يخيم الظلام الدامس على الجهة الشمالية من دولة فنلندا، ونخص بالذكر هنا بلدية "أوتسوكي"، التي لا يرى سكانها أشعة الشمس لما يقارب شهرين سنويا، هي ظاهرة طبيعية، تسمى "كاموس" ويطلق عليها قاطنو تلك المناطق: "الليلة القطبية الطويلة".
وحدد يونس إجيري، الصحفي المغربي المقيم بفنلندا، مدة ظاهرة "كاموس" في 54 يوما، إذ تكتسي سماء أقصى شمال فنلندا اللون الأسود، ابتداء من يوم 27 نونبر إلى 24 يناير.
وعن تأثير هذه الظاهرة على ساكنة هذه المنطقة، يقول الصحفي يونس، أنهم اعتادوا على الوضع، وحاولوا التأقلم معه بالاستعانة بمصابيح الضوء الأبيض، لتعويض الضوء المنبعث من أشعة الشمس، كما يركز عدد منهم نظره على الجانب الإيجابي لليل القطبي، التي لا يكسر عتمتها سوى كسوة الشتاء القطبي البيضاء، والذي يتمثل في المنظر الساحر للسماء، إذ تتوهج هذه الأخيرة بضوء أزرق، يظفي عليها جمالية فريدة.
وأوضح أن كونهم اعتادوا نسبيا على الأمر، لا ينفي وجود تأثير سلبي لليلة القطبية الطويلة على ساكنة القطب الشمالي من فنلندا، فالدولة الأسعد عالميا حسب مؤشر السعادة العالمي لسنة 2022، يعاني عدد من مواطني جهتها الشمالي من حالة اكتئاب بسبب غياب الشمس، التي تساعد على تحسين مزاج الفرد وتعطي شعورا بالراحة النفسية، بل يتعدى التأثير السلبي لهذه الظاهرة الصحة النفسية للأشخاص إلى صحتهم الجسدية، نظرا لكون الشمس تعد المصدر الرئيسي لفيتامين "د"، المهم لتقوية العظام وتجنب إصابتها بالهشاشة، فضلا عن دوره في تنظيم الكثير من الوظائف في خلايا الجسم.
وأشار إجيري إلى أن مسلمي شمال فنلندا ، يعيشون وضعا خاصا، فإن تزامن شهر رمضان مع فصل الصيف، يصومون ساعات طويلة، إذ يؤذن المغرب في حدود 23:00 أو 23:30 مساء.
أما بالنسبة لما تطرحه الظاهرة من مشاكل، بعيدا عن صحة الأفراد، فيقول الصحفي المغربي المقيم بفنلندا، أنها بدأت منذ أن دعت الحكومة الفنلندية مواطنيها إلى ترشيد استعمال الطاقة الكهربائية، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومشكل الغاز، إذ من الصعب الالتزام بذلك تحديدا في هذه الفترة من العام.
وجاء في التصريح عينه أنه في المقابل يعيش شمال فنلندا على ضوء النهار طيلة 24 ساعة، مما يؤثر على نظام النوم لديهم، ويضطرهم للاستعانة بنوعية معينة من الستائر، لحجب ضوء الشمس، فهو الحل الوحيد الذي يساعدهم على النوم.