خديجة زومي : ضعوا حديثي عن الدعارة وميزانية الدولة في سياقه (حوار)

خديجة زومي : ضعوا حديثي عن الدعارة وميزانية الدولة في سياقه (حوار)

صرحت لنا خديجة الزومي بأن تصريحها أمام مجلس المستشارين القاضي بأن الدعارة تساهم في ميزانية الدولة ينبغي أن يقرأ ضمن سياقه، محذرة من تجزيئه وتحويله الى " قنبلة " مشيرة الى أن تصريحها وهي تتحدث عن ظاهرة الدعارة قوبل بالضحك من طرف أعضاء في الحكومة الذين مازالوا يعتبرون الظاهرة من الطابوهات، داعية إلى التعاطي مع طرفي الظاهرة أي الرجل والمرأة على قدم المساواة. وأبدت رفضها لازدواجية المسطرة التي تنهجها شرطيات "الأمر بالمعروف" والتي لا ينبغي أن تقبل في ظل دستور 2011. وقالت الزومي إنها عاجزة عن فهم تصريح رئيس الحكومة " شي حد ماخلانيش"، مشيرة الى أن حكومة بنكيران لا تمتلك أية مقاربة للنهوض بأوضاع المرأة.

+ ما السبب الذي جعلك تصرحين أمام مجلس المستشارين بأن الدعارة تساهم في ميزانية الدولة ودعوتك إلى وجوب الاعتراف بذلك؟

- أولا، لابد من مناقشة الأفكار داخل سياق النص، فلا يمكن أن نجزئ جملة ونحولها إلى ضجة وقنبلة، الأمر أبسط بكثير من كل هذا. لأنه عندما تواجه وأنت تتحدث عن الدعارة بالضحك من طرف أعضاء في الحكومة أو من يعتبرونها طابوها فهذا ليس مقبولا. فالدعارة موجودة في كل المجتمعات وهي من أقدم الحرف على مر التاريخ. طبعا نحن نعيش في مجتمع محافظ وأنا بطبيعتي محافظة وأنا لا أناقش الداء أو المشكل أو الظاهرة، ولكن أقول بشكل واضح أن الدعارة لها طرفان المرأة والرجل، فلا يمكن أن نخضع المرأة للعقوبات المجتمعية المبنية على الأعراف والتقاليد، بل ينبغي التعامل مع المرأة والرجل في هذا الإطار على قدم المساواة. فإزدواجية المسطرة لاينبغي أن تكون ولا ينبغي أن نستمر في تقبل ذلك في ظل دستور 2011.

 

+ ولكنك لم تجيبيني عن سؤالي، كيف تساهم الدعارة في ميزانية الدولة؟

 

- لنضع التصريح ضمن سياقه، أنا اقول جميع المواطنين يؤدون الضرائب غير المباشرة عندما يستهلكون أبسط شيء، إذن فهم يساهمون في الدورة الإنتاجية، المرأة التي تمكث في بيتها فهي توفر على أسرتها مجموعة من الأعباء المالية التي تدخل ضمن ميزانية الأسرة، المرأة في البوادي كذلك، المرأة التي تشتغل في المنازل لما تتقاضى 1000 أو 1500 درهم فهي تساهم في الدورة الإنتاجية. أعتقد أن الدعارة ينبغي التعاطي معها كظاهرة شمولية، لا يمكن التعاطي مع الدعارة كظاهرة مرضية بأشكال جزئية. فالإسلام نظم الحياة الزوجية وتحدث في كل شيء، بمعنى أن الإسلام أكثر تقدما من كل الأنظمة المتقدمة الموجودة في العالم، حيث تحدث في كل شيء ونظم العلاقات المجتمعية، سواء بين المرأة وزوجها وبين الآباء والأبناء، الإسلام تطرق لجميع العلاقات في المجتمع، ومحاربة الدعارة تتم من خلال البحث عن فرص شغل للواتي نتحدث عنهن، لابد من البحث عن حلول اقتصادية واجتماعية.

 

+ ولكنك تصريحك الأخير قوبل بالضحك من طرف أعضاء في مجلس المستشارين؟

 

- كل واحد من مسؤول عن ذاته وسلوكه، للأسف هناك من يفضل الهروب الى الأمام بدل التعاطي بجرأة مع مختلف المشاكل، هذا ليس عصر الطابوهات، هذا عصر النقاش، أنا أقول لك أن الدعارة ظاهرة مشينة وينبغي ان نتعاون من اجل الحد من هذه الظاهرة، فالظاهرة ترتبط بالفقر والأمية وضعف فرص الشغل، اذن لابد من وضع مقاربة شمولية للتعاطي مع الموضوع. وأنا امرأة ديمقراطية وأتقبل جميع الأفكار من أقصى اليمين الى أقصى اليسار على أساس أن يكون النقاش هادئا وواعدا على أساس أن نخرج بحلول بدل جعل الساحة تعج بالمشاكل التي لم تجد طريقها للحل. فالجميع يدعي الدفاع عن قضية المرأة ابتداء من رئيس الحكومة. اذن من يقف ضد قضية المرأة؟ جميع البرامج الإنتخابية تتطرق لقضية المرأة والنهوض بوضعية النساء القرويات. اذن كفانا استهلاكا ينبغي أن نبحث عن حلول وتكسير الطابوهات.

