عبد النباوي: مدونة الأسرة أصبحت غير كافية والتجربة كشفت عدة عوائق

عبد النباوي: مدونة الأسرة أصبحت غير كافية والتجربة كشفت عدة عوائق محمد عبد النباوي
أكد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على أنه بعد مرور قرابة العقدين على تطبيق مدونة الأسرة، وبالنظر لما تعرفه حقوق الإنسان من دينامية مضطردة في ظل مجتمع يتطور باستمرار في اتجاه تعزيز مكانة المرأة، ودعم حقوق الطفل، بات من الضروري تقييم نجاعة أحكام المدونة في حماية الأسرة من جهة، ومدى ملاءمتها لمبادئ المساواة، والمناصفة التي نص عليها دستور 2011 من جهة أخرى. 
وأضاف في كلمة له بمناسبة المشاركة في الندوة الوطنية حول: "المساواة والعدل في الأسرة المغربية" التي تنظمها وزارة العدل بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين 
يومي الخميس والجمعة 27 و28 أكتوبر 2022  بالرباط، أن هذا "ما يجعل مراجعتها حلقة أساسية في دعم صلابة الأسرة المغربية، وهو ما دعا الملك محمد السادس أن يعلن في خطاب عيد العرش لهذه السنة أن مدونة الأسرة، إذا كانت "قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية، لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها".
وزاد المتحدث ذاته قائلا:" لا شك أن المراجعة ستتوقف على الثغرات القانونية، واختلالات النصوص، كما ستعالج القراءات القانونية والقضائية التي لا تنسجم مع حاجيات المجتمع ولا تمضي في نسق مبادئ الدستور، وستكون قراءة جديدة لمدونة قال عنها الملك أنها "مدونة الأسرة كلها"، مشيرا أنه ينتظر أن تُظلل بعدالتها جميع أفراد الأسرة أزواجا وآباء وأبناء، نساء ورجالا وأطفالا، وستثمر نصوصاً متطورة واضحة لا تحتاج لتأويل يبعدها عن مقاصد المشرع. 
ولا شك أن هذه القراءة، ستستحضر الاجتهاد والعمل القضائي المناسب للمجتمع ولرفاه الأسرة واستقرارها، وستجد حلولا تشريعية واضحة للقضايا الخلافية، وذلك كله في إطار التمسك بمبادئ الشريعة السمحة وانسجاما مع دستور المملكة، تحقيقا للعدل والإنصاف وحماية لأطراف الأسرة.
وأوضح عبد النباوي أن صدور مدونة الأسرة في بلادنا، محطة فارقة في مجال حماية حقوق الإنسان، ولا سيما حماية حقوق المرأة والطفل، حيث عملت المدونة على الموازنة بين روح العصر والتطور، والالتزام بأحكام الشرع، فجمعت في أحكامها بين منظومة الحقوق كما هي متعارف عليها دوليا وبين القيم الإسلامية السمحة والاجتهاد الفقهي الرصين، مشيرا إلى أن هذه المدونة استطاعت تكريس المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات في العديد من صورها، سواء عند إبرام عقد الزواج، حيث أصبحت الراشدة تعقد على نفسها بدون ولي، شأنها شأن الرجل، أو خلال العلاقة الزوجية عبر إقرار المدونة للمسؤولية المشتركة للزوجين تجاه أطفالهما فيما يخص الرعاية والحماية والتوجيه، أو بعد انحلال الرابطة الزوجية من خلال إقرار آليات انفصال توافقية لم يتضمنها قانون الأحوال الشخصية من قبل، تتمثل في الطلاق الاتفاقي، حيث سايرت المدونة المبادئ الدولية في هذا المجال، ولا سيما مقتضيات الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في بروتوكولها السابع. 
عبد النباوي أبرز أيضا أن المدونة أخضعت باقي أنواع الطلاق للرقابة القضائية، حرصا منها على ضمان حقوق المرأة والأطفال في مواجهة طلاق كان يتم بإرادة منفردة للزوج، وسمحت بمساواة الزوجين معا في طلب التطليق للشقاق، مع حفظ الحق في الرجوع بالتعويض على الطرف المتعسف.
ومع اعتماد بلادنا لدستور 2011 عرفت المنظومة الحقوقية منعطفا هاما وتحولا بارزا، تجسد في اختيار المملكة المغربية المضي بعزم وإرادة وثبات في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة. 
وتكريسا لهذا التوجه، أقر الدستور في الفصل 19 منه تمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في الدستور، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها، على أن تسعى الدولة في كل مشاريعها إلى تحقيق مبدأ المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء.