هشام فاضل: نحن في حاجة إلى هيأة إنصاف ومصالحة مع المعاق المغربي

هشام فاضل: نحن في حاجة إلى هيأة إنصاف ومصالحة مع المعاق المغربي

لما حصلت على الباكلوريا أردت التسجيل في شعبة الهندسة الصناعية ورفضوا ذلك بمبررات مخجلة مفادها أني «ما نقدرش نجلس على طابلة الهندسة»! ولأتحداهم تسجلت في معهد خاص بـ 1000 درهم شهريا وحصلت على ديبلوم مهندس. وللأسف لم تنتهي محنتي، إذ لما أطلب التشغيل يتم رفض طلبي لأني معاق. يا له من تبخيس واحتقار لأدميتي هذه شهادة هشام فاضل، رئيس جمعية للمعاقين، الذي كشف في حوار مع «الوطن الآن» الفظاعات التي تطال 3 مليون معاق مغربي. لنقرأ الحوار الدامي..

 

حاوره: المهدي غزال

 

+ من هو الشخص المعاق في نظرك؟

- تحدد الإعاقات حسب ما هو متعارف عليه عبر أربعة أصناف رئيسية، وهي الإعاقة الحركية الناتجة عن بتر أو شلل يقوض عضو ما عن أداء وظيفته الطبيعية، والإعاقة البصرية إن كانت جزئية أو كلية، ثم الإعاقة السمعية، بالإضافة إلى الإعاقة الذهنية وهي الأخرى تخضع لتقرير طبي يعين درجة حدتها. إنما وفي اعتقادي الخاص، تظل هناك العديد من الأمراض التي تعد إعاقة في حد ذاتها وربما تكون ذات تأثير أكبر وأخطر من الإعاقات السالفة الذكر، ونحو ذلك داء السكري المزمن والقصور الكلوي والضغط الدموي. فهذه جميعها أمراض تعيق الحياة العادية للفرد.

+ لنبقى في موضوع المعاق المتعارف عليه. كيف تقيم وضعه في المغرب؟

- المعاق في بلدنا وبكل مرارة مازال يعاني من الحاجة لأبسط الحقوق الإنسانية، من «العكاز» إلى الحذاء وما يصطلح عليه عموما بـ«الماتريال أو الحركيات» إلى الإعانة المادية والسند المعنوي. بصراحة «خاصو كشلي».

+ لكن أنتم كجمعيات المجتمع المدني ماذا فعلتم لأجل التحسيس بهذا الخصاص الذي تحدثت عنه؟

- الجميع يعلم بأن فاقد الشيء لا يعطيه، ونحن كجمعيات فاعلة وعلى الرغم مما نبذله من جهد في هذا الإطار لا نلقى التجاوب الكافي من قبل المسؤولين. فكيف يمكن أن نترقب جدوى التحسيس وبلوغ هدف الإدماج في ظل افتقاد آذان صاغية تستمع لمتطلباته اليومية؟ فمن المعاقين من لا يجد مجرد ما يسد به رمقه أو شراء معطف يقيه برودة الطقس. وكل ما يلقاه، في أحسن الأحوال، صدقات متناثرة ونظرات إشفاق بعيدة عن أي عناية جذرية. هذا مع العلم أن الشخص المعاق هو إنسان استهلاكي بطبيعته أكثر من غيره، ويحتاج إلى مصاريف إضافية وزائدة عن الشخص السليم. والمثير في هذا الشق أن كافة الملفات عولجت إلا ملف المعاق وبقي مهمشا من غير التفاتة على قدر أهميته.

