خديجة مروازي: كتاب «البرلمان وحقوق الإنسان» سيبقى مرجعا يتيح النفاد لما تفرق في مراجع كثيرة

خديجة مروازي: كتاب «البرلمان وحقوق الإنسان» سيبقى مرجعا يتيح النفاد لما تفرق في مراجع كثيرة خديجة مروازي، أستاذة بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة والرئيسة المؤسسة للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان
صدر مؤخرا كتاب: «البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات» للباحث عبدالرزاق الحنوشي، وقد حظي المؤلف باهتمام لافت عكسته اللقاءات المتعددة التي نظمت في عدة مدن (نحو 20 لقاء في ظرف أربعة أشهر)، وكذا القراءات النقدية والتحليلية التي أنجزتها العديد من الفعاليات الأكاديمية والحقوقية. وسبق لنا في «الوطن الآن» و«أنفاس بريس» أن نشرنا بعضها. ومواكبة للدخول الثقافي الجديد، نواصل نشر مساهمات جديدة. في هذا العدد ننشر مساهمة للأستاذة خديجة مروازي، أستاذة بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة والرئيسة المؤسسة للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان
 
 
مند أن صدر  كتاب "البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات" لكاتبه عبد الرزاق الحنوشي، تواترت اللقاءات لتقديمه وقبل ذلك تعددت المنابر التي عرفت به. واليوم ونحن نلتئم من  جديد لتقديمه في رحاب جامعة ابن طفيل. قد أتوقف عندما يمكن التقاطه من دلالة على مستوى التلقي واستقبال وحضور هذا الكتاب في المشهد الإعلامي وبفضاءات النقاش العمومي، بما قد يحيل على تجاوز المرحلة التي ظل النقاش حول حقوق الإنسان رهين الفاعلين فقط بهذا المجال، وبالهيئات المعنية به مباشرة، وتعزيز مرحلة التعاطي معه من خلال التمفصل بين حقوق الإنسان والديمقراطية، وإبراز هذا التمفصل من خلال اقترانه بالاشتغال على المؤسسة التشريعية. وليس فقط بالمؤسسات والهيئات المعنية بحقوق الإنسان مباشرة، سواء على مستوى الحكومة أو المؤسسات الوطنية أو الهيئات المدنية.
البرلمان وحقوق الإنسان كتاب يتيح لقارئة التعرف على مجالين: مجال حقوق الإنسان بمرجعياته وآلياته ومجال البرلمان بمنجزه وحصيلته، والكاتب اختار التماس بين المجالين بجعله حقوق الإنسان موضوعا للرصد وللتتبع فيما أنتجه البرلمان.
طبعا من يعرف إيقاع العمل داخل المؤسسة التشريعية يدرك المشاق المحيطة بالاشتغال على تلك الحصيلة، فمساءلة الحصيلة التشريعية من زاوية حقوق الإنسان يعني افتحاص حصيلة العمل الرقابي والعمل التشريعي في مجموعها على مدى 5 سنوات عمر الولاية التشريعية، ما طرح من أسئلة شفوية وكتابية وما صدر من تشريعات وقوانين عن مجلسي البرلمان، مجلس النواب ومجلس المستشارين.
وهذا الافتحاص وإن حدد موضوعه في علاقة بحقوق الإنسان، فالعملية لا يمكن أن تتم وتكتمل إلا من داخل الاشتغال على مجموع الحصيلة ليتم التوقف عند الأسئلة والقوانين  ذات العلاقة بحقوق الإنسان.
وقبل أن يباشر الكاتب ذلك مهد له بالتعريف بفكرة حقوق الإنسان برصد سياقاتها السياسية المؤطرة بالخروج من أزمنة الحرب، وبالمرجعيات الأساسية والنصوص المؤسسة وبالامتدادات اللاحقة
وهذا الكتاب وإن حصر اشتغاله على حصيلة الولاية العاشرة، فالاستفادة من محتوى الكتاب ستظل قائمة باستمرار، لكون تركيبة البرلمان متغيرة بناء على مبدأ التمثيلية، والملتحقون الجدد من أعضاء البرلمان سيجدون دوما في هذا الكتاب مصدرا يتيح لهم النفاد لما تفرق في مراجع كثيرة، سيتعرفون على المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، من انبثاق المسار وجرد وتقديم النصوص المرجعية والتوقف عند المبادئ والخصائص، إلى مباشرة التعريف بالإطار المرجعي لعلاقة البرلمان بحقوق الإنسان دوليا وأوربيا وإقليميا ووطنيا..
ولأن الكتاب يتيح للقارئ وضع  اليد على حصيلة الولاية العاشرة في علاقة بحقوق الإنسان على مستوى التشريع من جرد وتقديم لمقترحات القوانين وبمشاريع القوانين والاتفاقيات الدولية، مرورا بالحصيلة في علاقة بآليات المراقبة من خلال الأسئلة البرلمانية، والمهام الاستطلاعية والمبادرات الموازية ولجان التقصي ومناقشة الميزانيات الفرعية من زاوية حقوق الإنسان، وصولا إلى مختلف المبادرات الموازية للبرلمان في مجال حقوق الإنسان، حيث توقف المؤلف عند اللقاءات التشاورية والندوات واللقاءات الدراسية والعرائض واللجنة الموضوعاتية المؤقتة حول المساواة والمناصفة، بالإضافة إلى مستويات العلاقة بباقي المؤسسات الدستورية.
ولأن الكتاب يتيح هذا الحجم من المعطيات والتكثيف في تقديمها، فإن هذا الرصد والتوثيق يفترض أن يعزز الطموح عند الباحثين الشباب لتطوير المقاربات الكيفية لاستقراء ما تضمنه الكتاب من رصد ومن معطيات كمية تخص الولاية الحكومية العاشرة. لأن متن الأسئلة بعد الجرد والتصنيف المتاح يحتاج إلى أبعاد أخرى تعمل على الافتحاص النوعي لتقييمها من زاوية حقوق الإنسان وترتيب مستويات التواتر والجودة  بناء على شبكة قراءة دقيقة، ضمن علاقة مقارنة بين المجلسين وبين الأغلبية والمعارضة وعلى مستوى كل فريق ومجموعة نيابية، كذلك ينبغي أيضا انتقال البحث بشأن القوانين من مستوى الملاءمة إلى تقييم  الأثر.
يمكن أيضا توقف الفاعلين والباحثين عندما تضمنه المحور الذي تضمن التحديات، سواء في علاقة بدينامية الأسئلة أو بتفعيل أهداف الفصل 160، أو بمقترحات الترصيد والتطوير، وعناصر المناقشة المقدمة ضمنها، لجعلها منطلقا للمساءلة والبحث.