سوفيان بوشكور: هذه هي الرهانات التنموية الكبرى فـي أجندة الحكومة برسم سنة 2023

سوفيان بوشكور: هذه هي الرهانات التنموية الكبرى فـي أجندة الحكومة برسم سنة 2023 سوفيان بوشكور
1 - تعزيز وتكريس السيادة الوطنية: هدف استراتيجي ذو راهنية في‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬اللايقين‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬من‭ ‬تحولات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وجيواستراتيجية‭ ‬عالمية؛‭ ‬شكل‭ ‬المغرب‭ ‬الاستثناء‭ ‬وراكم‭ ‬حصيلة‭ ‬إيجابية‭ ‬بعد‭ ‬سلسلة‭ ‬ازمات:
•    الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2008؛
•    أزمة‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ ‬وتداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية؛
•    الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الّاوكرانية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬ومستويات‭ ‬التضخم؛
مع‭ ‬الوضع‭ ‬العالمي‭ ‬الحالي‭ ‬بتموقع‭ ‬الصين‭ ‬وحلفاءها‭ ‬مع‭ ‬روسا‭ ‬واصطفاف‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وتحوير‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬علنية‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬ورقمية‭ ‬وعسكرية؛‭ ‬مجالات‭ ‬ترابية‭ ‬دولية‭ ‬(أوروبا)‭ ‬فقدت‭ ‬وستفقد‭ ‬"ميزاتها‭ ‬النسبية"‭ ‬ses avantages comparatifs،‭ ‬لصالح‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬أمنا‭ ‬وامانا‭ ‬واستقرارا،‭ ‬بل‭ ‬الأكثر‭ ‬جاهزية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية،‭ ‬واليد‭ ‬العاملة‭ ‬المؤهلة‭ ‬وبقربها‭ ‬الجغرافي‭.‬
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬بلدنا‭ ‬المغرب‭ ‬مرشح‭ ‬بقوة‭ ‬كي‭ ‬يشكل‭ ‬قاعدة‭ ‬بديلة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بفضل‭ ‬ما‭ ‬حققه‭ ‬من‭ ‬منجزات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬من‭ ‬بنيات‭ ‬تحتية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وأوراش‭ ‬اجتماعية‭ ‬وبيئية،‭ ‬بل‭ ‬بفضل‭ ‬توفر‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬تبناها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬نصره‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الجديد،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬حرصه‭ ‬وتوجيهاته‭ ‬المسترسلة‭ ‬والدائمة‭ ‬بهدف‭ ‬تنزيل‭ ‬هذا‭ ‬الورش‭ ‬وضمان‭ ‬تموقع‭ ‬دولي‭ ‬ذكي‭ ‬ورصين‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬تكريس‭ ‬وتعزيز‭ ‬ثقة‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬بلدنا‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬واستمرار‭ ‬فتح‭ ‬القنصليات‭ ‬والمكاتب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بالصحراء‭ ‬المغربية‭.‬
وقد‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬شتنبر‭ ‬2022‭ ‬دراسة‭ ‬عن‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬(IRES) عنوانها‭ ‬"سمعة‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬سنة‭ ‬2022"،‭ ‬خلصت‭ ‬إلى‭ ‬كون‭ ‬تموقع‭ ‬المغرب‭ ‬يتعزز‭ ‬دوليا‭ ‬وأن‭ ‬المغرب‭ ‬يحظى‭ ‬عموما‭ ‬بسمعة‭ ‬إيجابية‭ ‬لدى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتطورة‭.‬
‭ ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬أثبت‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬مقاومته‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الصدمات‭ ‬الخارجية،‭ ‬كما‭ ‬تشهد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬نسبة‭ ‬النمو‭ ‬المسجلة‭ ‬سنة‭ ‬2021‭ ‬والتي‭ ‬قدرت‭ ‬بـ‭ ‬%7,9،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬لم‭ ‬يحققها‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1997‭. ‬كما‭ ‬تمكن‭ ‬المغرب‭ ‬بفضل‭ ‬التدابير‭ ‬الاستباقية‭ ‬من‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬أزمة‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ولم‭ ‬تعرف‭ ‬الأسواق‭ ‬المغربية‭ ‬نقصا‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وتمكنت‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬امتصاص‭ ‬حدة‭ ‬التضخم‭ ‬بدعم‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭.‬