+ كيف تنظر للخطوات التي تبدو معالمها لحل مشكل الولوجيات؟

- عن أي ولوجيات سنتحدث؟ ليست هناك مبادرات تستحق الذكر. فكل ما نجده عتبات إسمنتية لصعود الكراسي المتحركة، وغالبا ما تكون عند أبواب الإدارات فقط، أما باقي الآليات الميسرة والأكثر أهمية فلا وجود لها على الإطلاق. وأذكر على سبيل المثال عدم توافر مصاعد وممرات خاصة بالمعاقين مما يجبر هذه الشريحة على تسلق الأدراج مكرهة، ومن لا يقدر على ذلك يضطر للاستغناء عن قضاء أغراضه بنفسه مهما كانت أهميتها سواء بـ«الرشوة» أو «باك صاحبي». أما إن لم يكن في استطاعته الإمكانيتين السابقتي الذكر فـ«تْمْ تْكْرمْ» مصيره. وهنا يجدر التساؤل حول أسباب عدم التفكير في تهيئ مكاتب عند مداخل الإدارات تخصص للمعاقين إن كنا فعلا نتحدث عن الولوجيات. أما مشكل وسائل النقل فحدث ولا حرج، وكم من المعاقين تعرضوا لحوادث مؤلمة وهم يهمون بالصعود للحافلة بسبب علو درج الباب أو عدم اكتراث السائق لحاجتهم إلى وقت إضافي حتى يتمكنوا من بلوغ الناقلة. فمعظمهم يعتبر المعاق عبئا وتذكرته «نوار» لا يستحق معها الاعتبار أصلا. لذلك أشدد على أن المعاناة لا حصر لها ومن جوانب متعددة.

+ أشرت قبل قليل إلى أن المعاق مواطن استهلاكي أكثر من غيره وفي الوقت نفسه هو أقل الناس حظا لضمان مدخول قار. كيف يعيش إذن هذه المفارقة؟

- سأحاول في هذا الجواب ملامسة نقطة تبرز بدقة عمق المشكل، والتي سأتجاوز فيها حالة المعاقين غير المؤهلين لشغل مناصب عمل إلى المعاقين من ذوي الشهادات، والذين تعترضهم حواجز مفتعلة حتى لا يتمكنون من مجرد حقهم في الشغل بل حقهم في الدراسة. وسأنطلق من تجربتي الخاصة، إذ بعد أن حصلت على شهادة الباكالوريا ودراستي لمدة عامين بالكلية أردت التسجيل في شعبة الهندسة الصناعية، لكن وبمبررات واهية ومخجلة منعت من ذلك.

+ ما هي هذه المبررات؟

- «قالو ليك أسيدي باللي مانقدرش نجلس على طابلة الهندسة». الأمر الذي اضطرني إلى التسجيل في مؤسسة خاصة وصرف مبلغ 1000 درهم شهريا كتحدي لما زعموا به إجحافا، ودرست لمدة أربع سنوات إلى أن حصلت على شهادة التخرج. ومع ذلك لم تقف المحنة عند ذلك الحد، بل امتدت إلى رحلتي في البحث عن الشغل، والتي انتهت في كل مراحلها بالإحباط. فما إن أضع طلبا لدى هذه الشركة أو تلك حتى أتلقى الرد نفسه «سير حتى نتصلو بك» دون إخضاعي لأي مقابلة تمهيدية لاختبار كفاءتي. ومنذ سنة 1991 وأنا على هذا الحال. والأكيد أن هناك الكثير من الحالات المشابهة عنوانها التبخيس من قدرات المعاق وتحويل محنته إلى محن تتآمر في تسليطها عليه الدولة والمجتمع انطلاقا من الأسرة.

+ هل معنى ذلك أن مجهوداتكم تذهب سدى في ظل هذا الواقع الذي تراه متآمرا؟

- مهما يكن الأمر لم ولن نعلن انهزامنا وسنبقى على درب النضال. إنما بالمقابل لا يجب أن يكون خلاف بين أي كان حول حقوق مشروعة. ومن العار أن تقدم وعود ونصحى على كذبها كما حدث مع منحة 900 درهم شهريا وبطاقة القطار. أو نستمر في رؤية من يستغل المعاق فقط لغاية مصالحه. وكذا أسر تخجل من وجود أحد ذوي الاحتياجات الخاصة بينها، وامتناع عائلات، كما نعاين يوميا، عن تزويج بناتها مثلا من معاقين دون سبب مقتنع وإن كان طرفا العلاقة على اتفاق مسبق بينهما.

 

إقصاء المعاقين يكلف الدولة 9 مليار درهم

9.2 مليار درهم: كلفة إقصاء المعاقين

55 في المئة من المعاقين: لم يلجوا سوق الشغل

5/1 المعاقين: لم يسبق لهم زيارة الطبيب

32.4 في المئة فقط من الأطفال المعاقين: يستفيدون من التمدرس

12 في المئة فقط من المعاقين: منخرطون في مؤسسات التأمين. المصدر: تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.