هذا المقطع البئيس يوضح بجلاء حالة الطقس الرديء داخل وزارة العدل، وكيف يجري الإعداد لوضع قانون جديد متقدم ومتجدد لمهنة المحاماة، قصد النهوض بها كقطاع حيوي مفصلي في الدولة برمتها، وزارة تشتغل بمنطق السوق الأسبوعي في قرية نائية،"عاجي ودخل"، وزيرها رجل هاو يعمل خارج المؤسسة، لا يملك مستشارين فعليين، ويلجأ للأغيار مستغلا صداقته الملتبسة، وزير يستشير من لا يثق فيهم، يمد للواحد منهم ورقة عليها شيفرة مورس.
وزير يظن أنه سيكتب كتابا مقدسا لا كتاب بعده.
وزير يتحدث بلسان فج سمج وبصوت جهوري منفعل ومندفع لا يوحي بأجواء الحوار والنقاش، وزير لم يتخلص من ثوب السياسي الثائر في وجه خصومه، يتحدث بمنطق "أنا مول الوزارة" ويتحدى المحامين ب32 سنة من ممارسته المهنية، مدة لا تسعفه في التباهي، فالرجل لم يكن من ذي قبل له صيت ولا حس، سجله النضالي والحقوقي خال من أي سطر يذكر، وهو من السياسيين الذين نزلوا بالمناطيد ليلا ورصدتهم الأشعة تحت الحمراء ، يتحدث بنرفزة وغضب كأن الحق في جيبه ومادونه هراء، يجالس محامين همّ بهم وهموا به، لم يثق فيهم ولم يأمنوا له، يتحدث عن صفقة من المصالح، لعلها كانت على مائدة ذلك الحوار المبطن، ربما كانت وعودا بالترشح لنيل مناصب عليا في مؤسسات الدولة، وهكذا توزع مغانم المناصب وتقدم مهنة المحاماة قربانا لتذبح على أعتاب الوزارة.