 
إن‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬بالمغرب،‭ ‬لم‭ ‬تقو‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬منها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتحصين‭ ‬متطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬الداخلية،‭ ‬لأن‭ ‬العالم‭ ‬سيعرف‭ ‬تدافعا‭ ‬دوليا‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬وتسابقا‭ ‬كبيرا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اضطرابات‭ ‬في‭ ‬الامدادات‭ ‬والاختلالات‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬وتوزيعها‭.‬
ونود‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬هنا،‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أبعاد‭ ‬رئيسية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها:‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المغرب،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالحه‭ ‬العليا،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظرفية‭ ‬مشحونة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬والمخاطر‭ ‬والتهديدات‭.‬
وقد‭ ‬أبانت‭ ‬الأزمة‭ ‬الوبائية‭ ‬عن‭ ‬عودة‭ ‬قضايا‭ ‬السيادة‭ ‬للواجهة،‭ ‬والتسابق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحصينها،‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أبعادها،‭ ‬الصحية‭ ‬والطاقية،‭ ‬والصناعية‭ ‬والغذائية،‭ ‬وغيرها،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يواكب‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تعصب‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬البعض‭..‬
    
أبعاد السيادة الوطنية
المغرب،‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لمواجهة‭ ‬المتغيرات‭ ‬الجيواستراتيجبة‭ ‬والتحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬المكتسبات‭ ‬ونقط‭ ‬القوة‭ ‬السالفة‭ ‬الذكر،‭ ‬بل‭ ‬لاستشراف‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ضبابية‭ ‬المشهد‭ ‬الدولي‭ ‬وما‭ ‬يعرفه‭ ‬من‭ ‬متغيرات‭.‬ ويبقى‭ ‬مبدأ‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضمان‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭ ‬والغذائي‭ ‬والطاقي‭ ‬والصحي‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الرهانات‭ ‬الوطنية‭ ‬اليوم‭.‬
 
الأمن الغذائي
المنجزات‭ ‬والاستثمارات‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الفلاحي‭ ‬مكنت‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬الفواكه‭ ‬والخضر‭ ‬والمنتجات‭ ‬الحيوانية،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬المنتجات‭ ‬الأساسية‭ ‬كالحبوب‭ ‬والسكر‭ ‬والمواد‭ ‬النباتية‭ ‬والتي‭ ‬يضطر‭ ‬المغرب‭ ‬لاستيرادها‭ ‬وهي‭ ‬المعرضة‭ ‬لتقلبات‭ ‬الظرفية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وللازمات‭ ‬السياسية‭ ‬والبيئية‭. ‬بل‭ ‬من‭ ‬مسببات‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعمها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المقاصة‭.‬ إن‭ ‬توفير‭ ‬الامن‭ ‬الغذائي‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬ضمان‭ ‬المخزون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للمواد‭ ‬الأساسية‭ ‬مدخل‭ ‬أساسي‭ ‬لضمان‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭ ‬وتعزيز‭ ‬موقعه‭ ‬الدولي‭ ‬وخاصة‭ ‬الاوروبي‭ ‬والافريقي‭.‬
الامن‭ ‬الغذائي‭ ‬رهان‭ ‬اساسي‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمغرب‭ ‬وتحقيقه‭ ‬الزامي‭ ‬في‭ ‬بعدين‭ ‬أساسيين‭ ‬الأول‭ ‬توفير‭ ‬المنتجات‭ ‬الغذائية‭ ‬وضمان‭ ‬مخزونها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬الفلاحية‭ ‬لهذه‭ ‬المواد،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬تمكين‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬الولوج‭ ‬إليها‭ ‬بتوفير‭ ‬بأثمنة‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمغاربة‭ ‬بفضل‭ ‬وضع‭ ‬اليات‭ ‬فعالة‭ ‬لتدبير‭ ‬الأسعار‭ ‬المحلية‭ ‬للمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬
 
