أبو نعمة نسيب: ردا على ممثل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بأمريكا اللاتينية بخصوص قضية الصحراء

أبو نعمة نسيب: ردا على ممثل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بأمريكا اللاتينية بخصوص قضية الصحراء أبو نعمة نسيب
إلى المدعو عارف إحسان ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدول أمريكا اللاتينية الذي راكم ثروة مهمة على حساب معانات شعبنا في فلسطين من خلال بيعهم للقضية، إليك هذه الحقائق التي تغيب عنك قبل أن تدافع عن جمهورية انفصالية وهمية تتكون من مرتزقة باعوا وطنهم مثلك .
لا ينادي بإقامة جمهورية عربية (صحراوية ديمقراطية) على الصحراء المغربية سوى شرذمة من بعض الصحراويين ذوي الأصول  المغربية أباً عن جد، بل تجد ان من اجدادهم وآبائهم من حمل السلاح  ضد المستعمر الاسباني والفرنسي دفاعًا تراب هذه المملكة الشريفة، وأن قلة منهم كانوا من البدو الرُحٌل وتجار العبيد وقطاع الطرق الذين كانوا حتى أواخر الثلاثينات من القرن الماضي يجوبون الصحراء الكبرى من السودان إلى موريتانيا والمغرب ولا يستقرون في مكان محدد. لكن كذب عليهم المقبور بوخروبة بدعم من المقبور الآخر القذافي وأصبحوا يحلمون أنهم أصحاب أرض وأصحاب حق !! ويريدون تقرير مصير أرض هم مجرد مرتزقة عليها!!
أما أغلبية الصحراويين في الصحراء المغربية (80% من الصحراويون) هم مغاربة أمازيغ وحسانيون لم يفارقوا أرض آبائهم وأجدادهم أبدا على مر العصور، وهم جميعا يرفضون رفضا قاطعا فكرة خلق أي كيان جديد فوق تراب تمزغا!! ولا يطالبون سوى بحكم ذاتي تحت السيادة المغربية، وهو ما اقترحه المغرب كحل توافقي نزولا عند رغبتهم، واحتراما لهم لتمسكهم بوحدة المغرب، ولوقوفهم ضد البلقنة والتقسيم والتشتيت.
صحيح أن جبهة البوليساريو تأسست سنة 1973. لكن المقاومة الحقيقية للاستعمار الإسباني انطلقت قبل ذلك بنحو نصف قرن من الزمن مع أول جندي إسباني وطئت أقدامه شواطئ الصحراء... يمكنك مراجعة تاريخ المقاومة الصحراوية وزعمائها و مبايعاتهم لسلاطين وملوك العلويين. و لعل أبرزهم كان الشيخ ماء العينين (الذي يُعتبر بمثابة عمر المختار الصحراوي) الذي سطر اسمه بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ. هذا المقاوم الصحراوي البطل خاض المقاومة ضد الاستعمار الإسباني بصفته مغربيا ونسخة بيعته للملوك العلويين لا تزال إلى الآن موثقة بمحكمة العدل الدولية... خاض المغرب مفاوضات بُعيد استقلاله عن فرنسا منذ سنة 1961 مع الجانب الإسباني لأجل استرجاع الصحراء، واستمرت إلى حدود 1969 حيث وصلت إلى الباب المسدود. الشيء الذي جعل المغرب يلوح بإمكانية اللجوء إلى الحل العسكري في وقت لم تكن فيه إسبانيا بقوتها الحالية، وكان فيه سكان العاصمة الاسبانية لا يزالون يستعملون الدواب والحمير للتنقل، فهرع الاسبان يهرولون ذات اليمين وذات اليسار لأجل العثور على حصان طروادة الذي يمكنه تأمين بقاء الصراع، بعدما فشلوا طوال مدة استعمارهم للأقاليم الصحراوية في إقناع إذنابهم من الصحراويين بإقامة دولة مستقلة عن المغرب لسبب بسيط جدا، وهو أن عملاءهم الصحراويون ممن قبلوا بالصفقة كانوا عبارة عن قبائل من الرحل لا تستقر في مكان محدد.
