لم ينفع صدور قانون 91.15 المتعلق بمنع التدخين في الأماكن العمومية منذ 1991 حيث ظل جامدا لأكثر من 20 سنة بسبب ضغط لوبي تجارة التبغ الذي وقف ضد إخراج المراسيم التطبيقية لهذا القانون كما لم تفلح حركات المجتمع المدني يدق ناقوس الخطر ولعن المنكرباللسان وبأضعف الإيمان. لم تجد إذن كل هذه الجهود في القضاء على هذه الآفة والسيطرة على سحر السيجارة ومخاطرها المتعددة بعدما تبين أن 90 في المائة من الإصابة بالسرطان تعود إلى التدخين الذي هو أيضا وراء 42 في المائة من أمراض الجهاز التنفسي و15 في المائة من أمراض القلب والشرايين، كما أن 60 في المائة من المغاربة يهددهم التدخين السلبي في الأماكن العمومية. لكن لا يمكن مع ذلك أن نرمي الجمرة الحارقة في ملعب لوبيات تجارة التبغ وحدها رغم تماديها في غياب النصوص التطبيقية المذكورة في الدعاية في الآونة الأخيرة في تعلم طريقة "التجعيب" مبشرة المدخنين بشرف الافتخار بإبداع تلفيف وصنع السيجارة بأنفسهم من دون معلم، بل ينبغي مساءلة حكومة بنكيران بالدرجة الأولى التي تغمض عينها عن المنكر مفضلة المراهنة في قانون المالية 2014 على ما يتوقعه من مداخيل من بيع السجائر ومشتقاتها تصل إلى 8 ملايير و193 مليون درهم (أي ما يعادل 820 مليار سنتيم). وبالتالي فإذا كانت "البلية" قد تمكنت في المدمنين على التدخين، فلماذا لا نقي غير المدخنين، على الأقل، من الخطر المحدق بهم في الأماكن العمومية. لقد جربت الدولة العصا الغليظة في حماية الملك العمومي من الاحتلال وتحريره لجعله فضاء مشتركا يتملكه الجميع، حفاظا على الجمالية والرونق المعماري، فلماذا لا تجرب الدولة نفس العصا في حماية المحلات العمومية من سموم التدخين حفاظا على سلامة وصحة غير المدخنين؟
مصطفى لبكر