ابو نعمة نسيب: حكام الجزائر بين حلم الزعامة وواقع تاريخ المغرب

ابو نعمة نسيب: حكام الجزائر بين حلم الزعامة وواقع تاريخ المغرب ابو نعمة نسيب
منذ استقلال الجزائر ووصول الإنقلابي بوخروبة ( هواري بومدين ) إلى السلطة مع كمشة من الشباب الحالمين المزهوين باستقلال ممنوح عن طريق استفثاء تقرير المصير، دخل هؤلاء الشباب الغر في أحلام أقرب إلى المستحيل أن بامكانهم إقامة امبراطورية الزعامة في شمال أفريقيا مهيمنة على ماحولها فقط ثم فقط لان تحت ايديهم مساحة شاسعة من الأرض صنعتها لهم فرنسا ولأنهم يملكون النفط والغاز كمادتين مذرتين للمال الوفير وللعملة الصعبة ....وكان المغرب بالنسبة لهؤلاء الحالمين العقبة والبلد الذي سيشكل عليهم خطورة حاضرًا ومستقبلا بفضل تاريخه وحضارته وكتلته البشرية وتجربته كحاضنة لامبراطوريات متتالية وخاصة ملوكه الذين يشكلون الخيط الرابط بين ماضيه وحاضره. وهنا مكمن الخطورة، فأرادوا أن يتغذوا به قبل أن يتعشى بهم أو هكذا صورت لهم احلامهم، فتقسيم المغرب سيضعفه حسب منظورهم وسيجعله ينسى أراضيه الشرقية كما انهم سيضعونه تحت هيمنتهم إلى الأبد ، لكن هيهات فقد نسوا أهم معطى يختزن الماضي بالحاضر والذي سيقوم على عاتقه صنع المستقبل أنه الشعب المغربي الحي مكمن القوة ...فبدا الصراع الذي سيكون أبديا و لامفر من ذالك العقل المغربي أو الساسة المغاربة الى وقت قريب كانوا أكثر اتزانا واحلامهم لا تتجاوز حدود الخروج من بؤرة التخلف وخلق محيط جغرافي متعاون ومتضامن للدفاع عن مصالح المنطقة في اطار اتحاد مغاربي يضم الجميع كما حلم به الاسلاف ... لكن الشباب الحاكم في الجزائر والارعن آنذاك و المقبور القذافي كانت لهم نظرة اخرى عكس حكمة الكبار الحسن الثاني ولحبيب بورقيبة رحمهم الله . لقد استمر التفكير المغربي المعتدل والعقلاني مدة طويلة عسى أن تتغير المعطيات ويفهم حكام الجزائر انهم بالغوا في غيهم فيعودوا إلى جادة الصواب لكن عندما يعمى البصر وينطفئ نور البصيرة ويطول الألم فكي الجرح وخلع الضرس وحتى بثر العضو المتعفن يصبح ضرورة لا مناص منها. 
المغرب العاقل والمتعقل الذي كانت تعرفه الجزائر في مامضى من العقود قد ولى وانتهى وحل جيل جديد استحضر التاريخ القديم بكل امجاده واخفاقاته وملابساته فوصل إلى قناعة راسخة أن المغرب الإمبراطورية لابد من إعادة أحيائها لأن العالم الآن وزمن العولمة لايعترف إلا بالقوي ولو ضالما فكيف أن كان صاحب حق . 
