هل سيشفع للجالية المغربية بهولندا موقفها الداعم للحكومة الهولندية في أزمتها مع السعودية؟ أم أن التواجد المغربي بهولندا سيتأثر بصعود اليمين المتطرف؟ هذا هو السؤال الذي يؤرق الكثيرين من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج.
ومعلوم أن الجالية المغربية بهولندا (تقدر ب 75 ألف) قابلت تصريحات زعيم حزب الحرية الهولندي المعادي للهجرة بنوع من المهادنة، والذي تجلى في تدخل ثلاث جمعيات يديرها المغاربة على الخط لرأب الصدع في العلاقات الهولندية المغربية جراء تصريحات فيلدرز العنصرية، وهم محمد الرباع رئيس المجلس الوطني للمغاربة بهولندا، وعبدو المنبهي رئيس المركز الأورومتوسطي للهجرة والتنمية، وبوشعيب سعدان رئيس جمعية المسنين المغاربة، لإلغاء القرار الذي اتخذته الحكومة السعودية ضد الشركات الهولندية على إثر التصريحات المشينة ضد الإسلام والمسلمين والعرب والمملكة العربية السعودية، التي يتلفظ بها خيرت فيلدرز، مبررين موقفهم بأن قرار مقاطعة الشركات الهولندية سيضر باقتصاد هولندا وأن "هذا الضرر يعنينا أيضا كمواطنين هولنديين". وأضافوا أنه "رغم التصريحات العنصرية التي صدرت عن فيلدرز، فهولندا بلدنا والإسلام جزء من المجتمع الهولندي كباقي الديانات والمعتقدات الأخرى".
هذا التحرك يجد تفسيره لدى البعض بمخاوف مغاربة هولندا من الاكتواء بنار الأزمة بين البلدين، خاصة أن شريحة مهمة منهم تشتغل لدى الشركات الهولندية.
يذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 5 مليارات دولار في عام 2010، كما أن هولندا ساهمت بنحو 4 في المائة من الإستثمارات الأجنبية المباشرة في السعودية عام 2013 .
وفيلدرز معروف بمواقفه ضد الإسلام والمسلمين، حيث سبق له أن طالب بحظر القرآن في هولندا بدعوى تعارضه مع القانون، كما دعا المسلمين في هولندا إلى تمزيق نصف القرآن إذا أرادوا البقاء، واتهم النبي محمد بالإرهاب. وفي مارس 2008 أنتج فليم "فتنة" الذي يتضمن محاولات للربط بين القرآن والعنف، الأمر الذي دفع محكمة هولندية إلى محاكمته بتهمة التحريض على الكراهية والتمييز ضد المسلمين. وهاهو اليوم يرفض التراجع عن إساءته إلى السعودية عبر استبداله الشهادة المطبوعة في علم المملكة بعبارة مسيئة للإسلام والرسول الكريم محمد، حيث صرح في لقاء تلفزيوني: "لن أتراجع عن موقفي، ويجب التمعن في معنى تلك الشهادة قبل مطالبتي بذلك". كما أن فيلدرز معروف عنه معاداته لقضايا الهجرة والمهاجرين، إذ سبق له أن صرح بأنه سيعمل على تقليص عدد المغاربة في هولندا، وما يزكي تخوفات المغاربة هو حصول زعيم حزب الحرية الهولندي المعادي للهجرة على المرتبة الثانية في انتخابات هولندا الخاص بالبرلمان الأوروبي.
فهل تلقت الجالية المغربية بهولندا تطمينات من السلطات الهولندية جعلتها تنهج أسلوب "النأي بالنفس" في ما يخص الأزمة الدائرة بين هولندا والسعودية؟ أم أن مخاوف المغاربة من مواجهة تداعيات مقاطعة الشركات الهولندية كان لها القول الفصل في اتخاذهم لهذا الموقف المهادن من الأزمة؟