الأمن الطاقي
لا‭ ‬يختلف‭ ‬اثنان‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬الأزمات‭ ‬اليوم‭ ‬بالعالم‭ ‬هو‭ ‬طاقي‭ ‬مرجعيته‭ ‬مزدوج:
•    عواقب‭ ‬الازمة‭ ‬الصحية‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬والتدافع‭ ‬الدولي‭ ‬للاقتصادات‭ ‬الكبرى‭ ‬لاسترجاع‭ ‬معدلات‭ ‬نموها‭ ‬بعد‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬الازمة‭ ‬الصحية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رفع‭ ‬حجم‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المنتوجات‭ ‬الطاقية؛
•    الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية؛
والمغرب‭ ‬بصفته‭ ‬مستورد‭ ‬لجل‭ ‬حاجياته‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬البترولية،‭ ‬تضرر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الازمة‭ ‬الطاقية‭ ‬العالمية‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬التبعية‭ ‬الطاقية‭ ‬90%‭ ‬سنة‭ ‬2019‭.‬

 
ويبقى‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي‭ ‬للمغرب‭ ‬من‭ ‬الرهانات‭ ‬الكبرى‭ ‬بهدف‭ ‬تحسين‭ ‬مناعة‭ ‬وتنافسية‭ ‬المغرب‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬ترتكز‭ ‬التوجهات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لضمان‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي‭ ‬على:
1 -‭ ‬تسريع‭ ‬الانتقال‭ ‬الطاقي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة؛
2 - تعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬التخزين‭ ‬والمخزون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للمنتجات‭ ‬البترولية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني؛
3 - تطوير‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬كمشروع‭ ‬واعد‭ ‬نظرا‭ ‬للميزة‭ ‬النسبية‭ ‬التي‭ ‬يتوفر‭ ‬عليها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن؛
4 - تطوير‭ ‬الغاز‭ ‬لطبيعي‭ ‬كخيار‭ ‬استراتيجي‭ ‬لتنويع‭ ‬العرض‭ ‬الطاقي‭ ‬وسيشكل‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬ونيجيريا‭ ‬دعامة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار؛
5 - اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬النجاعة‭ ‬الطاقية‭ ‬تهدف‭ ‬لتخفيض‭ ‬الاستهلاك‭ ‬النهائي‭ ‬للطاقة‭ ‬بنسبة‭ ‬20%‭ ‬بحلول‭ ‬سنة‭ ‬2030‭.‬
الأمن المائي
 
لقد‭ ‬اتخذت‭ ‬الحكومة‭ ‬تدابير‭ ‬استباقية‭ ‬واستعجالية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاحواض‭ ‬المائية‭ ‬وتم‭ ‬ابرام‭ ‬اتفاقيات‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الفاعلين‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬المملكة‭ ‬لتامين‭ ‬التزود‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬وإطلاق‭ ‬قنوات‭ ‬تحويل‭ ‬المياه‭ ‬وتم‭ ‬تشغيل‭ ‬محطة‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬بسوس‭ ‬ماسة. ‬ واعطت‭ ‬الانطلاقة‭ ‬لمحطات‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭ ‬وبمدينتي‭ ‬اسفي‭ ‬والجديدة‭ ‬بشراكة‭ ‬مع‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭.‬
وان‭ ‬تم‭ ‬تدبير‭ ‬المرحلة‭ ‬بنجاح‭ ‬وضمن‭ ‬المغرب‭ ‬تزويد‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬بحاجياتهم‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬الشروب‭ ‬فالتحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬تفرض‭ ‬بلورة‭ ‬مخطط‭ ‬جديد‭ ‬للماء‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬الأخير،‭ ‬والهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬هو‭ ‬ضمان‭ ‬الامن‭ ‬المائي‭ ‬بالمغرب‭.‬
 
