عقل النظام الجزائري متوقف في عقدة حرب 1963.. تبون يواصل تأجيج العداء للمغرب

عقل النظام الجزائري متوقف في عقدة حرب 1963.. تبون يواصل تأجيج العداء للمغرب الراحل الملك الحسن الثاني، وأحمد بنبلة والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
كشفت تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي يمثل الواجهة المدنية للنظام العسكري في 29 دجنبر 2022 لجريدة "لوفيغارو" الفرنسية بشأن العلاقات المغربية الجزائرية، عن الارتباك الكبير الذي يعانيه النظام في تدبير هذه العلاقات وتذرعه بعقدة حرب الرمال في 1963 لتأجيج حقده وعدوانه على المغرب. 
وادعى تبون  في حواره الصحفي أن قطع العلاقات مع المملكة المغربية في 24 غشت 2021، كان "نتيجة تراكمات منذ العام  1963 "، زاعما أن "النظام المغربي هو من سبب المشاكل وليس الشعب، فهناك 80 ألف مغربي يعيشون في الجزائر بكرامة". وهو في هذا الشأن يفتري على الحقيقة ووقائع الأحداث في تلك المرحلة، التي أكدت بكل وضوح أن النظام القائم في الجزائر منذ استقلالها افتعل في سنة 1963 الحرب بين البلدين، للتنصل من التزامات الحكومة المؤقتة بقيادة الرئيس الراحل فرحات عباس بحل مشكلة الحدود الجائرة مع المغرب، التي تهم الأراضي التي اقتطعتها فرنسا من المغرب وضمتها إلى الجزائر بصفتها مقاطعة فرنسية، فضلا عن التغطية على الانقسامات التي كان يعانيها النظام بقيادة أحمد بن بلة بانعدام ولاء المناطق العسكرية التي حاربت الاستعمار الفرنسي في الداخل له وتحويل أنظار الشعب الجزائري إلى "العدو الخارجي"، المتمثل في المغرب.
لقد شكل المغرب قاعدة خلفية للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وقدم الدعم العسكري والدبلوماسي لجيش التحرير الجزائري، ورفض عرض فرنسا في 1958 بالتفاوض معه لاستعادة الأراضي التي استقطعت منه وأضيفت إلى الجزائر. وأعلن المغفور له الملك محمد الخامس رفضه طعن الثورة الجزائرية في الظهر، معبرا للمبعوث الفرنسي بارودي أن قضية هذه الأراضي سيتم حلها مع قيادة الجزائر المستقلة.
وبعد استقلال الجزائر قام الملك الراحل الحسن الثاني في سنة 1963 بزيارة رسمية لها، حاملا إلى قيادتها مساعدات عسكرية ومدنية، تأكيدا لعمق مشاعر الأخوة التي يكنها المغرب لجارته الشرقية. وكان من المفروض أن تعترف قيادة الجزائر بجميل المغرب في كل ما قدمه من دعم سخي لنيل استقلالها وأن تفي بمناسبة الزيارة الملكية بالتزامها بالشروع في مفاوضات لحل مشكلة الأراضي المستقطعة، لكن الرئيس بن بلة تنصل من ذلك الالتزام وذهب لاحقا إلى حد القول أنه يقبل بهدية الاستعمار الفرنسي، المتمثلة في الأراض التي استقطعتها من المغرب .
وبدلا من شكر الملك الراحل الحسن الثاني على المساعدات التي قدمها في زيارته للجزائر، شنت حكومة بن بلة بعد عودة الملك إلى المغرب  حملة تشهير وقذف ضد المملكة، كانت مقدمة لتحريك عدوان عسكري على أراضيها ويستفيق الشعب المغربي في 8 أكتوبر 1963 على خبر مهاجمة الجيش الجزائري غدرا مركزين في "حاسي البيضا" و"تينجوب" المغربيين. وقبل ذلك كان الجنود الجزائريون المعززون بالمدفعية الثقيلة باغثوا سرية للقوات المساعدة المغربية في منطقة "بونو" التي تبعد عن محاميد الغزلان بـ 45 كيلومترا، وأعدموا أفرادها بعد تكبيلهم بالأسلاك وإضرام النار في جثتهم. فلم  يكن أمام المغرب من خيار سوى أن يدافع عن أرضه ويصد عدوان الجيش  الجزائري ويلحق هزيمة ماحقة بأفراده، مما شكل عقدة للنظام الجزائري الذي كان هو البادئ بتلك الحرب، محاولا مع توالي السنوات والعقود تزييف خلفياتها ووقائعها، مقدما الجزائر في ثوب الضحية وتحويل تلك الحرب إلى أصل تجاري لاستثماره في جعل المغرب عدوا ومواصلة تسلطه على رقاب الشعب الجزائري، علما أن المغرب وكما تشهد بذلك وقائع تلك المرحلة كان ينشد قيام علاقاته مع الجزائر على قاعدة الأخوة والتعاون ومواجهة التحديات المشتركة. 
