحرم الأطفال من الاستشفاء خارج الوطن ولو على حساب الأم.  

وتبا لكل عقلية تحرم أما حاضنة من تسجيل إبن في مدرسة وسفر خلال عطلة  و الحصول على أحكام قضائية مبنية على العدل وتقييم ثروات ذكر "يسمى الأب" ويفعل كل شين للتهرب من نفقة وحق  في التمدرس والعلاج. 

إذا لم نتحول إلى مرحلة تحمي الأسرة  و توفر الحماية لكل مكوناتها  فلا يجب أن نفتخر بأي إنجاز مهما كان شأنه. أن ننتج مليون سيارة وطائرة وغواصة لا يوازي تنشئة طفل في مجتمع العدل والإنصاف  والمناصفة. كل قيم حقوق الإنسان تنهار حين نحكم على المرأة بالحرمان من كل شيء بعد حضانتها لفلذه كبدها وأن نضع على عنقها تهديدا لا إنسانيا، إن هي تزوجت بعد طلاق بين ومكتمل الأركان.  البعل الذكر، وقد يكون جاهلا وفاسدا و غير ذي أهلية،  يمكن أن يتزوج  مرات و تتعدد زوجاته ويحصل، في نفس الوقت،  على حكم بإسقاط الحضانة عن أم حاضنة بسبب شكلي  و محط بكرامة المرأة. 

 أيها المشرع قم فشرع والظلم فحارب و لا تترك الرجعية غلا على رقاب النساء. إذا لم تفعل فأعلم أنك تساهم في الحرب على مؤسسة الزواج  وتكوين الأسر. وأعلم أيها المشرع أنك مسؤول عن تسارع حجم الأطفال المشردين وتزايد مظاهر الانحلال الأخلاقي لأنك تستمر في تدمير المدرسة.  و كما قال الشاعر " الأم مدرسة إذا اعددتها...
 
أعددت شعبا طيب الأعراف " و ليعلم فقهاء الحيض والنفاس والمجتهدين في علم النكاح أن للمرأة حق في الاستمتاع بحقها الذي لم يحرمها منه مت خلقها. فكفى أن يهيمن الجهل للحد من فعل المتنورين. لا ولاية لحاقد على حق المرأة في حضانة الأطفال ورعايتهم وأخذ القرار في مجال تمدرسهم وسفرهم. ولا ولاية لمفلس اجتماعيا وثقافيا  واقتصاديا  وأخلاقيا.