من الأمن الصحي الى الأمن الاجتماعي: ورش الحماية الاجتماعية Vers un Smig Social
تغير‭ ‬منظور‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬للمنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬بعد‭ ‬أزمة‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬والمغرب‭ ‬والحمد‭ ‬لله،‭ ‬تجاوز‭ ‬بحنكة‭ ‬وبتضامن‭ ‬مواطناتي‭ ‬وبتضحيات‭ ‬رجال‭ ‬ونساء‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬كسب‭ ‬معركة‭ ‬التلقيح‭.‬
وفي‭ ‬زمن‭ ‬التدافع‭ ‬الدولي،‭ ‬تمكنت‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬اللقاح‭ ‬لكل‭ ‬المغاربة‭ ‬وبكميات‭ ‬وافرة‭ ‬وفي‭ ‬ظرف‭ ‬زمني‭ ‬قياسي،‭ ‬بل‭ ‬أضحى‭ ‬بلد‭ ‬منتجا‭ ‬للقاح‭ ‬في‭ ‬افق‭ ‬تصنيعه‭. ‬مجهودات‭ ‬مكنت‭ ‬من‭ ‬تحصين‭ ‬مناعة‭ ‬المغاربة‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬تسريع‭ ‬خروج‭ ‬وطننا‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭.‬
بالمقابل،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتجاهل‭ ‬مظاهر‭ ‬الخصاص‭ ‬والهشاشة‭ ‬كذلك‭ ‬التي‭ ‬أظهرتها‭ ‬الجائحة،‭ ‬التي‭ ‬تصدى‭ ‬لها‭ ‬المغرب‭ ‬بفضل‭ ‬السياسة‭ ‬الجدية‭ ‬للمنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬بالورش‭ ‬الملكي‭ ‬الكبير‭ ‬للحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬الاجبارية‭ ‬وتعميمها‭ ‬على‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬راميد‭ ‬وتعميم‭ ‬التعويضات‭ ‬العائلية‭ ‬(7‭ ‬مليون‭ ‬طفل‭ ‬مستفيد)‭.‬