 

+ وماذا عن الإنتقادات التي وجهتها لشرطيات الأمر بالمعروف بمراكش؟

 

- أنا أتحدث عن وقائع.."يديرو الشرطيات ولا يديرو اللي بغاو" ولكن لابد من التعامل مع الظاهرة بنوع من التكافؤ، فكما تعلم فجميع المؤسسات والقوى في العالم تجندت لمحاربة العنف ضد النساء بكل أشكاله. ومن جملة الأمور التي تناقش في البرلمان الدولي بجنيف الدعارة لأنها تعتبر نوع من الإستعباد والإهانة التي لا يقبلها أي أحد سواء كان تقدميا أو محافظا، الدعارة لا يقبلها أحد، الدعارة هي إهانة لإنسانية الإنسان كيفما كان رجلا أو امرأة، اذن يجب أن نبحث عن حلول للظاهرة. طبعا أنا تحدثت عن جملة من الأمور في تدخلي أمام مجلس المستشارين التي تهم قضية المرأة، الاقتصاد غير المهيكل الذي يشغل النساء، النساء يشكلن 90 في المائة من الذين لايتم التصريح بهن في الضمان الإجتماعي، بينما هم يتحدثون عن تنمية التعاونيات النسوية " كيمشي يشري ليها واحد المعزة"، اذن هناك منطق ذكوري وهذا امر خطير جدا يجب أن نرفضه، النساء يشكلن أكثر من نصف المجتمع واذا لم يستفدن من التعليم والصحة الإنجابية ومن فرص الشغل والتنمية.. ويساهمن في خلق الثروة داخل المجتمع فهذا المجتمع سيظل ناقصا.

- إذن هذا يعني أن الحكومة ليست لها رؤية للنهوض بوضعية المرأة؟

الحكومة ليست لها أية مقاربة للنهوض بأوضاع المرأة، ولعلك تابعت آخر تصريح لبنكيران والذي يدعو من خلاله المرأة للمكوث بالبيت قصد تربية الأبناء.  نحن مع الأسرة، ولكن الأسرة تتحقق بقوة أفرادها سواء كان رجلا أو امرأة، فكلاهما ينبغي أن يكون لهما تمكين اقتصادي ودخل مادي، وأي مواطن ينبغي أن يضمن له الحق في التعليم والحق في الشغل والحق في العيش الكريم، والحق في السكن. فهل سمعت من قبل عن وجود إجراءات تحفيزية لحصول المرأة على السكن؟ النساء مازلن يقطنن في البراريك بمدن الصفيح وتمنح البقع السكنية للرجل دون المرأة ومنهن من واجهن الطلاق، وأصبحن "لا هنا، لا لهيه.. ما يمكنش ".. وبدون مزايدات على بعضنا، فلا وجود لأي اجراءات تحفيزية لفائدة المرأة.

 

+ بعض المراقبين يسجلون وجود تناقضات في خطاب رئيس الحكومة فهو يصرح بأن الحكومة تحضر لسن قانون يمنح دعم لفئات من

 

النساء من بينهن الأرامل والمتخلى عنهن وفي نفس الوقت يصرح بأن المرأة من الأفضل لها البقاء في بيتها لتربية الأبناء فكيف تنظرين الى هذه الإزدواجية؟

- أقول لعبد الإله بنكيران من خلال موقع "أنفاس بريس" مادام أنه يتفق بأن المرأة من حقها الحصول على عطلة مؤداة عنها لمدة سنتين، فأنا سأضع بين يديه مقترح قانون بهذا الخصوص ينبغي أن يقبله، فلا يعقل أن تحصل المرأة على 14 أسبوع فقط كعطلة للولادة والرضاعة، القرآن الكريم نص على مدة سنتين للرضاعة وهذا شيء جميل، فلماذا لا يتم تطبيقه مادام ان بنكيران يؤمن بذلك؟ ولماذا لا يدافع عن ذلك؟ " أنا مايبقاش يقول ليا شي واحد ما خلانيش، فهل يعقل أن رئيس الحكومة كيقول ماخلانيش؟ من هو رئيس الحكومة؟.. أنا عاجزة عن فهم تصريح رئيس الحكومة بأن شي واحد ماخلانيش، ودائما الضمير مبني للمجهول.