وبين 1969 و 1973، أي في الوقت الذي كان الإسبان يعملون جاهدين على لملمة شتات المرتزقة من شتى أنحاء الصحراء الكبرى مع شرذمة من المغاربة ممن اختاروا خيانة الوطن! (رئيس الجبهة الانفصالية منذ تأسيسها هو الراحل محمد ولد عبد العزيز المراكشي المولود بمدينة مراكش، وهو أصلا ينحدر من قبيلة صحراوية تقع في أقصى شمال الصحراء، وليست ضمن الأقاليم المتنازع عليه، ونفس الشيء ينطبق على الأمين العام الحالي المدعو إبراهيم غالي الذي ينتمي الى جهة مراكش التي توجد فيها زاوية جده بإقليم الرحامنة) ليكَونوا نواة لجبهة انفصالية تنازع المغرب على مغربية صحرائه وهي ما نعرفها اليوم باِسم البوليساريو. في نفس ذالك الوقت كانت الآلة الدبلوماسية المغربية تشتغل بكامل طاقتها لأجل ضمان حياد الدول العظمى في حالة ما إذا قرر المغرب استرجاع صحرائه بقوة السلاح من الإسبان. لكن الغرب مجددا رجح نصرة بني جلدتهم من الإسبان، وأخذ ملف الصحراء إلى محكمة العدل الدولية، وتصدوا لإمكانية أن يحسم المغرب ذلك النزاع لصالحه بقوة السلاح، فنطقت محكمة العدل الدولية بحكم مبهم تبين فيما على أنه قنبلة موقوتة تقبل أكثر من تفسير.
الإدعاء بان جبهة البوليساريو أطلقت ولو رصاصة واحدة ضد المستعمر الإسباني لهو مجرد ضرب من التدليس و التزوير. ومعلوم جيدا لدى المؤرخين أن اول رصاصة أطلقتها البوليساريو كانت ضد الجيش الموريتاني المُسلم، وترتب عن ذلك أن اضطرت موريتانيا لإرجاع أجزاء من الصحراء كان المغرب في إطار اتفاقية تسيير انتقالية فوض موريتانيا للإشراف عليها. ولو ان الأمر كان يتعلق باتفاقية تنص على تقسيم الصحراء (كما يدلس البعض) لما تنازلت موريتانيا أبدا عن نصيبها بكل تلك السهولة... على العموم تلك الاتفاقية لا تزال موجودة إلى الان ولم تأكلها الأرضة بعد.
الدول اللتي تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية المزعومة هم:
الجزائر - أنغولا - موزمبيق - كوريا الشمالية- إثيوبيا- لاووس- جزر الرأس الأخضر- غرينادا- غويانا - أوغندا -كوبا - بوتسوانا - زمبابوي - بابوا غينيا الجديدة - موريتيوس - بوليفيا - ترنيداد وتوباجو- بليز - سانت كيتز ونيفز- أنتيجا - باربيدوس - ناميبيا - تيمور الشرقية - جنوب أفريقيا.
وباستثناء الجزائر وجنوب إفريقيا، كل هذه الدول هي من أفقر دول العالم التي لها استعداد لبيع مواقفها مقابل بضع دولارات من ريع الغاز الجزائري، ليفهم الأشقاء الجزائريون أين تذهب ثروات بلادهم في الوقت الذي يشتعل بلدهم من حين لآخر بمظاهرات تطالب بالخبز والشغل ورفع الأجور (كان يمكن للجزائر بكل هذه الأموال اللتي تضيع سدا بين تهريب للخارج و رشاوى لبعض الدول، أن تكون أكثر تطورا من سويسرا!)
أما الدول اللتي لا تعترف بالجمهورية المزعومة هي كل باقي دول العالم غير التي سبق ذكرها، بما فيها جميع دول العالم العربي وإيران أيضا (باسثناء الجزائر وحدها)! إن اتهام المغرب بكونه يستعمر الصحراء ويغتصب حقوق أهلها، إنما هو في الواقع إتهام وإدانة لجميع الدول العربية التي لا تعترف بهذه الجمهورية المزعومة، والذي يسب ويشتم المغرب بسبب الصحراء، إنما يسب و يشتم كل الدول العربية والإسلامية لأنها لا تعترف بها هي أيضا.