على كل مغربي ان يعلم ان الصراع هو صراع وجود وليس صراع حدود يعني يا إما ان نكون أو لا نكون وقوة المغرب تكمن في شعبه الذي يجب أن يشتغل بأقصى قوة و 24/24 ساعة بلا كلل ولا ملل  للوصول الى التنمية الشاملة والتحكم في كل مجالات التكنولوجية الحديثة ثم بعد ذالك انهاك الجزائر وتقسيمها واخضاعها نهائيا لا مفر من ذالك. الجزائر خطر قائم الان ومستقبلا ومن يقول اخوة وتاريخ مشترك ووو فهو طوباوي العقل و حالم . هي مصطلحات للاستهلاك لاتسمن ولاتغني من جوع مصطلحات تصلح للمجاملة في الحفلات والمؤتمرات الجزائر ان لم نتغذى بها ستتعشى بنا يوما وبلا رحمة هكذا ببساطة، ولن تردعهم إخوة أو دم أو دين او لسان واحد أو قرابة ،  وقد اثبتت العقود السابقة هذا المعطى، مات المئات من المجاهذين المغاربة المتحمسين لقضية الجزائر ومنحناهم وقت الشدة اللجوء والطعام والسلاح وفضلنا أن يبقى جزء من أرضنا مقتطعا حتى لا نطعنهم في عز حربهم مع فرنسا. لأن المغربي لم يكن يتصور لحظة ان اللاجئ الذي يقتسم معه بيته وطعامه سيطعنه بمجرد نهاية مصيبته ، فبمجرد حصولهم على الاستقلال أرادوا تقسيمنا واركاعنا وعلينا ان نؤذبهم بدرس لن ينسوه العمر كله كما فعل اجدادنا قديما ولن يكون الا بتقسيم الجزائر وإخضاعهم الى الأبد ، لا أخاف على المغرب من منافسة او مزاحمة جزائرية مستقبلا فطاقات الشعب المغربي على العمل وقدراته العقلية وذكائه وامكانياته على الابداع لا يطولها العقل الجزائري وحتى المغاربي ، وهذا مايفسر هيمنة اجدادنا على المنطقة لقرون فمن الان فصاعدا الهوة ستتسع بين المغرب والجزائر في شتى المجالات وخاصة بعد نفاذ بترولهم وغازهم سيصبح الفرق يقاس مستقبلا بالسنوات الضوئية كما ان هذا الشعب الجار هو شعب بذون هوية وفنيان وغبي بشكل مثير اكيد سيخرب بلده بغباءه ولابد من قوة حقيقية رادعة وقوة ذكاء بها حزم تلجمه وتضعه تحت الحجر حتى لايدمر نفسه ويؤذي ماحوله، فامن المنطقة وقيادتها هي مسؤولية مغربية خالصة أولا وأخيرا، أنا أحد الذين أصبحوا يعارضون بشدة مقترح الحكم الذاتي كما أعارض بشكل أشد أي مفاوضات سواء مباشرة أو غير مباشرة مع عصابة انتجها غباء القذافي وتبناها بوخروبة البدوي ، فلا مجال للتفاوض مع شرذمة اقرب الى جماعة قطاع طرق ، ومافيا مدعومة لان هذا يعطيها شرعية لاتستحقها لا بالحق ولا استحقتها بقوة السلاح ،  كما ان مقترح الحكم الذاتي هو مقترح وان كان هذفه اظهار حسن النية والرغبة في طي نزاع مفتعل قد يضر بالجميع فانه في نفس الوقت يضر بالمغرب كثيرا ويخلق ميز بين المغاربة،  فالمغاربة سواسية تحت الدستور وتحت القانون الذي ارتضوه لنفسهم ولا مجال للامتيازات فلا فرق بين ريفي أو سوسي أو صحراوي او امازيغي أو دكالي أو يهودي إلا بقدر عطاءه كفرد لبلده ، والتزامه بوطنيته ومذى حبه وارتباطه بهذا البلد، أما أن يمنح حكم ذاتي هنا او جهوية هناك فسيكون بداية لشرخ مؤذي على المذى البعيد ، القول الفصل الذي اعجبني كثيرا والذي عبر حقا عن ارادة المغاربة هو (الصحراء مغربية الى ان يرث الله الارض ومن عليها) فلا مجال لشيئ اخر غير السلاح لمن لم يعجبه الامر فسيادة المغاربة على أرضهم لا تناقش سلما أو حربا، مرحبا بالجهوية الموسعة ولتكن البداية من الصحراء المغربية كنموذج تجريبي ...ان تسير كل جهة نفسها وتستغل امكاناتها وتعبئ طاقاتها البشرية لخدمة وتنمية جهتها بما فيه صالح سكانها والكل يصب في خدمة الوطن الواحد ككتلة جامعة والجهة او الجهات التي تعرف عوزا أو تقصيرا تدعم من باقي الجهات الغنية حتى تنهض في اطار تضامني وتشارك وطني يحفض للجميع حقوق المساوات وتكافئ الفرص في ثروات البلد مرحبا بجهوية موسعة يشعر فيها المواطن شمالا أو جنوبا شرقا أو غربا أنه عنصر هام وفاعل في جهته وأنه منتفع من خيراتها وأنه يشكل من خلال نفسه كفرد ومن خلال جهته كجغرافية جزء مهم و مكمل ولا غنى عنه داخل فسيفساء أكبر متتعدة الألوان والأشكال إسمها المملكة المغربية الشريفة. 
ابو نعمة نسيب - كريتيبا - البرازيل