وحاول الرئيس تبون في حواره مع صحيفة "لوفيغارو"، تضليل الرأي العام بادعائه أن القطيعة مع المغرب  "كانت نتيجة تراكمات منذ العام  1963"، و"أننا قطعنا العلاقات مع المغرب لكي لا نقوم بحرب ضده ولا يمكن لأي بلد أن يطرح نفسه وسيطا بيننا ".
ومن يبحث في تراكمات ما بعد 1963، سيجدها من تدبير النظام الجزائري الذي تؤكد الوقائع أنه كان يريد الشر بالمغرب واستقرار نظامه وآوى في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي معارضة مسلحة وجهها انطلاقا من التراب الجزائري لإثارة أحداث مولاي بوعزة في مارس 1973. واحتضن النظام في سنة 1957 ميليشيات البوليساريو طمعا في حرمان المغرب من استكمال وحدته الترابية وبتر امتداده الإفريقي، فضلا عن ضرب مصالحه وإضعافه وصولا إلى تحقيق هوسه بالهيمنة على منطقة شمال إفريقيا، متجاهلا أن قضية الصحراء هي بالنسبة للمغرب قضية وجود وليست قضية حدود.
ويمعن الرئيس تبون في التضليل بادعائه أن قرار نظامه قطع العلاقات مع المغرب هو بديل لاندلاع حرب بين البلدين،علما أن إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية هي التي تضمن استمرار التواصل بين البلدين من خلال الممثلين الدبلوماسيين  والسعي إلى حل المشاكل بينهما، بينما قرار قطع العلاقات يعني إنهاء التواصل المباشر بين البلدين و يجسد درجة أعلى من التصعيد والنزوع إلى المزيد من التوتر والتأزيم، وهذا ما أراده النظام الجزائري الذي بادر من جانب واحد إلى قطع العلاقات الدبلوماسية تمهيدا لتصعيد عدوانه على المغرب، من قبيل قراره منع الطيران المغربي والمسجل في المغرب من عبور الأجواء الجزائرية، وقراره وقف العمل بخط أنبوب غاز المغرب العربي أوروبا  في فاتح أكتوبر 2021، طمعا إلحاق الأذى بالمغرب.  وقبل ذلك قراره بمنع المؤسسات الجزائرية من التعاقد مع شركات مغربية، ثم اتخاذه عقوبات اقتصادية ضد إسبانيا لدعمها مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية وتهديدها بوقف إمدادها بالغاز، إن وجهت ولو قطرة منه إلى المغرب. فضلا عن  تسخيره الإعلام العمومي وأذرعه الإعلامية في القطاع الخاص لشن حملات إعلامية دنيئة ومنتظمة ضد  المغرب وثوابته ووحدته الترابية.
والمؤكد أن ما يحد من اندفاع النظام الجزائري من الانتقال من القطيعة إلى شن الحرب هو التزام المغرب جانب الحكمة والتبصر وتساميه على كل ما يصدر عنه من استفزازات وإدراكه أن أية حرب سيكون وراء اندلاعها لن تكون مجرد نزهة له، لأن المغرب يملك من الإجماع الوطني والقوة والاقتدار ما يمكنه من ردع أي عدوان يستهدف وحدته أرضا وشعبا.
وإزاء هذا المعطى لا يكل الرئيس تبون من ترديد رفضه أية وساطة بين البلدين، مبتهجا في حديثه الصحفي بأنه" خلال 60 عامًا من الاستقلال ظلت الحدود الجزائرية – المغربية مغلقة لمدة 40 عامًا "، علما أن النظام الجزائر هو الذي بادر إلى إغلاق هذه الحدود وهو الذي وجد في إنتاج التوتر مع المغرب مطية للتحكم بمنهجه الشمولي والدكتاتوري في رقاب الشعب الجزائري وبناء شرعية وجوده واستمراره على معاداة المغرب وتحويله كذبا وبهتانا إلى عدو خارجي منذ عقدة 1963. 
ومن افتراءات الرئيس تبون في حديثه لصحيفة "لوفيغارو" أنه ادعى "أنه صفّق للمنتخب المغربي لتشريفه كرة القدم المغاربية والعربية في المونديال (قطر 2022)، لأن الشعب المغربي أيضاً صفق لنا لإحرازنا الكأس الأفريقية" في مصر عام 2019، متناسيا أن الرأي العام في العالم أجمع يعلم أن نظامه أمر إعلامه بتلافي الإشارة إلى نتائج المنتخب المغربي في مونديال قطر وأقال المدير العام للتلفزيون الجزائري لنشره خبر تأهل المنتخب المغربي لنصف نهاية كأس العالم د،الذي شكل بحق مصدر اعتزاز وفخر للعرب والأفارقة والمسلمين، لكنه شكل مع الأسف مصدر حنق للنظام الجزائري الذي يريد دائما الشر بالمغرب ولا يزال  عقله بعد 60 سنة متوقفا في عقدة حرب  1963، دون أن يستفيد من تجارب دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا طوت صفحة الحرب بينها وانخرطت في قيم السلم والتعاون والتكامل لمصلحة شعوبها.