الطيب دكار: "الجزائر تبحث عن إنشاء قندهار جديدة في المنطقة العازلة" (15)

الطيب دكار: "الجزائر تبحث عن إنشاء قندهار جديدة في المنطقة العازلة" (15) الطيب دكار والمعبر الحدودي الكركرات
أكد الطيب دكار، المدير السابق لمكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بالجزائر العاصمة، أن السلطات الجزائرية، سجلت إخفاقا سياسيا وعسكريا كبيرين  على إثر العملية العسكرية المغربية في الكركرات التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن البوليساريو ما هي إلا ورقة ضغط تستعملها الجزائر لإنتاج التوتر، كلما تأكد لديها أن ديبلوماسيتها عاجزة عن مواجهة المبادرات المغربية لحل النزاع بالطرق السلمية والسياسية.

وفي هذا الصدد، يقول الطيب دكار: "بعد الهزيمة الكارثية بالكركرات والفشل المرير الذي تلقته بمجلس الأمن (القرار 26.02)، لم ننتظر  طويلا لتتضح أمامنا، وعلى نحو متصاعد، المخططات غير المعلنة للجزائر في الصحراء المغربية. وذلك بتبنيها لاستراتيجية جديدة، فيما يتعلق بتدبير قضية الصحراء المغربية، ومن خلال رغبتها في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، حيث اتضحت نوايا الجزائر في فتح مركز حدودي جديد بين "جمهوريتها الوهمية" وموريتانيا، بدعوى النشاط التجاري بين الجمهوريتين. وبعبارة أخرى، إن الأمر يتعلق هنا بإحداث قندهار جديدة، في المنطقة العازلة، تتحكم فيها البوليساريو، على النحو الذي شاهدناه في الكركرات، التي طرد منها نشطاء البوليساريو بسبب عرقلة الحركة التجارية".
وحسب المعطيات التي استند إليها الخبير المغربي الطيب دكار، فإن الجزائر كانت تهدف من خلال مخططاتها في الكركرات استدراج المغرب قي حرب، أولا لإنهاء العملية السياسية التي حقق خلالها المغرب مكاسب مهمة، وثانيا لاستنزاف المغرب وعرقلة نموه الاقتصادي واستقراره الاجتماعي. وهذا ما يفسر قرار الجبهة، الذي ليس إلا قرارا لجنرالات الجزائر، بالخروج من اتفاق إطلاق النار والعودة الخيالية إلى الحرب.
ويوضح صاحب كتاب"الجزائر/ اللاستقرار السياسي يطيل أمد القطيعة مع المغرب" بعض سماة العداء المستحكمة في صدور المسؤولين الجزائريين، وعلى رأسهم الديبلوماسيين الذي يوغلون، عن عمد، في إظهار الشراسة كلما تعلق الأمر بالمغرب، ما دامت "مناهضة المغرب" هي  العنوان العريض للميثاق الديبلوماسي الجزائري. يقول المؤلف: "يهدف مهندس الدبلوماسية الجزائرية، رمطان لعمامرة، الذي عايش العديد من "المبعوثين الخاصين"، إلى تمكين الجزائر من استرجاع وهجها الديبلوماسي الذي كان لها في سنوات الرصاص"، حيث اتهم المملكة، بعد إقدام المغرب على طرد مرتزقة البوليساريو من الكركرات، بعرقلة حرية حركة المركبات التجارية في فضاء إقليمي لا حقوق لها فيه، كما قال في مراسلة إلى المنظمات الدولية".
بل الأدهى من ذلك أن الجزائر لا تترك مجالا للشك في حقيقة نواياها حين تطالب الأمم المتحدة بتجريد المنطقة العازلة من السلاح، وأن ذلك يشكل حجر الأساس في أي عملية سياسية ذات مصداقية تهدف إلى "إيجاد حل سلمي للنزاع". هذا هو الابتزاز الجزائري للأمم المتحدة، وهو ابتزاز بطعم التحايل ما دام العسكر الجزائري قد أدرك أن القوات المسلحة المغربية في كامل جاهزيتها لحماية أراضي المغرب من كل عدوان، فضلا عن قدرتها على مواجهة أي مخطط خبيث لزرع القلاقل في المنطقة، وتحويلها إلى محضنة للإرهابيين وتجار السلاح ومهربيه. ولعل هذا ما جعل مجلس الأمن يسجل بإيجاب العملية العسكرية المغربية لتأمين المعبر وتسهيل حركة مرور البضائع والشاحنات بين المغرب وموريتانيا. 
