تخيلت أنك ستزيد من ميزانية التلفزات المغربية العمومية بما يرقى بجودة إنتاجها، وأنك ستسهر على الرفع من جودة الإنتاج المغربي على الأقل بالحرص على توفير الدفعات اللازمة لتمويل الأعمال التلفزية في حينها، وأنك ستحرر الإعلام ليصبح لدينا تلفزات خاصة، كثيرٌ من التلفزات الخاصة المتنوعة والمتنافسة في ما بينها في الجودة، لأننا بقينا -ربما الوحيدون مع كوريا الشمالية- الذين ما زلنا لا نملك أية قناة تلفزية خاصة. تخيلت أيضاً أنك سترفع من الدعم المخصص لإنتاج الأفلام السينمائية المغربية لنصنع أفلاما كما نحلم بها وكما لدينا القدرة الذاتية لصنعها لولا قلة التمويل، ولنصنع كثيراً كثيراً من الأفلام. تخيلت أنك ستدعم بالتمويل توزيع أفلامنا في الخارج لأنها رافد أساسي من روافد الثقافة المغربية ولأنها صورة البلد ووجه رعايته للاختلاف وإيمانه بالتعدد وحرية الرأي وواحدة من أهم الديبلوماسيات الموازية لوطننا. تخيلت أنك ستخصص مبالغ محترمة لترميم القاعات السينمائية ولإحداث قاعات جديدة في المدن الصغيرة والقرى وأنك ستعطي دفعة للقوافل السينمائية لتجوب المداشر والدواوير النائية لأن مجتمعنا محتاج لأن يرى وجهه في المرآة ليعرف نفسه، ومرآة المجتمع سينماه. وتخيلت أنك.. وأنك.. وأنك.. وأنك... ولكنني للأسف الشديد خُذِلْتُ. ليس فقط منك لأنني أعرف قدر حبك للإبداع والسينما وحرية الفكر والرأي والتعبير وتصريحاتك كفيلة بإثبات رأيي. بل خُذِلْتُ أكثر وأكثر من خيالي.
ولك مني السلام.
عبد السلام الكلاعي، مخرج سينمائي