 
في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬مالية‭ ‬2023‭ ‬يرمي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬أسس‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬عن‭ ‬طريق:
•    التامين‭ ‬الاجباري‭ ‬عن‭ ‬المرض‭ ‬قبل‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬لـ‭ ‬4‭ ‬ملايين‭ ‬اسرة‭ ‬مغربية‭ ‬بغلاف‭ ‬مالي‭ ‬قدره‭ ‬9.5‭ ‬مليار‭ ‬درهم؛
•    تعميم‭ ‬التعويضات‭ ‬العائلية‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬على‭ ‬7‭ ‬ملايين‭ ‬طفل‭ ‬و3 ملايين‭ ‬اسرة‭ ‬بدون‭ ‬طفل؛
•    بناء‭ ‬مراكز‭ ‬استشفائية‭ ‬جامعية‭ ‬بالرشيدية‭ ‬وبني‭ ‬ملال‭ ‬وتعزيز‭ ‬الأطر‭ ‬الطبية‭ ‬بغلاف‭ ‬مالي‭ ‬قدره‭ ‬28.1‭ ‬مليار‭ ‬درهم؛
•    تنزيل‭ ‬اصلاح‭ ‬منظومة‭ ‬التعليم‭ ‬بـ‭ ‬69‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭.‬
•    تأهيل‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬ودمجه‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الشغل،‭ ‬وتقوية‭ ‬مهاراته‭ ‬وتسهيل‭ ‬ولوجه‭ ‬لسوق‭ ‬الشغل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬اوراش‭ ‬وفرصة‭ ‬اللذان‭ ‬خصصت‭ ‬لهما‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬مبالغ‭ ‬2025‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬و‭ ‬1.25‭  ‬مليار‭ ‬درهم‭.‬
وهي‭ ‬مجهودات‭ ‬ستمكن‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬من‭ ‬دخل‭ ‬قار‭ ‬شهري‭ ‬وضمان‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬الدخل‭.‬
‭ ‬كما‭ ‬أدى‭ ‬الحوار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالمغرب‭ ‬لتعزيز‭ ‬الحد‭ ‬الانى‭ ‬للأجر‭ ‬ورفع‭ ‬قيمته‭ ‬لدعم‭ ‬الطبقات‭ ‬العاملة‭ ‬والاجراء‭ ‬بالقطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭.‬
2 - ورش التحول من الجهوية الإدارية الى الجهوية الاقتصادية
تفعيل‭ ‬ورش‭ ‬الجهوية‭ ‬المتقدمة‭ ‬كخيار‭ ‬استراتيجي‭ ‬لن‭ ‬يستقيم‭ ‬فقط‭ ‬بالجهوية‭ ‬الإدارية،‭ ‬أي‭ ‬بوضع‭ ‬مؤسسات‭ ‬منتخبة‭ ‬جهويا‭ ‬وباختصاصات‭ ‬جديدة‭ ‬يؤطرها‭ ‬الدستور‭ ‬والقانون‭ ‬التنظيمي‭ ‬111-14‭ ‬المنظم‭ ‬للجهات‭ ‬وإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬جهوية،‭ ‬بل‭ ‬بدعم‭ ‬الجهات‭ ‬اقتصاديا‭ ‬ومساهمة‭ ‬كل‭ ‬جهات‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الثروة‭ ‬وامتصاص‭ ‬البطالة‭.‬
لازال‭ ‬المغرب‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬المجهودات‭ ‬المبذولة‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬التفاوتات‭ ‬المجالية‭. ‬خمس‭ ‬جهات‭ ‬المغرب‭ ‬تساهم‭ ‬تقريبا‭ ‬ب‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الوطني‭ ‬الخام‭ ‬وثمان‭ ‬جهات‭ ‬لا‭ ‬تساهم‭ ‬إلا‭ ‬ب‭ ‬30‭ ‬%‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬ولا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬ضعف‭ ‬مساهمة‭ ‬الجهات‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬المغرب،‭ ‬بل‭ ‬ينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬تعمير‭ ‬الجهات‭ ‬بتمركز‭ ‬الساكنة‭ ‬النشيطة‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬المجالات‭ ‬الترابية‭ ‬الساحلية‭ ‬المستقطبة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭.‬
فتقرير‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الحلقة‭ ‬المفقودة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية‭ ‬هي‭ ‬غياب‭ ‬الالتقائية‭ ‬الافقية‭ ‬(بين‭ ‬السياسات‭ ‬القطاعية)‭ ‬والالتقائية‭ ‬العمودية‭ ‬(بين‭ ‬السياسات‭ ‬القطاعية‭ ‬وغياب‭ ‬الرؤية)،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تدارك‭ ‬بمنح‭ ‬ثقة‭ ‬أكبر‭ ‬للجهات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية،‭ ‬وان‭ ‬تصبح‭ ‬الجهات‭ ‬هي‭ ‬مركز‭ ‬بلورة‭ ‬وتنزيل‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬القطاعية‭ ‬حسب‭ ‬مؤهلات‭ ‬كل‭ ‬مجال‭ ‬ترابي‭ ‬جهوي‭. ‬
ويشكل‭ ‬ميثاق‭ ‬الاستثمار‭ ‬الجديد‭ ‬مدخلا‭ ‬أساسيا‭ ‬لخلق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬وضمان‭ ‬مساهمة‭ ‬أفضل‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬النسيج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الوطني‭ ‬وفي‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬الشغل‭ ‬ترابيا‭. ‬
ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الميثاق‭ ‬الجديد‭ ‬مدخل‭ ‬أساسي‭ ‬لفك‭ ‬معضلة‭ ‬اقتصادية‭ ‬خلص‭ ‬إليها‭ ‬تقرير‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العمومية‭ ‬تشكل‭ ‬ثلتي‭ ‬(2/3)‭ ‬حجم‭ ‬إجمالي‭ ‬الاستثمارات‭ ‬بالمغرب،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تشكل‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخاصة‭ ‬فقط‭ ‬الثلث‭ ‬(1/3)‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬مستثمر‭ ‬بالمغرب‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الواجب‭ ‬عكسه‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬2035‭ ‬بدعم‭ ‬مشاركة‭ ‬أكبر‭ ‬للاستثمار‭ ‬الخصوصي‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬نفقات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

