عبد الحق غريب: لماذا تفشّت آفة النصب والابتزاز على المسافرين بمطار مراكش !؟

عبد الحق غريب: لماذا تفشّت آفة النصب والابتزاز على المسافرين بمطار مراكش !؟ عبد الحق غريب
خلقت عملية النصب الذي تعرض لها سائح بريطاني من طرف سائق سيارة أجرة بمراكش، ضجة كبيرة وجدلا واسعا، والسبب طبعا ليس فقط لأن ثمن الرحلة من مطار المنارة إلى ساحة جامع الفنا مبالغ فيه (350 درهما لحوالي 6 كلم،عوض 70 درهما المحددة من قبل ولاية مراكش)، بل لأن السائح البريطاني الذي يعتبر احد المؤثرين الأجانب بمواقع التواصل الاجتماعي (يوتيوبر)،وثّق ونشر بالصوت والصورة ما وقع، وانتشر الشريط على مواقع التواصل الاجتماعي وقناة “يوتوب” انتشار النار في الهشيم، لتتحول القضية الى فضيحة عالمية خلال ساعات فقط، ما عجّل بدخول النيابة العامة على الخط.
الغريب في هذه الفضيحة التي هزّت المدينة الحمراء وهي تستعد للاحتفال بالسنة الجديدة 2023، وأثارت جدلا واسعا وسط مهنيي سيارة الأجرة، هو التشكيك في مضمون المقطع المصور، والتنديد بسحب رخصة السائق نهائيا، بالإضافة إلى عدد من الأقلام التي اعتبرت أن السائح البريطاني مجرد محتال يبحث عن البوز وأن هناك من يسعى إلى خدش سمعة سائقي سيارة الأجرة وتشويه صورة مراكش باعتبارها وجهة سياحية عالمية.
والحقيقة التي لا يمكن لمهنيي القطاع وغيرهم حجبها أو إنكارها هو أن عملية النصب التي تعرض لها السائح البريطاني ليست حالة معزولة، بل هي آفة متفشية، حيث يتعرض يوميا العديد من المسافرين القادمين إلى مراكش عبر مطار المنارة (أجانب ومغاربة)إلى النصب والابتزاز من قبل عدد من السائقين عديمي الضمير، حسب ما يروج في المدينة وحسب ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإكترونية وحسب شهادة بعض الضحايا من زملائي وأقربائي... وعبد ربه نفسه كان ضحية هذا الابتزاز أكثر من مرة بمطار المنارة بمراكش.
لماذا يتعرض المسافرون القادمون إلى مراكش عبر مطار المنارة إلى النصب من قبل عدد من سائقي الطاكسيات الصغيرة بالعلالي، وكيف يتم ابتزازهم أمام صمت و/أو تواطؤ السلطات المعنية ؟
بداية لا بد من الإشارة إلى أن الثمن من وإلى مطار المنارة بمراكش عبر طاكسي صغير محدد من قبل ولاية المدينة في حدود 70 درهما، وأن أصحاب الطاكسيات ملزمون بتعليق لائحة الأثمنة في مقدمة الطاكسي (على الزجاج الأمامي...)، لتكون بادية للراكب. ورغم ذلك، عندما تصل إلى مطار مراكش قادما إليه من الخارج، وتتوجه نحو محطة الطاكسيات، ثم تسأل السائق عن الثمن، فإنه يطلب منك 150 درهما أو أكثر... ولما تذكره بالتسعيرة المحددة ويكثر الأخذ والرد، فإنه يسخر منك ويستهزئ.. وإذا حاولت تغيير الطاكسي وانتقلت نحو الطاكسي الثاني ثم الثالث، وهنا مربط الفرس، فإنك تسمع نفس الجواب : "شوف أخويا مول النوبة".. وقد يؤكد لك أحدهم قائلا : "بلا ما تصدع راسك الشريف. وخا ضور عليهم كاملين"... هنا تفهم أنهم متفقون فيما بينهم،وفي حالة ما إذا قررت أن تشتكي إلى الكورتي أو المسؤول عن الطاكسيات بعين المكان، وبعده رجل أمن ثم أي مسؤول داخل المطار، فإنك تتأكد بما لا يدع مجالا للشك أنك أمام لوبي مُحكم ومتحكم في كل شيء.. كل من تشتكي إليه تجده على علم بما يجري، وقد يتحسر ويتأسف، ولكنه لن يفيدك في شيء.
في نهاية المطاف، يجد المسافر نفسه مرغما على أداء الثمن المحدد من قبل لوبي سائقي الطاكسيات، خاصة وأنهم يعرفون جيدا أن المسافر وصل للتو من الخارج بعد سفر طويل ومُتعب، ويخال لهم أنه مُحَمّل بالعملة الصعبة، ويعلمون كذلك أن ليس له الوقت للقيام بما يلزم من أجل تقديم شكايته، وليس أمامه إلا الاستسلام لجشعهم...بالإضافة إلى أنهم يعرفون حق المعرفة أن الإفلات من العقاب هو القاعدة وأن هناك من يحميهم ويتواطؤ معهم!!.
في الختام، يمكن القول أن جشع سائقي الطاكسيات في مطار مراكش كما هو الحال في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء وربما في باقي المطارات الأخرى وابتزازهم للمسافرين، ما كان له أن يكون لولا تواطؤ المصالح والسلطات ذات الصلة، سواء عبرغياب مراقبة دائمة وصارمة أو التساهل في تطبيق القانون.