يقول الخبير المغربي: "ما دام مجلس الأمن قد حيى قيام المغرب بإعادة حرية تنقل الأشخاص والممتلكات بالمركز الحدودي الكركرات إلى سابق عهدها، فإن الديبلوماسية الجزائرية، وبطلب ملح من البوليساريو استغرق أسابيع عديدة، مارست ضغوطا من أجل الحصول على "قرار مماثل" في المنطقة العازلة، وبالتالي إقامة مركز حدودي جديد مع موريتانيا، يقع تحت سيطرة جمهورية الموز للبوليساريو، مما سيسمح للعصابات المسلحة بمخيمات تندوف التحرك بحرية في هذه المنطقة، والأدهى أن الجزائر تريد توفير الحماية الأممية لهذه المنطقة.  ".
بعد فشلها في الكركرات، حشدت الجزائر كل طاقتها لاستدراك ما فات واستعادة المبادرة من أجل تفعيل مخططها. حيث أطلقت الجزائر إعلامها الدعائي من أجل "التبشير" بفتح أول معبر حدودي بري بينها وبين موريتانيا، في خطوة قالت إنها تهدف "إلى تعزيز المراقبة الأمنية للحدود بين البلدين في منطقة تعتبر مرتعا للإرهاب والتهريب"، والحال أنها خطوة أقدم عليها العسكر الجزائري لطمس الفشل الذي مُني به في الكركرات بعدما أنهى التحرك العسكري المغربي الأعمال الاستفزازية لانفصاليي البوليساريو الذين أغلقوا معبر الكركرات في تحد سافر لقرارات مجلس الأمن وللشرعية الدولية، وانتهاك صارخ لوقف إطلاق النار.
وأضاف الخبير المغربي قائلا: "للتذكير، فقد طالبت الجزائر، في طعونها القانونية الأخيرة أمام مجلس الأمن، بانسحاب المغرب من الكركرات، حتى تتمكن من إقامة الفوضى وأنشطة غير مشروعة بكل أنواعها في هذه المنطقة. فيا له من هدف نبيل لبلد تقدمي مسؤول !"، يقول الطيب دكار الذي تابع قوله: "إنه المغرب، الذي طرد مجرمين من الكركرات، هؤلاء الذين كانوا يمارسون التهريب والاتجار في البشر  بين المغرب وغرب إفريقيا وجنوب الصحراء، هو من اتهمته الديبلوماسية الجزائرية، التي تحلم تأسيسا على مواقفها الشريرة باستعادة الزعامة الديبلوماسية إفريقيا وعالميا، بخرق اتفاقية إطلاق النار، وليس المجرمين".
وقال: "بينما يراكم الفريق الخاص للعمامرة الهزائم الديبلوماسية، الواحدة تلو الأخرى، فإنه لا يتراجع أمام أي شيء، للإبقاء على التوتر في المنطقة، فهذا هو السلاح الوحيد الذي في يد الجزائر لممارسة الابتزاز ضد المنتظم الدولي. ومن مختلف الزوايا ، فإن الجزائر يشار إليها حاليا بالأصابع، سواء  أفي مجلس الأمن أم على مستوى الاتحاد الأوروبي، أم أيضا في العالم العربي وإفريقيا، على أنها منبع عدم استقرار المغرب العربي وأوروبا. ذلك أنها بإقدامها، بشكل انفرادي، على عرقلة تمويل أوروبا بالغاز، عبر خط أنابيب بطاقة استيعابية كبيرة، تستجيب لحاجيات الأوروبيين، فإنها نقضت كل التزاماتها نحو أوروبا بسبب المغرب الذي كان قد أعلن عن إرادته في تجديد العقدة. إن "القوة العظمى" في المغرب العربي وأوروبا، التي ينقصها الحليب والدقيق، ما زالت لا تميز بين السياسة والمصالح الاقتصادية، حتى في الوضعيات  التي يمكن أن تكون ضارة لها".

 ترجمة: أنفاس بريس