 
والرهان‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬هو‭ ‬تنزيل‭ ‬ناجع‭ ‬لهذا‭ ‬الميثاق‭ ‬لرفع‭ ‬جاذبية‭ ‬الجهات‭ ‬الأكثر‭ ‬هشاشة‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وذات‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الضعيف‭ ‬رغم‭ ‬توفرها‭ ‬على‭ ‬المؤهلات‭. ‬الحكومة‭ ‬مطالبة‭ ‬بعقلانية‭ ‬بتوجيه‭ ‬الدعم‭ ‬للقطاعات‭ ‬الواعدة‭ ‬(بعد‭ ‬تحديدها‭ ‬بمرسوم)‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬الكبيرة‭ ‬بالأقاليم‭ ‬المستفيدة‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬(بعد‭ ‬تحديدها‭ ‬بمرسوم)‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬اليات‭ ‬ضامنة‭ ‬لتوطين‭ ‬الاستثمارات‭ ‬بهذه‭ ‬الجهات‭ ‬لان‭ ‬الدعم‭ ‬أحيانا‭ ‬لا‭ ‬يغري‭ ‬المستثمرين‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬تمييزات‭ ‬ضريبية‭ ‬إيجابية‭ ‬بالجهات‭ ‬تغني‭ ‬المستثمر‭ ‬عن‭ ‬تكلفة‭ ‬النقل‭ ‬نتاج‭ ‬بعده‭ ‬عن‭ ‬مواطن‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬ومناطق‭ ‬الاستهلاك‭.‬
 
أوراش‭ ‬مطروحة‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬بهدف‭ ‬تكريس‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬(وهي‭ ‬من‭ ‬أسمي‭ ‬مبادى‭ ‬السياسة‭ ‬العامة‭ ‬لإعداد‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬بالمغرب)‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬ظروف‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬لجميع‭ ‬المغاربة‭ ‬وضمان‭ ‬ولوجهم‭ ‬للصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬ذي‭ ‬جودة‭ ‬أينما‭ ‬حلوا‭ ‬وارتحلوا‭. ‬أي‭ ‬ضمان‭ ‬توزيع‭ ‬عادل‭ ‬للإنسان‭ ‬والأنشطة‭ ‬حسب‭ ‬الجهات‭ ‬والعمالات‭ ‬والاقاليم‭ ‬بتوفير‭ ‬الحد‭ ‬الادنى‭ ‬من‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬والخدماتية‭ ‬بالمداشر‭ ‬والجبال‭ ‬والقرى‭ ‬وتأهيل‭ ‬المجالات‭ ‬الناقصة‭ ‬التجهيز‭ ‬وتمكين‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬من‭ ‬إمكانيات‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬مجالاتهم‭ ‬الترابية‭.‬
سوفيان بوشكور، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بوجدة ورئيس مرصد التنمية المحلية والجهوية لجهة الشرق