إن هؤلاء الانفصاليين لا يتلقون اليوم أي دعم سياسي حقيقي سوى من طرفين:
-الداعم الأول: بقايا النظام الجزائري الماركسي اللينيني، أتباع وصنيعة الشيوعية السوفياتية الملحدة (البائدة بفضل الله جل وعلا). الذين فور سيطرتهم على السلطة في الجزائر بعد إستقلالها، كان من الطبيعي جدا أن يكنوا كل العداء للنظام المغربي القائم على أساس شرعية دينية إسلامية قوامها البيعة ويُبايع فيها الملك كأمير للمؤمنين... وأقل ما يدل على كون هؤلاء القادة الجزائريون صنيعة ثقافة الشيوعية والإلحاد أنهم يكنون العداء لكل ما له علاقة بالاسلام، هو أنهم فور فوز جبهة الإنقاذ الإسلامي بالانتخابات فوزا ساحقا، إنقلبوا عليها وأدخلوا البلاد والعباد في دوامة من العنف دامت عقدا من الزمن وذهب ضحيتها أكثر من مليوني جزائري أغلبهم من سكان البوادي والقرى اللتي صوتت لصالح جبهة الإنقاذ (الاشقاء الجزائريون ينسون مليوني شهيد العشرية السوداء ولا يتذكرون سوى مليون شهيد الاستعمار!)
-الداعم الثاني: العنصريون الإسبان، أبناء المستعمر الاسباني وأحفاد مملكة قشتالة والأراغون الذين نكلوا بالمسلمين واليهود والمسيحيين الأورتودوكس على السواء في زمن محاكم التفتيش، وهم متكتلون اليوم في أحزاب اليمين المتطرف الإسبانية، ويطالبون بالثأر وبتمزيق المملكة المغربية إلى أكثر من دويلة حتى لا تشكل أي تهديد مستقبلي لإسبانيا، كما يطالبون اليوم بأن تقدم المملكة المغربية والمغاربة عموما (و خصوصا المغاربة الأمازيغ أحفاد يوسف بن تاشفين المرابطي الذي أطال عمر التواجد الاسلامي في الاندلس 5 قرون إضافية) الاعتذار عن فتح الأندلس نيابةً عن باقي العرب والمسلمين جميعا، ويعملون اليوم على أن تكون الجمهورية المزعومة تحت الوصاية الإسبانية حتى تشكل قاعدة خلفية لحماية جزر الكناري اللتي اغتصبوها من المملكة المغربية.
في الماضي، عند نشأة هذه الحركة الانفصالية العميلة للتقسيم الاستعماري الامبريالي، كانت قد تلقت بعض الدعم من الزعيم القذافي (قبل ان يغير مواقفه 180 درجة)، لأنه هو بدوره أيضا كان وصل للسلطة على إثر انقلاب على نظام ملكي، وكان القذافي شيوعي التوجهات ويعتبر الأنظمة الملكية رمزا للجبروت والشر وللطغيان، ليتحول هو نفسه إلى طاغية يتعدى تجبره ودكتاتوريته كل ملوك الارض مجتمعين.
القذافي كان يرى في دعم تقسيم المغرب فرصة لخلق شقاق سياسي عميق بين أمازيغ المغرب وأمازيغ الجزائر باعتبارهما يشكلان الأغلبية في المنطقة و تحالفهما معا قد يذهب في اتجاه دعم القبائل الأمازيغية الليبية اللتي كانت تنازعه في الحكم. وهذه المنازعة على الحكم بليبيا لا تزال إلى اليوم قائمة بين قبيلة القذاذفة العربية اللتي تسيطر على كل شيء و بين باقي القبائل الأمازيغية الليبية وعلى راسهم قبائل التبو المحرومين من كل شيء، بل وغير مُعترف بأصولهم الأمازيغية أصلا!!
أعتقد أنك فهمت لماذا نعتتك بالمرتزق والخائن، إلى أن ألتقيك تقبل مني خالص العزاء فيما تدعو له..
(كريتيبا – البرازيل)